‏إظهار الرسائل ذات التسميات تذكرة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات تذكرة. إظهار كافة الرسائل

04 فبراير 2011

بسالةُ الغرقى

مبارك العامري

سَدَنَةُ الرَّداءة
 
هؤلاء الشَّرهون..
الذين لا يتأفَّفون عن النُّباح
كجراء المزابل
المراؤون
الدَّاخلون بوجهٍ والخارجون بوجوه
لعنةُ المجتمعات
وصورةُ المهاناتِ التي تنمو
كالفطر
هؤلاء المعتمون،
المسكونون بالخرافاتِ،
سدنةُ الرَّداءة
وحاملو ألويةِ الضُّمور
والخِسَّة
ستسحقهم،
ذات يومٍ،
أقدامُ النَّاجين من الطُّوفان.
سَوْرَةُ غضب
أنتم
أيُّها الغاطُّون
في غياهبِ التُّخمة
انظروا برهةً
إلى أبعد من أحذيتكم
علَّ إنسانَ العين
يصحو من سُباتِهِ
ويجلو مُحاقَ الغريزة.
وأنتم
أيُّها السَّادرون في الخَدِرِ
الدّيونيسوسي
أزيحوا قليلًا كؤوسكم
المُتْرَعة
وأنصتوا إلى الأنين
الرَّاعف حولكم
فعلى مرمى حجر
يكمن الألمُ بكاملِ عُرْيِه.
وأنتم
أيُّها المربوطون من رقابهم
بأحذيةِ الجنرالاتِ،
المنصاعون بخفَّةٍ
كما دلافينَ مِطْوَاعة،
الغائبون في ثُمالة
الخطابِ الحالك؛
لا يقين لكم
لأن رئة الحُرِّيَّة
لا تزال خضراء.
وأنتم
أنتم..
أيُّها الهامشيّون،
الرَّائعون دومًا،
انفضوا الغُبارَ
عن معاطفكم
فقد أزِفَ الخروج
من حلق المتاهة.
ما آلتْ إليه الصُّورة
ها هم جلَّادو الأمس،
طحالبُ غُدْرَانِنا،
طواويسُ ذَهَبَ ريشُها
أدراج الرِّياح،
ينسلّون من بين الأصابع
كجرذان مذعورة
فيرتصفون عَتْمَةَ المِداد
لِتَرْكُلَهُمُ الفواصلُ
بقدمٍ عرجاء
وتزجُرهُمُ الأفعالُ الآمرة
فيغدون مثلُ طرائدَ نافرة
بينما تستوقفهُمُ النّقاط
الرَّاسخةُ القرار
عند استحكاماتِها
وحتَّى لا تنتفخ أوداجُهُم
خِفْيَةً
تعتصرهم أذرعُ الاِستفهام
فيُريقون آخرَ القطراتِ
من ماءِ آثامِهِم
ثم يهرعون كالبغايا
إلى حيث تجأر الخطايا.
كلُّ يوم
الشاعر العُماني مبارك العامري (تصوير: سالم آل تويّه)
صباحَ كلِّ يومٍ
يخرجون من جحورهم كالفئران
يجرُّون وراءهم أذيالَ خيباتهم
وإرثًا من العُقَد..
أمامهم تتراءى صورٌ باهتةٌ
لأحلامٍ صغيرة،
صغيرةٍ كحبَّاتِ خردل،
يتدافعون داخلَ أحشاءِ حافلاتٍ
تطوي بهم أميالًا مِنَ الإسفلت
المُلطَّخِ بِبُقَعٍ داكنةٍ
خلَّفتها أجسادٌ
عاجلها الموتُ بغتةً
بعيدًا عن أعْيُنِ الأحبَّة
ينسلُّون واحدًا واحدًا
أو يزحفون أرتالًا
إلى حجرات بؤسِهم اليوميّ
يُفتِّشون في زاويةِ الأبراج،
بجرائد الصَّباح، عن وهمٍ
يُرمِّمون به جدرانَ حياتهم
المتصدِّعة..
ويقضون ما تبقَّى من نهارهم
تحت سياطِ المدير.

03 فبراير 2011

الرِّسالةُ التي كتبتُها بالدَّمع

سعيد العويناتي


يا وطني..
يا غارقًا في الوحل.. تبحث عن مرافئ السَّلامةْ..
تعلَّقتْ.. رأيتُ في دمائكَ المخثَّرة..
          براعمُ الطُّفولةْ..
رأيتُها.. ترتسم السِّجْنَ..
          تجوب في أقبيةٍ حزينةْ
رأيتُها.. رأيتُ في دمي..
          تعانق اللؤلؤة الصَّغيرة..
[تقترب الشَّرارة الحمراء..
تزيد من قيثارة الحزن].
تباعدتْ..
تباعدتْ ملامح الرَّجعة..
رأيتُها.. اقتربتْ ثانيةً..
رسمتُها شرارةً حمراءَ..
في واجهة الزَّمن..
ألصقت في خاصرتي يداي.. علَّقتُها..
تشرَّبتْ ملامحي.. تصبَّبتْ.. عرقتُ..
راودتني الأحلام..
هجرتُها.. بحثتُ عن أشعَّةِ القمرْ..
لكنَّني..
سقطتُ كالغريق..
ألهثُ كلَّ ساعة..
بكيتُ.. غرقتُ في مدامعي
         مدامعِ الطُّفولةْ..
هجرتك.. هاجرتُ موطني..
                     صرتُ مضناك..
أكتبُ الرِّسالةَ الدُّموع
أكتبُ الرِّسالةَ الحزن..
                      بلا وطنٍ بقيت..
رأيتُه مساءَ ذاتِ يوم..
وطني سمسارًا.. يبيعه في حانة الخمَّار..
يغرس في أوردة الوطن الشَّاحب الضَّوء..
منشارَه الكبيرْ..
رأيتُه يُبَاعُ –الوطن- بالمجَّان..
وتشتريه جوقةٌ.. سمِّها عصابةٌ..
تلوَّنتْ بيضاء..
كلُّ عينها شرارةٌ.. داخلها عُصارةُ الحقد..
[ها أنذا يا وطني..
أبعثُ في الهواء.. رسالةَ الدُّموع
رسالة الحزن]
أبثُّها للشَّمس.. في وطني الصَّغير..
رأيتُه محاصرًا.. يبحث عن ميلاد..
       يبحث عن ولادةٍ جديدةْ
[بقيتُ بلا وطنٍ داخلَ وطني..
صرتُ.. منفيًّا أبحثُ عن وطني..
           داخلَ وطني
لاحظتُه منطويًا في ورقة.. يبكي..
داخلها..
قرأتُ للسُّلطانِ.. توقيعَه..
والرُّخصةَ التي باع بها الوطن].


فبراير 1973م