23 أغسطس 2011

تصدرها الجمعية العُـمانية للفنون التشكيلية بديوان البلاط السلطاني مجلة البرواز: فساد ثقافي أم عورة ثقافية؟ (الجزء الثالث)

ناصر المنجي

     ماذا إن كان أحد أخطاء مجلة البرواز في موضوع يتعلق بسلطان البلاد؟؟!!
     وهذا ما حصل بالفعل في العدد الأول، حيث سنقرأ التالي في الصفحة الـ 124 في خبر، وجزافاً نقول إنه خبر عن فعالية ملتقى "قابوس عمان": "الصور الستة الفائزة في مسابقة قابوس عمان الذي نظمته الجمعية العمانية لفنون التشكيلية". والصحيح هو الصور الست الفائزة، ولكن البرواز وهيئة تحريرها لا يهمهما إن كان الخبر متعلقاً بجلالة السلطان المعظم أم لا فالأخطاء لا بد أن تكون موجودة أينما تولي وجهك، وها هي البرواز تسجل سابقة هي الأولى في السلطنة وربما في الوطن العربي، فلأول مرة في السلطنة يتم نشر خبر متعلق بجلالة السلطان مصحوباً بأخطاء لغوية ونحوية،مع العلم أن الخبر في أربعة أسطر فقط !! والغريب أن الخطأ في أول جملة حيث سيكون في استقبال القارئ حال قراءته للخبر، وبصراحة يسجل للبرواز وهيئة تحريرها هذا الخطأ الذي يحدث لأول مرة في عمان. وقراءة الخبر المتعلق بهذه الفعالية التي رقصت لها الجمعية العمانية للفنون التشكيلية سيصيب القارئ بالدوار ليس نتيجة الخطأ النحوي الذي يسجل لأول مرة في السلطنة في خبر متعلق بجلالته ، بل لعدم انتماء الخبر (إن كان خبراً صحفياً) لأي من الفنون الصحفية، فالجمل المرصوصة لوصف فعالية ملتقى" قابوس عمان " (هل كان هذا الملتقى ناجحاً ؟؟؟) سيحتار القارئ: إلى أي فن صحفي تنتمي؟! هل هي مقال أم خبر أم تحقيق أم تقرير؟!، فالعنوان "ملتقى قابوس عمان"، ومن ثم تبدأ الجملة "الصور الستة الفائزة..........................."، حيث يحمل الخبر من سوء الصياغة ما يصيب القارئ بالقرف والاشمئزاز، فلا أحد يستطيع أن يعرف رأس الخبر (إن كان خبراً) من قدميه (إن كان لهذا الخبر قدمان!). ولا أدري إن كانت كلمة (بورتيرية) التي وردت في الخبر صحيحة أم لا، ولكن صحتها لن تغني ولن تسمن من جوعٍ في هذا الخبر.
    وعند رؤية الأعمال المنشورة في الصفحة المقابلة لهذا الخبر والتي بها الأعمال الفائزة في هذه المسابقة والتي تحمل صوراً لجلالة السلطان سنتفاجأ بعدم وجود نتائج المسابقة ومراكزها وترتيب الفائزين بل فقط الصور دون المراكز وترتيب الأعمال الفائزة فلا أحد يعلم أيها فاز بالمركز الأول أو الثاني... بل فقط توجد الصور مع كلمة "عمل الفنان...".
وهكذا دخلت البرواز تاريخ الصحافة العمانية من أوسع أبوابه كونها نشرت الخبر الأسوأ في صياغته وفي احتوائه على أخطاء نحوية ولغوية ومتعلق بسلطان البلاد ، وربما هو الخبر الأول الذي يتم نشره في عمان في سوء إخراجه الصحفي الذي يعد الأسوأ، ومن أين؟ من جهة سيادية هي الأولى في السلطنة (ديوان البلاط السلطاني) ممثلاً بالجمعية العمانية للفنون التشكيلية وهيئة تحرير البرواز.
***
   
    إن الحديث عن الثقافة في عمان وتحميلها ما لا تحتمل، ودور التطبيل الإعلامي للفعاليات والتصفيق الذي يبدو أن أيادي البعض لا تجيد فناً غيره، وكيل المديح الذي يبدو أن ألسنة البعض لا تجيد سواه،هو أحد أسباب الفشل ، فما الذي يعنيه تراكم الأخطاء لدرجة أنها تصل إلى خبر يتعلق بجلالة السلطان، خبر في أقل من أربعة أسطر والصور المتعلقة بالخبر هي الأسوأ في إخراجها والتعريف بها، وعندما نقرأ خبر تدشين المجلة والوعود وكلمات كبار المسؤولين في الدولة عنها والرعاية الرسمية الكبرى والإمكانيات التي وضعت للمجلة وفترة الإعداد لها لا يكون سوى التقيؤ إجابة عن كل سؤال يتعلق بالمجلة، وإذ يتصفح القارئ المجلة التي بُذِل لها الغالي والنفيس من أجل إنشائها ويقرأ الخبر المتعلق بجلالته لن يسأل القارئ نفسه بعد أن يرى الخطأ عن الذي حدث من أخطاء بل عن الذي لم يحدث من أخطاء حتى الآن؟؟
 ليست الأخطاء هي مربط الفرس أو الحمار، فلا فرق بين حمار أو فرس ما دامت الأخطاء تتراقص بين الأعداد، بل ذلك التهافت الرسمي الكرنفالي على الاحتفاء بمجلة هيئة تحريرها لا تعلم كيف تصوغ خبراً عن فعالية متعلقة بقائد البلاد، والذي تم تدشينه مثلما أسلفنا في الحلقات السابقة بحضور أكثر من مستشار ووزير ووكيل ثقافة وسفير لتكون المحصلة مجلة يصطدم القارئ فيها بخبر مليء بالأخطاء عن قائد البلاد؟؟!!. ومن يقرأ الخطب الرنانة في حفل تدشين العدد الأول من أن المجلة هي الأولى في السلطنة وربما المنطقة التي تعنى بالفنون البصرية سيدرك أن بصرنا وبصيرتنا قد زاغا وأن آلية النقد البناء في ثقافتنا مُغيبة إن لم تكن مرفوضة، وأن الروتين في الثقافة وإصداراتها من أجل الظهور طغى على الإبداع رغم توفر الإمكانيات المادية وغيرها، مجلة توفر لها كل شيء سوى الإبداع والعمل الجاد، ويكفي أن نتذكر كلمة لأحد أعضاء التحرير في حفل التدشين والذي قال : هي واحدة من المجلات الرائدة في مجال الفنون البصرية" مشيرا إلى أنها ستعمل على أن تكون جسرا تربط بين الفنانين التشكيليين في السلطنة ونظرائهم في البلدان العربية والدولية فهل هذه المجلة جسر؟ ويا له من جسر، ومضيفاً: أنها ستصدر في أربعة أعداد بالعام الواحد، ويبدو أنه يقصد أربعة أعوام وكل عام عن أربعة أعوام مما يعدون، فلم نر في العام إلا عددا واحدا مليئا بالأخطاء،  وفي كلمة ألقيت أمام حشد التدشين من مستشارين ووزراء ووكلاء قال أحد أعمدة تحرير البرواز (إن مجلة البرواز بمضامينها الفنية والثقافية تعد إضاءة جديدة تنبعث منها إبداعات فنية صنعتها أنامل فنانين مرموقين في مجلات الفنون التشكيلية المختلفة كالريم والتصوير الزيتي والتصوير الضوئي والخط العربي والنحت والزخرفة والكاريكاتير وفن الأعمال التركيبية وفنون الميديا والتصميم الجرافيكي والجرافيك التقليدي لتزود وتثري الساحة الفنية بالدراسات والمعلومات المتنوعة في هذا المجال ) فيا لها من وعود ويا لها من أمنيات ، فهل ثمة استسهال أكثر من هذا؟.
***

    هل سمعتم بفنان أو فنانة يصف نفسه في مقال نقدي بالتالي:
"وهي فنانة ذات شعور فني دائم التجدد والتجريب، ومن يتأمل أعمالها يكتشف أنها تطورت بأسلوب فني فريد ومنسق منذ معالجاتها للموضوعات الواقعية بأسلوب انطباعي في بداية مشوارها الفني فرسمت الحارات والبيوت الطينية وتصدعاتها.....، كل هذه المفردات عالجتها الفنانة منساقة بشكلٍ لا شعوري نحو التراث ..إلخ" (العدد الأول ص 93).
   لن أسرد المديح الذي كالته الفنانة كاتبة الدراسة عن نفسها، ولكنها مجلة البرواز وأعضاء هيئة تحريرها التي تأبى إلا أن تدخل المجلة التاريخ من أوسع أبوابه (ومن يدخل التاريخ بهذه الطريقة فمعناه أنه طرد منه)، فهل سمعنا بفنان يكتب عن أعماله وينشرها في مجلة يشرف عليها بنفسه؟؟؟!!!. ربما من حق الفنان أن يذكر نفسه في دراسة تاريخية لا أن يمدح تجربته ويكيل لأعماله الثناء في مجلة هو أحد أعمدة تحريرها فذلك لا يقبله عقل ولا منطق، وكأشياء أخرى كثيرة لم تحدث إلا في مجلة البرواز العشرة أشهرية، وصورة غلاف المجلة لوحة تشكيلية لكاتب المقال وأحد مشرفي المجلة!! غير عابئ بأعمال عالمية أو لفنانين عمانيين أسبق وأجدر منه. ألم يكن الأجدر له أن يراجع خبراً عن فعالية مخصصة لقائد البلاد من أربعة سطور بدلاً من أن يكيل المديح لنفسه في المجلة أو أن يوجه أحد أعضاء هيئة التحرير إلى ذلك، وكيف تكون صورة هذا الفنان الشخصية واسمه هو الأكثر حضوراً في المجلة على مدى عددين مليئين بالأخطاء وكيف يكون لهذا الفنان عدة أسماء مختلفة في العدد الواحد فمرة (فلان بن فلان الفلاني)ص2 وفي موضع آخر (فلان بن فلان) ص76ومرة أخرى (فلان الفلاني)، هذا حصل في مكان ما مرة واحدة في العالم وفي مجلة واحدة أيضاً، حدث في السلطنة وفي مجلة البرواز ولم يصدر في مجلة أخرى في العالم، وعلى القارئ أن يتصفح البرواز ليرى كيف للسلطنة أن تدخل التاريخ عبر أخطاء يراها البعض هي الأصح ولا شيء سواها، وعلى حساب ماذا، على حساب عمان.
***
     
     لنتأمل الإخراج في المجلة؟ هل هو إخراج يليق بمجلة تعنى بالفنون البصرية؟
    لن نقول حدِّث ولا حرج بل انظر ولا حرج للإخراج الصحفي، فحجم الخطوط مختلف بين سطر وآخر في نفس العناوين، في كلا العددين، ولا يوجد إخراج ثابت للصفحات يجعل للمجلة هوية معينة، بل إن الإخراج يختلف بين موضوع وآخر في نفس العدد، وفي مدارس الصحافة إن الخطأ في الإخراج الصحفي هو أول مسمار يدق في نعش أي مطبوعة مثلما أسلفنا في حلقة سابقة، لذا سنجد أن المسامير جاهزة لهذا النعش حيث الإخراج يتنافس في السوء بين عددي المجلة ، كاختلاف حجم الخطوط في العنوان الواحد، كما أن العناوين تتشابك مع المواضيع ، وربما الاهتمام بالإخراج الصحفي هو الأهم في مجلة تعنى بالفن التشكيلي كون الإخراج الصحفي يُعنى بالجمال كالفن التشكيلي، وكان الأجدر الاهتمام به بدايةً ونهايةً في المجلة ولندع البرواز تتحدث عن إخراجها الصحفي،عبر تصفحها ، كما أن المجلة سرعان ما تتفتت بين يدي القارئ بعد تصفحها مرة أو مرتين نتيجة لسوء التجليد حيث تبدو وكأنها مجلة خلقت من أجل قراءة واحدة فقط، فما أن تتصفح نسخة حتى تتفتت الصفحات بين يدي القارئ.
***

    يقول الشاعر: من لم يمت بالسيف مات بغيره تعددت الأسباب والموت واحد. وينطبق هذا على مجلة البرواز وأخبارها، فالصفحة التي لم تمت بخطأ في الإخراج ستموت بأخطاء في الصياغة، وإن لم يكن في الصياغة فبالأخطاء النحوية والإملائية، وإن لم يكن في عنوان الخبر ففي محتواه وعلى سيبل هذا الموت لا الحصر في البرواز (المصورون العمانيين يحصدون الذهب في مسابقة آل ثاني الدولية للتصوير الضوئي)، وكان المقصود (المصورون العمانيون يحصدون الذهب في مسابقة آل ثاني) ص 148.
هل سمعنا بمجلة تصدر خبراً في عام 2010 عن فوز تم في عام 2008 ؟؟؟!!!، هذا ما نشرته البرواز عن فوز بدور الريامي بالجائزة الكبرى في بينالي بنجلاديش الدولي عام 2008، ص139 وليس الخطأ في تضمين العدد خبراً من عامين فقط، بل في تغيير اسم بنجلاديش إلى بنجلاديش آسيا حيث ورد في الخبر (وكانت الجمعية العمانية للفنون التشكيلية بالتعاون مع سفارة بنجلاديش آسيا) فهل سمع أحد عن سفارة تحمل سفارة بنجلاديش آسيا؟ ولعل المقصود هو مشاركة الجمعية في بينالي آسيا بنجلاديش ولكن حضور أحد مشرفي المجلة كمشرف عام على مشاركة الجمعية هناك لم يشفع للخبر في أن يكون خبراً دون أخطاء عديدة لا يقع فيها أحد.
    وفي خبر آخر عن قيام الجمعية بتنظيم ملتقىً للفنانين العمانيين والأوربيين ص 126 سنقرأ في نهاية الفقرة الأولى (سيقدمها إحدى عشر فناناً من الفنانين العمانيين) وفي هذه الجملة المكونة من ست كلماتٍ فقط سنرى ثلاثة أخطاء دفعة واحدة فـ (سيقدمها) كان من المفترض أن تكون (قدمها) لأن الخبر في صيغة الماضي وليس المضارع أو المستقبل، و(إحدى عشر فناناً) كان المقصود بها (أحد عشر فناناً) والخطأ الثالث أن عنوان الخبر أورد مشاركة عشرة فنانين عمانيين بينما ذُكر في الخبر مشاركة أحد عشر فناناً ولا ندري من نصدق الخبر أم عنوان الخبر؟! فهل قرأنا في يوم جملة كلماتها ست كلمات بها ثلاثة أخطاء؟!، حدث هذا في مجلة عمانية كأخطاء أخرى لم تقع فيها مجلة قط.
   وفي خبر آخر عن نتائج مسابقة المعرض السنوي السابع عشر ص 132 نقرأ في الفقرة الأولى (أعلنت الجمعية العمانية للفنون التشكيلية نتائج مسابقة المعرض السنوي السابع عشر الذي شارك في هذا المعرض أكثر من ثلاثين فناناً) والأصح الذي "شارك فيه" ولكن كيف لهيئة التحرير أن تحرر خبراً دون أخطاء كما يبدو عند قراءة الأخبار.
ولا نعرف سبب إصرار أسرة تحرير البرواز على ارتكاب أخطاء في كل خبر ففي نهاية الفقرة الاولى من الصفحة 135 نقرأ (بعد ذلك قدمت هدية "تذكارة" للدكتورة راعية الحفل)، وربما المقصود هدية تذكارية، وبعدها مباشرة (ثم تجولت معاليها والحضور في "المحمعرض") ولن نحتاج لابن منظور أو الفراهيدي لنعرف أن المقصود بالمحمعرض (المعرض) مع العلم أن الخبر يتحدث عن مسابقة بمناسبة 23 يوليو!!!!!!!!!.
    وفي الصفحة الـ 128 سنقرأ التالي: (انطلقت مسابقة المعرض السنوي الثالث عشر للشباب تحت رعاية معالي الشيخ عبدالله بن ناصر البكري وزير القوى العاملة مساء يوم الأحد الموافق 11 -10 -2009م وتم افتتاح المعرض في الساعة السابعة من مساء يوم الأحد الموافق 11-10-2009) ولا أحد يدري سبب تكرار الوقت مع العلم أن المسابقة لم تنطلق ذلك المساء بل أعلنت نتائجها!!!!!.
    ولو تتبعنا جميع الأخطاء التي وقعت في المجلة فإننا لن نتوقف مطلقاً، وما ورد أعلاه وما ورد في الحلقتين السابقتين غيض من فيض ندعو الله أن لا تقع فيه مجلة قط لعدوٍ أو صديق ، وليعذرنا القارئ إذا أثقلنا عليه في تبيان الأخطاء، وليعذرنا أيضاً في عدم تبيان أخطاء أخرى قد تكفي لحلقات وحلقات ، وقد تمتد لأسابيع.
***
    ما سبب تراكم الأخطاء حتى تصل إلى خبر يتعلق بسلطان البلاد؟
    هل هو الاستسهال أم وجود طاقم أوهم البعض أنه مؤهل لتدفع الثقافة العمانية الثمن ، أم اليقين بعدم المحاسبة أم ماذا ؟ ثمة حتمالات عديدة ولكن يبقى أن المجلة وفِّر لها ما لم يوفر لمجلة أخرى، فلا أتوقع أن ذائعة الصيت نزوى لها إمكانيات أكبر من البرواز وربما إمكانياتها أقل، ومجلات تصدرها جهات خاصة ومتطوعة لم ترتكب كل هذه الأخطاء ، ومدرسة إبتدائية لم تصدر مجلة بهذا السوء، فأين الخلل؟.
    إن الإشكالية أكبر من هذا وأكبر من أن أطرحها هنا في هذا المقال ويكفي للتاريخ شهادةً أن السلطنة وبحضور مستشارين ووزراء ووكلاء وسفراء دشنت مجلة في أرقى الفنادق وأغلاها بها هذا الكم من الأخطاء وبها خطأ لغوي أو نحوي عن خبر يختص بقائد البلاد فيا للرعاة ويا للمجلة ويا للثقافة ويا للمسؤولين.
*nassertales@hotmail.com

ليست هناك تعليقات: