19 أكتوبر 2010

اختراق مراسلات موقِّعي عريضة الدستور التعاقدي ونشرها

عُمان والتباس مفهوم العمل المدني 

 
      بخلاف المتوقع تعاني سلطنة عُمان شحًّا ملحوظًا مزعجًا تختلط فيه المفاهيم في ما يتعلق بأي ممارسة سوية حقيقية تتعلق بالمجتمع المدني وحقوق الإنسان، وهو ما أثر أثرًا بالغًا في توحيد صفوف المطالبين بالإصلاح والحريات واحترام حقوق الإنسان، إذ يكاد ينعدم الفصل بين الرسمي والمدني، وما تُعرف بمؤسسات المجتمع المدني لا تمارس دورها خارج إطار توجيهات الدولة التي تحركها بالريموت كنترول وتزعزع أي جهود تبذل لإنقاذ أوضاعها المتردية وتبنِّي صوت النقد والدفاع عن حقوق الإنسان والمجاهرة بالأهداف الوطنية المشروعة بعيدًا عن أوهام وتنظيرات المؤامرة والانقلاب.

      وقبل عام قام محمد اليحيائي الكاتب والإعلامي المعروف باقتراح مسودة دستور تعاقدي دعا إلى توقيعها من أكبر عدد ممكن من الشعب العُماني لتُرفع بعد ذلك إلى جلالة السلطان قابوس. شهد هذا المشروع تعثرًا منذ بدايته، وقعه عدد من المثقفين والكتاب والمدافعين عن حقوق الإنسان لكن العدد لم يتجاوز الأربعين من بين ما يقارب ثلاثة ملايين مواطن، ثم أصبح أقل بكثير!.

      ويعيد بعضهم الأسباب إلى أن عريضة الدستور التعاقدي لم تشهد إقبالًا كونها مطروحة على شبكة الإنترنت أولًا، وثانيًا بسبب انعدام أي خبرة في كيفية التعامل مع مطالب شعبية لا تتوسل النهج الرسمي المعهود، وثالثًا لأن الخوف سمة عامة تطبع الأغلبية إلى درجة عدم القدرة على التخلص من هاجس مزمن يربط كل مطلب شعبي بالسياسة وإغضاب الدولة والمعارضة المحرمة.

       وخلال أشهر تداول موقعو عريضة الدستور التعاقدي آراءهم واقتراحاتهم عبر أبردتهم الإلكترونية. ولأن الأمر يفتقر إلى إدارة متفرغة فقد حدثت التباسات كثيرة، وانسحب موقعون وأتى غيرهم، لكن لم يتم أبدًا تداول الموضوع خارج إطار تلك المجموعة إلا باجتهادات فردية قليلة جوبهت بالرفض غالبًا والسخرية.

       وحسب عدة موقعين فإن ما حدث في الأيام الأخيرة يُعتبر اختراقًا يجب فضحه وفضح من يقف وراءه، حيث تفاجأ الجميع بنشر تفاصيل تتعلق بالعريضة وموقعيها على موقع منتدى الحارة العُمانية الإلكتروني. وما دعا إلى ضرورة فضح هذا الاختراق ومن يقف وراءه هو أن من نشر الموضوع باسم مستعار أورد فقرات من المراسلات الخاصة المتبادلة بين الموقعين أعضاء العريضة، مثل نقله حرفيًّا فقرة من رسالة الناشطة السياسية والحقوقية طيبة المعولي التي تعرضت للسجن والمحاكمة سابقًا، والتي كانت أحد المساهمين في لجنة أعادت صياغة العريضة.

    وحسبما يرى عدد من الموقعين فإن القضية هنا لا تخضع لتأويلات كما قد يتبادر إلى بعض من لا يستنكر عدم إفشاء مراسلات خاصة بين مجموعة ينبغي في كل الأحوال عدم إخراجها من حيزها وإعلانها للآخرين إلا بموافقتها، فالمعروف أن بين الموقعين من يوصلون كل شاردة وواردة إلى من دسوهم بين أعضاء المجموعة، ولا شيء يخشى منه الموقعون طالما كان هدفهم وطنيًّا خاليًا من كل ما من شأنه زرع الفرقة والشقاق وينشد صالح وطنهم ومواطنيهم، لكن القضية هنا –حسبما يرى بعض هؤلاء الموقعين- هي ممارسة ذلك وما هو أبشع منه، أي إيهام بقية الأعضاء بالهدف الوطني المخلص والمشترك في الوقت نفسه الذي يتم فيه التنصت عليهم باسم مستعار يتخفى صاحبه به ويلبس قناعه ويوهم الجميع بأن لا علاقة له إطلاقًا بعريضة الدستور التعاقدي.

      ويقول موقعون إن (ط. ر) اسم لشخص وهمي ليس له وجود مثل شخصية الرجل الأخضر، وإن هذا الشخص المختفي أصلًا نجح في أن يخترق المجموعة ويتبادل وإياها حوارًا باسم مستعار، وإنه بعث بطلبات صداقة إلى عدد من ذوي الشأن بالكتابة والتدوين من العُمانيين عبر موقع الفيس بوك واستطاع أن ينال موافقتهم ويتصفح معلوماتهم.

      وماذا بعد؟ -يسأل أحد المدونين مستنكرًا. لهذا الشخص أكثر من ثلاثين اسمًا مستعارًا يكتب بها في ثلاثة منتديات حوارية، وله مدونة ينفث من خلالها سمومه و"أوهامه الوطنية" المليئة بأحقاد الشخص السلبي الذي لا يعمل ويحسد الآخرين على وضوحهم ونشاطهم.

     هو نفسه لا يدري ماذا يريد ولا إلى أين سيصل -يقول مدون آخر. ويضيف أحد الموقعين: هذا الشخص سينتهي في مجتمع التجار العُمانيين، وساعتها سيبدأ في زرع الفتنة بينهم، لأن حيله القديمة ما عادت تنطلي على الكتاب والمدونين. ما عادت حقوق الإنسان محتكرة من قبل مرضى يعتقدون أن الله لم يخلق غيرهم!.

      ويؤكد أحد المدونين أن الأيام المقبلة سوف تشهد منكافات أخرى من قبل هذا الشخص واستغلال ثقة من توهموا أنه صادق وشريك في نقاش جاد. هذا هو العمل الوحيد الذي يمكن لهذا الشخص أن يعمله بعد أن احترق اسمه كلية وانكشفت حقيقته، سيلعب الآن على حبار الأسماء المستعارة –كما يرى المدون الذي يفضل ألا يكشف اسمه هذا الشخص في الوقت الحالي. 

      وفي خضم هذه الملاهي تخفق المحاولات العُمانية المحدودة في توحيد جهود مثمرة على صعيد الواقع، ويهددها التشتت وعدم الاتفاق وعدم الوقوف على أرضية مشتركة مبنية على مجتمع مدني حقيقي يصر على دور فاعل متخلص تمامًا من قبضة السلطة والأجندات الخاصة.       

08 أكتوبر 2010

نشيد الولاء.. أطول قصيدة شعبية في تاريخ القصيدة الشعبية


أحمد العريمي 
إلى ابنتي فاطمة
كم هو مظلم هذا العالم
فاغرسي في كلِّ شبرٍ قصيدةً
وفي كل ظلٍّ نَفَساً.
حتى يتحررَ الحُلُمُ
وينبتَ وردٌ في سياج المعتقلات.

 

"وأنت تحرر نفسك بالاستعارات
فكر بغيرك
من فقدوا حقهم في الكلام
وأنت تفكر في الآخرين البعيدين
فكر بنفسك
قل ليتني شمعة في الظلام".
 محمود درويش

 

هذا نشيدي في الندى
لا من يرتل ما كتبت
ولا بلاد(ن) تمنح الذكرى بلاد
كلما كبرت فـ ظلي المكسور حاصرني الصدى
أو قال لي:
لا تنتظر موتك هنا
في غربتك موتك تعلم كيف ينسى الانتظار.



والبحر يرميني ويصعد خلف ظهري للعدم
كلما رسمت لخطوتي
ما قد رسمت لغربتي قبل الرجوع
أذّن وصلى في دمي
صمت الشوارع
والبيوت اللي تخاف من الألم


أمشي
وتمشي طفلتي بين القصيدة والخراب
أصرخ
أنادي كل من حولي.. ولكن
كل ما حولي سراب.

سميني الحلم وخذيني
لـ جل ما أصعد منك فيك لأولك قبل الوداع
من حكمة البحر انتبهت إن الندى حلم الغمام
وإن البلد
طفلة تنشّف شعرها بثوب الفجر
لو مسّها الشاعر تنام



وإني كثر ما شفت فيك من التعب
ما عدت أحس برغبتي إلا على رمل الحروف.

كم ألف نجمة في دمي تذبل
ويغرق ألف شارع في فمي وأكتب
والملمني حمام وغيم واطيرني شعر واكتب
ويمنحني الندى فرصة
 واسيل من الزهر واكتب



ويجلدني الخطيب الفذّ
وابعثر لحيته واسأل:
لماذا بعتنا ياعم؟؟
واطير من الحبر واكتب:
  [يا رفيق الليل صحرا حكمة الليل الطويل]

ويصحى قربي
 سيدي الدرويش يصحى
مثل غيمه من هديل



شفت ما شفت وتعبت.
طفل يمشي يسحب الشمس بظِّلاله
وشفت عاشق ما يغني
يحمل البحر فـ خياله
يعصره للغيم ويسأل
وتتدرّج كم مدينة من يديه ومن سؤاله
كيف نغسل عن جفون الورد دمعه
والذهب رمز الولاء؟


كيف نوصف للنشيد الحر أسرار الفراشة
واحنا نرسم في شواطي البحر
منفذ خارطة هذا الهباء؟
ولو قدرنا كيف نقدر ننسى تجار المنافي
ومذبحة شعب القوافي
وكيف ننسى شايب(ن) كسّر جفونه
يقطف من الليل معدن
ألف شكراً للغناء.



كم وكم نحتاج حتى
نسترد أرواحنا يا صاحبي ونقدر نطير؟
قال مدري
..كل شي يصعد يطيح
قلت يعني؟
قال يعني لا تحاول تستريح
قلت وحدي؟
قال وحدك
ما قدر إلاك يوقف في جبين الريح ريح



طير هات الشمس ندفى
طير واصعد لا نطيح.

طرت من منفى لغيمة
وشفت ما شفت ورجعت.
لارتعاشي في جفونك بحر يشرب غيمتين
غيمتين عيونك أنتِ
وثغرك النهر ويدينك شمعتين
شمعتين
 ونحترق شعر ومنافي ونتعمّد زهرتين



زهرتين
 وصمتك الناي وغيابك شارعين
شارعين
 وننتهي فيك البداية
 نبتدي منك النهاية بحر يشرب غيمتين
وكل هذا الشعر لك



وللمدينة
صمتها وشارع تعمّره المقاهي بالدخان
كيف صار الحلم أكبر من جهاتك!!
يوم قلنا لحارسك يا سيدي
من حكمة النفط انتبهنا للنشيد.
وللقبيلة بيت يكفي من دمي حتى دمي للواقفين بلا ظلال
 [هذي القبائل ما تأمن بالسلام
هذي المدن لامنّها جاعت غريبة ما تلتهم غير الحمام]



وللخطيب الفذّ شكراً
لا تحاول تسرق أهداب النبي
جف دمع الدمع جف ولا أمل غير المسدس للخلاص من الظلام
لا (يزيد) الله فينا ولا (الحسين) ولا (علي)
من سورة الإخلاص تولد في دم الشاعر بلد
(قل هو الله أحد)
ومن هنا يبدأ السلام.



وللمحرر انته انته.
والجريدة فصل ثالث من فصول المسرحية
شرع تثبيت النظام.


وللمغني:
 لا تغني

وللمحارب:
موت واقف
ينحني لصمتك بلد



ولشرطة الأمن السؤال
كيف صار العرش أوسع من بلادي؟!!
كيف صار الأمن دولة تستبيح الاحتلال؟!!



وللشهيد اللي تدلى من غصن غيمة ونام:
كم نحبك يا حبيبي
كم وكم للريح نصعد قافية لعرس الحمام



وللجياع اللي يعضون الألم:
لا تذبلوا.. لا تصمتوا.. نحتاجكم زهر(ن).. ودم
نحتاجكم منَ نزفنا حتى نغني للوطن
أول نشيدة للوطن
وتكون فصحى للخلود



نحتاجكم في لا نعم
نحتاجكم في معنى تفسير الولاء
نحتاج أساميكم تعنون كل شارع يلتفت للبحر ويحب الحياة.



لي عندكم صوتي المدوزن بالرصاص
لي فيكم الديك وصلاة الفجر.
ولي قهوة الصبح ومزاريب المطر
وجيران عاشوا طيبين
لي ذكريات المدرسة
ودفتر لرسم عيون (أمي) وشالها
وأجمل وصايا جدتي وجدي الضرير:
(صلِّ)
وأصلي خلفهم ما قد حفظت من الصلاة



لي ما لكم من مفردات المرحلة
ولي ما لكم من أغنيات.
عضوا الألم لا تذبلوا نحتاجكم زهر(ن) ودم.



شفت ما شفت وسألت

كم وكم يا صاحبي يمكن ويمكن كم وكم نقدر نفسّر
للخليج البحر وللبحر الخليج؟
قال لي تقدر ولكن
كم وكم يمكن ويمكن كم وكم تقدر تدافع عن خطايا الملح في جرح السحاب؟
قلت عمر من الضباب.
قال لي تقدر تفسر حكمة الزهر وحنينك للسراب؟
قلت يمكن. لو قدرت أحمل حضوري للغياب



قال لي: وشبه الجزيرة؟!!
قلت تشربها الرمال
شعب يمشي في القصيدة من شروق الغرب سال
طال هذا الليل طال
كم وكم يمكن ويمكن كم وكم يمكن نحب؟
ويلتفت محمود . أحمد
الشوارع ما تؤدي لأي شارع
ما تكمل أي درب.
وأنت واضح مثل حلمك
مثل نزفك.. مثل حبك للحياة.
وينطفي ويذوب حلم
وأنتِ لا هزك حنين ولا نبت فـ يديك فجر
كلما لحت الصدى رد الصدى صوتي وطاح



عصفور في حبل الغسيل فـ شرفتك
افتحي الشباك خايف
نسر في عيوني يحوم
والغربة نسر
الغربة أسر
الغربة منفى الغربة حرب
والغربة صوت بلا صدى



عدّي الحواجز والمخافر والكلاب
عدّي الجنود الواقفين فكل حلم فكل باب
سَمّي المدن بأسمائها
ولا تشربين الفجر كاس من النبيذ وتسكري
الفجر عرّاف السنين
وارمي ظلالي فكل شبر
للعاشقين نجومهم
وللحالمين الريح شعر.

غصن وحمامة ولون ثالث للألم
واضح(ن) هذا العلم
والصمت يولد من منافي الصمت صمت
والأمر شورى بينهم
غامض(ن) هذا العدم
والله يمنحنا الأمل



والدمع سال من النخيل
الدمع مال
بلل ورودك واذبلت في شعرك الغيم الورود
لا تسجدي للطين لا
الظلم ليل الليل ظلم
واضح(ن) هذا الصواب
تعوي الذئاب
ولا صدى إلا صدى صوت الذئاب
نمشي
تدور عيوننا
نركض/ نطيح/ نقوم/ نصعد للألم
نصنع مراكب من خيال
نبني مدينة من أرق
نرسم على الغيمة مطر
نكبر ونسحب للمواني من ضلوع الليل بحر



وللشمس نرمي خلفنا نجمة نعلمها الشروق
لا تقربين الرمل منفى
والجزر تفرش عيونك
للملوك العابرين من الأغاني للنشاز
شديني اصعد من فم التابوت لأسراب الغمام
ثم اعصريني في فمك جمر وعسل
كم قلت لك اني تعبت من التعب
أعدل جبين الصبح يتساقط عرق
ويرجع صدى صوت الذئاب
من وقظ أحلام الورق.



خلفي الظلام
وفي يميني وفي شمالي والأمام
الليل طال الصبح جفّ
والعمر ما بيني وبيني
يركل أقدامي ويسخر
لا تآمن بالصدف
يا شعبي المسكون همّ
الأرض تحتك جرح ينزف
والمسا في يديك دمّ
شعب يرقص في رصيف الانتظار
كل ما مرت قصيدة قال هذا حلم شاعر
ما يهم هذا لماذا
كم وكم يمكن ويمكن فاتنا صوت القطار؟
يفتحون الليل شرفة
يكنسون أحلامهم للأغنياء.. ويحلموا
ولو مال حلم وجفّ حلم
 وذاب نجم وطاح معنى ومدّ هذا الغيم رمشه
فـ وجه شمس الصبح وغابت يحلموا.
ولو خلف جدران المطر أو في المنافي
 والسجون المزبلة لا بدّ ولازم يحلموا.
و التفت للبحر واصرخ
لا صدى للبحر غيري
لا ولا غيري صداي
يا سيد الملح اختلفنا
شرق غرب الجرح نبني للمواعيد الخيام وننتظر
تفرك حنايانا الكلام
قال لي: لا تترك أحلامك وتمضي
خذ معك ما قلت وارحل للبيوت أسرارها
ما تكبر الأحلام فينا بعد ما تولد تموت
والبحر يضحك للغجر
علّم عيونك كيف تصحى لا تعلمها المنام
ولا تسمع أجراس الجنوب
وزحمة فراغك في الشتاء
واقطف دموعك من جفونك لو قدرت وبلّها
وابحر لآخر ما عصرت من الحروف
وقول لي: كم مرة(ن) طحت ووقفت؟

من قبل لاحلم بالصدى يا تاجر الحزن وركضت
وشلتني مني وطرت
ومن ظلالي طحت فيني ولا صرخت ولا انكسرت
شئت ما شئت وقدرت
العمر لي وحدي ولي
أخطاء زهر الياسمين
وصمت (فياض) الملاك اللّي يعلّمني الحنين
وعيون ظلي
وارتعاش الماء فيني لحلم (درويش) السلام
ولك منك فيك الليل لك
ولك ما رسمت من الحصار وما زرعت من الضجر فينا ولك
خوفك عليك من الصعود
وكل هذا النزف لك
ولك منك لي لي منك لك إنا اتفقنا الاختلاف
كم مرة(ن) لازم أفسّر غربتي
قال الغريب لغربته ورتّب ظلاله للرحيل
عالي(ن) هذا النشيد وساخر(ن) حتى الحذر
ومن خليج النفط حتى أول النفط الخليج أو آخره
أرمي حجر
يرتد لي صمت الحجر
ميلاد والسكة أغاني كلنا نحب الحياة
خمسين عام من الألم
وأمي تخيط أحزانها دمع وصلاة
سبعين عام من السهر
ووالدي يعصر نجوم الليل صبر
ولا نبت في وجهه المتعب سوى نظارته
وزحمة تجاعيد فـ جبينه ما تشدّ الانتباه
واحنا نربّي الصمت يمكن تنولد من زحمة الأحلام كلمة
أو يسيل الصبح من جرح الصدى
شمس وشوارع لاختبار الإتجاه.


واسع(ن) حلم القصيدة وأخضر(ن) مثل الغمام
عاشق يفتش في جيوب الليل عن مقهى وناي
فلاح يحلم بالشروق
صياد يبحر للدفى ويرجع حزين
شاعر يموت ولا يكفن بالعلم
كان يحلم بالزوايا
كان يغريه السؤال
يا سيدي
لو كنت مثلي تشرب الزهر وتعتّق خمرها للعاشقين بلا ثمن
شاعر تحب وتستحي من ظل ظلك لا يغار
لو كنت ربيت الأمل طفل وكبر بين المسدس والحصار
كنت انتفضت فوجه جلادك وقلت:
كلنا نحبّ الحياة
ولو كنت أنا أنت الملك يا سيدي ما كنت صدّقت الرّعاة



هذا حنيني
طفل يركض في الصدى عشرين عام من الخراب
هذا نشيدي
حافي(ن) يمشي ويمشي حامل(ن) سفر الخطايا
واستعارات الذنوب
يحملني مني لو مشيت فـ غيمة(ن) مابللت صوتي مطر
يختار لي موتي ويمضي واضح(ن) مثل الغياب
هذا هنا المعنى تدلى من أصابع غيمة(ن) نامت تغطيها النجوم
هذي خيام النفط يجلدها التعب شقّق ضفايرها التراب
هذا صراخ أجدادنا يلهث على الجدران عذبنا الصراخ
هذا أنا والشعر نصعد في مهب أحلامنا خلف السنين
والصمت حارس لا يمل ولا ينام ولا يموت والصمت أرض الميتين
نسحب عيون الشمس يمكن
يقدر المنفى يفسر لغز صمت الأنبياء
يمكن نشوف الشمس في برج الأسد
تفتح لنا باب النهار. يمكن
ويمكن نشربك يا بلادنا كأس ونغني للنبيذ
[صَبّ العنب من شفتك
أحمر وبللنا وسال
والعطر نام فـ وجنتك
من وين ما ملتين مال]
 يمكن
ويمكن تكسري كل المرايا
ونتبعثر منك فيك ونحلمك
أو نسألك
من خاط لك هذا السواد وبالمآذن قيّدك؟
من ضيّعك يا بلادنا ويـ بلادنا من ضاع بك؟
ردي الصدى
 قولي لهذا البحر لا
وامشي معي.
   
 لا شاعر(ن) إلاي تمشي في قصايده النجوم


أشتاق موتي كلما شفت الحقيقة في عيوني عشب يرعاه العدم
من أولي حتى نهايات الفصول
ما كنت إلا ما كتبت
كلما اشتهيت الفجر غرفة قلت أحبك يا (سما)
من ألف باء الحبر حتى
زرقة عيون البنفسج في دمي قبل الوداع

امضي وكن الشعر ليل أو كن كل الليل شعر
أشعل يديني شمعتين ولا يصدقني سواي
أشرب عيونك وارتوي
وارسم على رمش القصيدة ما حلمت من الكلام
مقهى يدوزن صورتي
ويمطر على المقهى ضباب
من كان من؟
أو من يكون المستحيل؟
كل الوجوه تكسرت
وحدي على المسرح وقفت
حي(ن) أشيعني قتيل
والجسر يبدأ بالنشيد وينتهي بصوت الأذان
والدمع يتناسل إذا
مس الوتر جفن الكمان
والفجر غصن(ن) يابس(ن) في صمتنا
والليل أورق ثم لان
تركض ظلالي وانتبه أركض أخاف من الظلال
لا أرض تحمل جثتي
أنزف ويحملني السؤال
من كان من؟ أو من يكون؟
أو كيف يمكن لو إذا؟ ماذا لماذا؟ هل فهمت؟؟؟
ولا يجاوبني سواي
أربع جهات الليل حلم
وأربع جهات الحلم ليل
وعيوننا تنبت على ضلوع الفقر
والفقر يعني المنحدر
 يعني الضياع المختصر
يعني اتساع الحزن فـ عيون الصدى
يعني الضجر
يعني أداة الاحتمال
ممكن ولكن لو إذا ماذا لماذا هل فهمت؟
ولا يجاوبني سواي
الفقر جلاد الشرف أعظم رموز الاحتلال
والنفط يسقي زهر بستان الوزير
وينبت من النفط الذهب
والنفط يصنع معجزات
يبني شعوب
يرسم خرائط للدول
واحنا أبناء الخليج
تمتصنا عروق الصحاري لاجئين بلا سكن
نحفر ظلام أحلامنا للداخلين الخارجين من القصيدة للندى
والنسر في عرش الملك يحمي السماء من الصعود
والأرض أولها الصدى
وآخر الأرض الجنود
والحب شاعر ما وصف
غير الدموع اللي سكنت جفن التراب
واحنا ثملنا من الصبر
نمشي حفايا للوجع مثل الذنوب
أضيق منافينا الحياة
والحلم يذبل/ أو ينام من التعب
أو يحترق شمع ويذوب
أو ينسى مثلي
أو يحب
يفتزّني لو سال مني لي علي
وقال لي:
لو كنت حلمي كنت كذّبت المغني
وقلت: لا.
في ظل سور المدرسة قبل النشيد
قبل احتضار أطفالنا تحت العلم
بين المسدس والولاء
لو كنت حلمي كنت كسّرت المرايا ألف نجمة
وكنت ظلي في الندى
أو كنت شاعر/ أو فراشة/ أو عطر/ أولا أنا/
 أو أي شي إلا الهباء
لو كنت حلمي كنت قلت لحارس الأحزان فينا:
لا تصدق ما كذبت.
أو قلت له: يا سيدي
لوكنت واحد مننا كانت قصايدنا أقلّ
أو كانت أحلامك أقلّ.

أو كنت حاولت وكتبت
ولونت جدران المدينة بالأمل
لو كنت واحد مننا كنا ملينا وحدتك
كنت استرحت فـ بيت واحد مننا
كلت وشربت ونمت ساعة
وفقت من حلم وضحكت
أو كنت في حزب العمل.. حزب الجياع الطيبين
الطائعين الرافضين
والمخلصين بلا ثمن
النازفين أحلامهم شمس وعرق
عمال تجار البنوك.
والرأسمالية عفن.
 لو كنت واحد مننا كنت انتبهت لصرخة الشعب السؤال: كم مرةً لازم يفتش عننا في عتمة العرش الوطن؟


 نمنا عرايا وانتفضنا وقلنا برد
لحفتنا بغيم الشتاء
لين الشتا فـ أجسادنا مـ البرد جفّ
قلنا تعبنا من الرصيف
قلت افتحوا للصبر نزف
قلنا ثملنا من الصبر
قلت اعزفوا يتناسل الليل ونعيش
هذا البلد طير(ن) كبر من دون ريش
لا تزرعوا أحلامكم
صبّوا قصايدكم غناء.
أصواتكم أخطاؤكم
والبحر بحر/ الماء ماء.

وبلادنا لبلادنا أو للورق
أو للكلاب الأغنياء.
للي بنوا مليون فندق من عرق
أو للصنم شيخ القبيلة ((المحترم))
أو للهباء.
للبحر يمكن/ للألم
أو للضباع اللي سكنت ظِّل العلم
أو للنشيد المستحيل.

والحلم باب المفردات/
شهوة وتر يشرب تفاصيل الكمان
والحلم تفسير العدم للحاملين الشعر في أكتافهم تابوت جمر
لثائرين/ الثابتين/ الصادقين/ الحالمين الأصدقاء
والحلم روح الظِّلّ/ ظلّ الروح/ حارس الصبح الأمين/ عُرف ديك الفجر/ سلّم للدعاء
والحلم كأس من العنب سُكّر تكسر في فمي
لك لا ولاء

والحلم يولد/ ينتفض/ يوقف/ يفتح/ ينتبه/ يضحك/ يطير 
والحلم أول ما قرينا من لغة
والحلم منفذنا الأخير.