29 فبراير 2008

يوم مولدي

اليوم هو عيد ميلادي. تلقائيًّا كل مرة أتذكَّر أغنية ملك العود فريد الأطرش التي كتبها الشاعر الشقي كامل الشناوي؛ تقول الأغنية: "جئت يا يوم مولدي/جئت يا أيها الشَّقي...". لا أتذكر الباقي. ومرت الأيام وملأتني قراءة رواية أمين معلوف "القرن الأول بعد بياتريس" بزهو أعلم أنه يُريد أن يمحو زلَّة الحزن ليس أكثر، حتَّى إنني لم أعد أتذكر كثيرًا أغنية الأطرش، بل أصبحت أردِّد لنفسي ولبعض القريبين منِّي ما كتبه معلوف عن مواليد شباط/فبراير: "ذلك الشهر الحنون الذي ولد فيه قلَّة من النَّاس"!. هل هذا الأمر صحيحٌ يا أمين؟

أعمار تهنِّئها النَّارأعمار تهنِّئها النَّار

إنه هزيع الأوهام. في الحقيقة أنا لست متأكِّدًا من أنَّني وُلدت في هذا الشهر أصلاً. تقول أمِّي إنني وُلدتُ قبل ولادة ناصر بن سليمان، وبالتدريج فهمت منها أن التاريخ يوافق هذا الشهر، وقالت إنها تحوز شهادة ميلادي، ومنذ سنوات كلَّما تذكَّرت سألتُها. البارحة وبالمصادفة البحتة سألتُها مجدَّدًا، سألت زينة فنقلت إليَّ الإجابة: "الشهادة غايبة من سنة سكتوا"!. اعتقدت أن أمي طالما خلطت بين أوراق إخوتي وورقتي تلك التي كنتُ متيقِّنًا من عدم وجودها، لذلك وعندما آن الأوان الضروري لاستخراج جواز سفر ذهبت إلى مستشفى إبرا وقابلت طبيبًا أحمق ففحص أسناني وأعطاني ورقة مدَّتْ عمري سنة أخرى.

البارحة سألت أمِّي مصادفة، إلا أن إيميلاً مهنِّئًا من منتدى فرق ذكَّرني بميلادي: اليوم. الإمكانية الإلكترونية تُصيب بالاضطراب أحيانًا؛ التكنولوجيا وليس البشر، إذ-كما لدى أغلب العُمانيين- يُحتفَلُ بعيد الميلاد الأول فقط، وكي أبقى وفيًّا لهذه الخصلة اعتبرت التاسع والعشرين من شباط/فبراير عيدًا لا يتذكَّره حتَّى صاحبُه، وما كرَّس لهذا أن شباط الحنون ثمانية وعشرون يومًا فقط، وكل أربع سنوات فقط يطول يومًا واحدًا؛ فكرةٌ حنونٌ أيضًا بالنسبة إليَّ أن يختفي تاريخ مولدي ثلاث سنين ويظهر في الرابعة. حقًّا إنه امتياز لا يتوافر إلا لمن وُلدوا في هذا اليوم. نصف ساعة ويبدأ مارس الفاتك؛ إذن فقد بلغت السادسة والثلاثين. على أعتاب الأربعين يبدو العُمر في منتصفه، لكن، وقياسًا على قاعدة مرة كل أربع سنين يبدو المستقبل مُنارًا بشمعة سوداء.

قلت إن طبيب مستشفى إبرا الأحمق ارتكب تلك الهفوة التي أقرَّتها وزارة الداخلية في جواز سفري وأضافت تواريخ تفصيلية كاذبة. مستشفى إبرا وطبيبه "طيزين في سروال" كما يقولون، فبعدها مباشرة ذهبت إلى مسقط لأستخرج للمرة الأولى في حياتي جواز سفر. هذه قصة طويلة بدأ بها اكتشافي المبكر لعنصرية وزارة الداخلية، لكن الآن، وتقديرًا لهذا اليوم الذي سيختفي ثلاث سنين ويظهر في الرابعة، سأتناسى ذلك اليوم الحقود وأُودِّع سنة أخرى في هذا الوطن الأجرد.

على خير وحنين عابر تُصبحين أيتها السنة المنصرمة. في مستشفى "اللعنة" ولدتُ، وأتعجَّب كيف سمَّوه مستشفى "الرحمة". مع ذلك سأضحك من أعماق قلبي، وأبذل النُّكاتَ والغرامَ والشُّموعَ والموتَ القصيرَ لأصحو على عام جديد م... لن أضيف سطرًا آخر. بقيت خمس دقائق. إلى اللِّقاء بعد أربع سنين.

28 فبراير 2008

هل ترضى بأن تلغي وزارة الداخلية اسمك وأن تُجبرك على التَّسمِّي بآخر؟

الأسئلة التي عجزت وزارة الداخلية عن الإجابة عنها

بسم الله الرحمن الرحيم

 فضيلة القاضي الموقر

محكمة القضاء الإداري

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 في البداية يطيب لنا بالأصالة عن أنفسنا ونيابة عن جميع أفراد قبيلتنا (آل تُويّه) أن نتقدم إلى فضيلتكم وإلى عدالة محكمة القضاء الإداري بخالص الشكر وعظيم الإمتنان على حسن اهتمامكم وجميل عنايتكم بدعوانا المنظورة أمامكم الآن والمرفوعة ضد وزارة الداخلية جراء قيام ما يعرف بـ (لجنة تصحيح مسميات القبائل والألقاب والأسماء) التابعة للوزارة المشار إليها في وقت سابق بالإقدام على خطوة غريبة وعجيبة تمثلت في تغيير مسمى قبيلتنا وقبيلة أخرى هي قبيلة (آل خليفين) إلى مسميين آخرين هما (أولاد تُويّه) بالنسبة لقبيلتنا أو (أولاد خليفين) بالنسبة للقبيلة الأخرى المنوه عنها، أو أن نحمل مسمى قبيلة (الحارثي) كبديل عن مسمى قبيلتنا الحقيقي والصحيح وهو (آل تُويّه).

 وكانت عريضة الدعوى المقدمة من قبلنا إلى عدالة محكمة القضاء الإداري الموقرة قد تضمنت بشكل مفصل مختلف الجوانب المتعلقة بهذا الموضوع، مع تفنيد المزاعم والإدعاءات التي جاءت في توصية اللجنة المشار إليها والتي بناء عليها أقدمت (وزارة الداخلية) على اتخاذ الإجراء المتعسف المتقدم ذكره بحق قبيلتنا، بالإضافة إلى إرفاق المستندات والوثائق والأدلة والمبررات التي لا تصمد معها بأي حال من الأحوال مزاعم تلك (التوصية) وكما تعلمون فضيلتكم فإنه وكإجراء من قبل عدالة المحكمة الموقرة، فقد تمت إحالة نسخة من عريضة الدعوى التي تقدمنا بها إلى (وزارة الداخلية) للرد، وقد تسلمنا بعد ذلك رد هذه الوزارة من قبل عدالة المحكمة الموقرة، وبدورنا قمنا بالتعقيب على رد (وزارة الداخلية) والذي خلا من أي شيء له علاقة مباشرة بموضوع الدعوى، ولم يتضمن أي رد أو تفنيد للأدلة والبراهين الساطعة والقوية التي استندنا إليها في رفض إجراء هذه الوزارة المتعسف بحقنا وتبعًا لذلك طالبنا بإلغائه، وكل ما احتواه رد هذه الوزارة هو تبرير تصرفها هذا بأنه داخل ضمن (أعمال السيادة) التي أضفاها القانون على بعض أعمالها.

 واليوم فضيلة القاضي.. ونحن نتواجد هنا بمحكمة القضاء الإداري التي حددت هذا اليوم موعدًا لنظر دعوانا، نلتمس من عدالتكم أن تتكرموا بتوجيه بعض الأسئلة والاستفسارات إلى من يمثل هذه الوزارة والتي نعتبرها على جانب كبير من الأهمية ومن شأن الإجابة عليها أن يبين لنا ما هو الموقف الذي تتبناه (وزارة الداخلية) إزاء الوضع القبلي في سلطنة عُمان، وذلك بعدما أعيتنا السبل في أن نقيم حوارًا مباشرًا مع هذه الوزارة حول موضوعنا رغم كثرة مخاطباتنا وتعدد طلبات مقابلتنا للمسؤولين فيها بدءًا من وزيرها وليس انتهاءً بالقائم بأعمال مدير عام الشؤون المحلية، إذ باءت كل محاولاتنا في سبيل ذلك بالفشل، ومن هنا، فإننا نغتنم هذه الفرصة لتوجيه بعض الأسئلة والاستفسارات من قبل عدالة المحكمة الموقرة إلى مندوب هذه الوزارة، أو تمكيننا من ذلك، وهذه الأسئلة هي: 

(*)- ما الذي دعا (وزارة الداخلية) إلى الإقدام على هذه الخطوة في عام 2006م بحق قبيلتنا (آل تُويّه) والقبيلة الأخرى (آل خليفين) رغم مضي ما يزيد على أكثر من ثلاثة عقود من الزمن على صدور وثائق رسمية بمسمى قبيلتنا هذه والقبيلة الأخرى أقرتها هذه الوزارة ذاتها؟ 

(*)- هل اكتشفت هذه الوزارة فجأة بأنها كانت على خطأ عندما أقرت تسمينا بمسميات قبائلنا الحقيقية، فاتخذت هذا الإجراء لتصحيح وتعديل ذلك الخطأ الفادح الذي اكتشفته؟ 

(*)- لماذا اقتصر اتخاذ هذا الإجراء المتعسف على قبيلتي (آل تُويّه) و(آل خليفين) فقط دون سواهما في منطقة شمال عُمان بأسرها دون أن يطال ذلك بقية عشرات القبائل التي تحمل في مسمياتها كلمة (آل)؟ 

(*)- ما هي المعايير والاعتبارات التي بناء عليها جرى تغيير مسمى هاتين القبيلتين بحيث تأكدت (وزارة الداخلية) من أنها غير متوافرة بالنسبة لهما في حين أن هذه المعايير والاعتبارات موجودة بالنسبة للقبائل الأخرى التي تحمل مسمياتها كلمة (آل)؟. 

(*)- ما هي الأضرار الجسيمة والتبعات الخطيرة التي رأت هذه الوزارة بأنها مقترنة بتسمينا بمسميات قبائلنا الحقيقية حتى ت
سارع إلى إزالة هذه الأضرار ومعالجة هذه التبعات؟
 

(*)- ما هي الإيجابيات والمنافع التي حققتها هذه الوزارة من وراء قيامها بذلك، حتى يتسنى لنا فهم الأمر على حقيقته التي يجب أن يكون عليها، ومن أجل الوقوف على المبررات والمسوغات التي بناء عليها يتم الإقدام على هذه الخطوة؟ 

(*)- لقد اشتملت توصية تلك اللجنة على إدعاءات لا حقيقة لها ومزاعم مغلوطة رددنا عليها تفصيلاً وفندناها بالأدلة والمستندات وفقًا لما هو ثابت في أوراق الدعوى المعروضة أمام عدالة المحكمة الموقرة، وكذلك من خلال مخاطباتنا لهذه الوزارة وغيرها من الجهات الحكومية وكبار المسؤولين في البلاد وفي مقدمة تلك الإدعاءات ما جاء في عنوان التوصية (توصية اللجنة بالرفض) والرفض باعتباره (نتيجة) يتوجب أن يكون ردًا على (طلب) ونحن لم نتقدم بأي طلب إلى هذه اللجنة أو وزارتها أو أي جهة أخرى طالبين تثبيت مسمى قبيلتنا في جوازات سفرنا العُمانية- كما زعمت التوصية- فقبيلتنا ثابتة ومثبتة قبل أن توجد هذه اللجنة ذاتها، فهل لمندوب الداخلية أن يطلعنا على هذا الطلب الذي يُزعم بأننا تقدمنا به؟ حتى تكتسب هذه (التوصية) شيئًا من الصدقية التي قد تبرر هذا الإجراء المتعسف بحق من انصرفت آثاره عليهم؟ 

لقد سبق من خلال عريضة الدعوى المقدمة استعراض ما حوته هذه (التوصية) من مزاعم لا حقيقة لها وإدعاءات غير صحيحة وتفنيد ذلك، وقد لا يتسع لنا الوقت هنا لإعادة استعراض ذلك تفصيلاً، ولكننا نكتفي هنا بإيراد التعليق على ما جاء في التوصية ونصه "...حيث أفاد والي القابل بأن مسمى (تُويّه) رجل وليست قبيلة.." وتعليقًا على ذلك نقول بأن الحقيقة الوحيدة التي يمكن تصديقها من بين كل ما جاء في هذه (التوصية) هو هذه النقطة، حيث أن (تُويّه) رجل بالفعل انتسب إليه أبناؤه وذريته من بعده وبذلك فهم آله، وهم عندما فعلوا ذلك لم يبتدعوا شيئًا لم يكن معروفًا أو غير مألوف، بل إن ذلك حقيقة أكدها الذكر الحكيم حيث قال تعالى: "ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله..." صدق الله العظيم. بل إن إجبار الناس على أن يتسموا بمسميات قبائل غير قبائلهم ينطوي على مضار وسلبيات كبيرة لاسيما وأننا نعيش في مجتمع قبلي تشكل القبيلة فيه حجر الزاوية في علاقات أبناء المجتمع ببعضهم البعض. 

(*)- ارتكزت دعوانا المرفوعة ضد هذه الوزارة على حقائق ومستندات وبراهين بما في ذلك بعض الوثائق الصادرة عن بعض الدول في شرق أفريقيا وبعض دول الجوار التي تؤكد قدم وجود قبيلتنا، ومن شأن عدم الاعتراف والاعتداد بتلك الوثائق إحراج السلطنة لدى الدول التي أصدرت تلك الوثائق، فهل قدرت (وزارة الداخلية) خطورة ذلك، وهل لديها ما يدحض تلك الوثائق أو ينفي صحتها؟ 

(*)- أما كان من المنتظر من هذه الوزارة الجلوس معنا لمناقشة هذا الأمر بعد ما طلبنا ذلك مرات عديدة، وما الذي يضير المسؤولين فيها من أن نتحاور حول هذا الموضوع، فالحق تبارك وتعالى يقول في كتابه العزيز "...تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم..." صدق الله العظيم. والرجوع إلى الصواب سمة ذوي الألباب. وهكذا يتبدى بوضوح لا لبس فيه فضيلة القاضي بأنه لا مبررات مقبولة ولا أسباب وجيهة لدى هذه الوزارة من وراء إقدامها على هذه الخطوة التي ما تسببت إلا في إذاقة من تعلقت بهم الأمرين، فالمآسي والسلبيات العديدة الناجمة عن هذا الإجراء أكثر من أن تعد أو تحصى، وقد تم التطرق إليها من خلال عريضة الدعوى، في حين أنه لا إيجابية واحدة له على الإطلاق وإذا كان لمندوب (الداخلية) اعتراض على هذا القول، فليخبرنا بما يدحض هذه الحقيقة!. وفي مقدمة سلبيات هذا الإجراء هو شعور من طالتهم آثاره بالأسى جراء هذه المعاملة المبنية على تمييز وتفضيل بعض فئات المجتمع على فئات أخرى للإعتبارات القبلية وهو ما يتعارض مع مبادئ (النظام الأساسي للدولة) ومرتكزات دولة المؤسسات والقانون التي تقوم عليها السلطنة ويتناقض مع ما التزمت به السلطنة دوليًا من خلال انضمامها إلى العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة، والاتفاقية الدولية لمكافحة جميع أشكال التمييز العنصري بتاريخ 10/2/2003م، واتفاقية حماية حقوق الطفل بتاريخ 9/12/2003م، وغير ذلك من الاتفاقيات الدولية الأخرى. وتأسيسًا على ذلك، فإن من شأن استمرارية العمل بإجراء (وزارة الداخلية) هذا بحقنا - في ظل وجود الآليات والإجراءات المعمول بها دوليً
ا للتحقق من مدى تقيد الدول بتعهداتها والتزاماتها جراء الانضمام إلى الصكوك الدولية- أن يحرج السلطنة على المستوى الدولي في الوقت الذي كان يتعين فيه العمل على عدم إفساح المجال لأي جهة كي تنتقد بلادنا وقطع الطريق أمام أية محاولات للتأثير سلبًا على السمعة الطيبة التي تحظى بها بلادنا على الصعيد العالمي والتي استغرق بناؤها سنوات طوالاً.
 كما أن من بين هذه التأثيرات السلبية التي يتعين ذكرها وعدم التأكيد عليها، ما آل إليه وضعنا في المجتمع بعدما تمت معاملتنا بهذا الشكل الذي نشعر معه وكأننا فضحنا، إذ بدأت تظهر من قبل البعض تعليقات وتعبيرات حاطة بالكرامة في حقنا لاسيما ما أصبح يتعرض له أبناؤنا في المدارس من تعيير لهم وتعريض بهم من قبل أقرانهم، وهو ما ينذر بصدامات ومشاجرات ما كان لأسبابها أن توجد لولا إجراء وزارة الداخلية هذا.

 إن أي إجراء يُعتزم القيام به، يجب أن يراعى قبل الإقدام عليه تحقيق الصالح العام تطبيقًا للقاعدة الفقهية "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح" ولكن إجراء هذه الوزارة لم يراعِ ذلك، إذ أن جميع أفراد القبيلتين قد قاطعوا انتخابات مجلس الشورى للفترة السادسة، ويعبر موفقهم هذا عن مقدار السخط والتذمر لديهم تجاه هذه الوزارة التي نظمت وأشرفت على هذه العملية، وهذا أمر طبيعي، فقد "جبلت النفوس على حب من أحسن إليها وكره من أساء إليها". وقد كان يتعين على هذه الوزارة أن تعمل على تقوية كل ما يؤدي إلى تعزيز الوحدة الوطنية وتماسك الجبهة الداخلية وتعلية سقف التلاحم والتعاضد بين أبناء الوطن الواحد تطبيقًا للتوجيهات السامية لجلالة سلطان البلاد الداعية دومًا إلى نبذ كل ما يؤدي إلى الفتن والشقاق والتباغض وإثارة النعرات، وإعمالا لما نص عليه النظام الأساسي للدولة بهذا الشأن، وانسجامًا مع ما تقوم عليه الدولة في عُمان من مبادئ العدل والمساواة بين جميع المواطنين.

 لقد كان رد وزارة الداخلية على صحيفة دعوانا مخيبًا للآمال حيث أن ردها لا يملك المرء إزاءه إلا أن يخلص إلى نتيجة مؤداها بأنه رد لا يسمن ولا يغني من جوع، إذ أنه لم يتطرق من قريب ولا من بعيد إلى الأسباب الحقيقية والجوهرية التي دعت وزارته إلى الإقدام على خطوة تغيير مسمى قبيلتنا حتى يكون في مقدورنا فهم توجهات هذه الوزارة والوقوف على (النية الحقيقية) التي دعتها إلى الإقدام على هذا الإجراء بحقنا، حيث أن الرد ضرب صفحًا عن كل الأدلة والمبررات والحقائق والوثائق والمستندات التي تقدمنا بها والتي تكذب وتلغي وتطوح بمزاعم تلك اللجنة التابعة لهذه الوزارة التي أصدرت تلك التوصية، الأمر الذي يقود إلى نتيجة مفادها بأنه لا مسوغات ولا مبررات ولا حجج ولا براهين لدى هذه الوزارة ولجنتها تبرر فعلتها بحقنا.

 إن رد هذه الوزارة- حين التدقيق فيه- نجده مكرَّرًا ومفتقدًا لأيِّ صياغةٍ صريحة تُسمِّي المقاصد بمسمَّياتها، فالملاحظ أن خلاصة الرد لا تحتمل أكثر من صفحتين بينما نجده- أي الرَّدَّ- مكتوبًا في خمس صفحات تتكرر فيها تلك الخلاصة أكثر من خمس مرات، وما ذلك- في ظنِّنا- إلا لأن وزارة الداخلية تفتقد إلى أي حجة وأي برهان قانوني يمنحانها أي شرعية تنسجم مع العقل ويقبلها النظام الأساسي للدولة وسائر القوانين المعمول بها في البلاد والنظم والمواثيق والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها السلطنة.

 إن تسويغ وتبرير بعض الأعمال والتصرفات المضرة بالمصلحة العامة والمكرسة للتمييز بين الناس لاعتبارات الأصل والفصل والحسب والنسب والقبيلة- كما هو الحال بالنسبة لإجراء هذه الوزارة بحقنا-وعلى نحو يعرض الوحدة الوطنية للخطر ويهدد السلام الأهلي الذي يشهده المجتمع العُماني ويصيب تلاحم النسيج الاجتماعي والتكافل والتعاضد والتراحم بين أبناء المجتمع العُماني في مقتل، إن تسويغ وتبرير ذلك بـ(أعمال السيادة) كما فعلت (وزارة الداخلية) بالنسبة لهذا الموضوع، يفرغ هذا المبدأ من معناه ويحرفه عن مساره ويجعل منه أداة طيعة لإساءة استعمال السلطة، ويشكل تعديًا صارخًا على الأهداف النبيلة والغايات السامية التي يهدف هذا المبدأ القانوني الرفيع إلى تحقيقها وفي مقدمة ذلك حماية المصالح العامة وتعزيز الوحدة الوطنية بخلاف ما أرادت (وزارة الداخلية)، وإلا فكيف يمكن النظر إلى ما أقدمت عليه هذه الوزارة، وألا يعد ذلك متناقضًا ومتعارضًا ومتعاكسًا مع المبادئ السامية والغايات النبيلة التي قامت عليها ودعت إليها نهضتنا المباركة. إننا لا ننظر إلى فعلة هذه الوزارة بحقنا باعتبارها تعكس توجهًا حكوميًا رسميًا حتى وإن اصطبغ فعلها بأعمال السيادة، وإنما نعد ذلك موقفًا أحادي الجانب ت
نكَّب طريق الحق وجانبه الصواب من قبل هذه الوزارة، إذ يعكس نزعات شخصية لدى من يقفون وراء هذا الأمر على نحو يتعارض ويتناقض مع ما تقوم عليه الدولة في عُمان من مبادئ العدل والمساواة بين جميع المواطنين ومنع كل ما يؤدي إلى المساس بذلك، وعليه فقد استغلت هذه الوزارة كون أعمالها من أعمال السيادة ما عدا الأعمال المتعلقة بشؤون موظفيها في إتيان أعمال تتعارض مع أهداف ومقاصد (أعمال السيادة) استقواءً بهذه الميزة واستتارًا وراءها، وهو ما يتعين معه التحقق من مدى عدم إساءة استغلال هذه الميزة من قبل الجهات التي منحت إياها ومنها هذه الوزارة، وكذلك العمل على إصلاح الضرر الناجم عن التعسف في استعمال هذا الحق، وفي نظرنا أن ذلك يعد من مهمات القضاء.
 

وأما ما جاء في (الرد) من أنه "وحيث أن المادة (41) من النظام الأساسي للدولة تنص على أن "السلطان رئيس الدولة...وأمره مطاع..." فإننا نؤكد على امتثالنا التام لأوامر جلالته-حفظه الله- ولكننا ننزه جلالته ونجله ونكبره من أن تكون أوامره-أعزه الله- تضفي (السيادة) على فعل متعسف كفعل (وزارة الداخلية) بحقنا، بل إننا نعتبر الزج باسم جلالته في هذا الأمر إساءة إلى مقامه الرفيع، وهو الذي وحد البلاد والعباد بعد فتن وشقاق وانقسام زرع العداوات بين العُمانيين وجعلهم يرزحون تحت نير التخلف وعصور الظلام ردحًا من الزمان قبل بزوغ فجر النهضة المباركة. فضيلة القاضي الموقروفي الختام فإننا نؤكد ذات المطالب التي سبق استعراضها من خلال عريضة الدعوى وفي مقدمتها إلغاء هذا الإجراء المتعسف، ولا يفوتنا التأكيد على ثقتنا الكبيرة في عدالة ونزاهته القضاء العُماني.   

27 فبراير 2008

رد المدَّعين في الدَّعوى الابتدائية على رد وزارة الداخلية المقدم إلى محكمة القضاء الإداري

    في ما يلي رد على رد وزارة الداخلية على استفسارات وأسئلة وجَّهها إليها المتضررون عبر محكمة القضاء الإداري.  يتضح تمامًا أن حرج وزارة الداخلية لا تُحسَدُ عليه، حيث لم ترد ولا على سؤال واحد، وهو ما أبان أسبابًا خفيَّةً تقف وراء قرار/توصية إلغاء مسمَّيي القبيلتين من قبل "لجنة تصحيح مسمَّيات القبائل والألقاب والأسماء". 

    يمكن لقرَّاء "مراحين" في تالي الأيام الاطِّلاع على نصِّ رد وزارة الداخلية البليغ في الالتواء والاحتيال والاصطياد في الماء العكر؛ إنه ردٌّ بلا معنًى سوى الاستمراء في استغلال السُّلطة على نحوٍ تعسُّفيٍّ صارخ.

   سنواصل تباعًا نشر الوثائق والمذكَّرات المقدَّمة إلى المحكمة، فليس لدينا ما نخفيه، ويبدو أنْ ليس لدى "الداخليَّة" إلا ما تُخفيه وتخشى انكشاف سرِّه، لكنَّ الأيام ستفضح وتكشف وتُدين كل من مارس العنصريَّة- المحرَّمة دوليًّا- على مواطنين عُزَّلاً ما زالوا يُستضعفون وتُحاك الأباطيل ضدَّهم بهذا الشَّكل المُسِفِّ والنَّاسف لكل حقوق الإنسان وكل حقوق المواطنة.

    سيرد في كثير من المذكِّرات- التي سنواصل نشرها هنا- المقدَّمة إلى المحكمة اسما المدَّعيين (زينة آل تويه وسالم آل تويه)، لكنَّ المتن يُعبر في نهاية المطاف ليس عن هذين المدَّعيين وحدهما، بل عن "آل تويه" الذين يُعتبرون جميعًا مدَّعين ضدَّ سعود بن إبراهيم البوسعيدي ووزارته العملاقة، وفيما يلي نصُّ الرَّدِّ على ردِّهما.  اقرأوا وتابعوا التفاصيل التي تكشف ما يُرادُ أن يُخفى ويبقى سرًّا من أسرار بلاد الأسرار:  

بسم الله الرحمن الرحيم          التاريخ: 15/1/2008م 

 فضيلة المستشار/ رئيس الدائرة الرابعة                            المحترم

محكمة القضاء الإداري

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

الموضوع/ رد المدعين في الدعوى الابتدائية رقم (446/7ق/2007م) على تعقيب وزارة الداخلية المقدم

إلى عدالة محكمة القضاء الإداري  

   على إثر تقدمنا إلى عدالة المحكمة الموقرة بصحيفة الدعوى المشار إليها عاليه وما تلا ذلك من ردود وتعقيبات من قبل المدعين على ردود وتعقيبات (وزارة الداخلية) فقد تقدمت الأخيرة بتعقيب (بدون تاريخ) أشار فيه من مثلها بأن صحيفة دعوانا المقدمة إلى عدالة المحكمة وكذلك التعقيب على صحيفة رد تلك الوزارة "قد تضمنتا ألفاظًا خرجت عن الإطار الشكلي لكتابة صحائف الدعاوي وبالتالي فنحن كممثلين عن وزارة الداخلية نتقدم لعدالة المحكمة الموقرة بطلب حذف تلك الألفاظ من تلك الصحائف...". 

   ونحن بدورنا وفي ظل بقاء المسألة سجالاً بيننا كمدعين وبين تلك الوزارة كمدعى عليها، سنرد على أي

تعقيب تبديه تلك الوزارة متى ما وصلنا، مفندين للمزاعم والإدعاءات التي لا أساس لها من الصحة لاسيما في ظل إيماننا التام بعدالة قضيتنا ويقيننا المطلق بأنه لا مبررات ولا أسباب وجيهة لدى تلك الجهة في الإقدام على ما قامت به بحقنا.

   وبشكل عام فإن ما يُرد به على ما ذكره ممثل تلك الوزارة من أن صحائف دعوانا قد تضمنت ألفاظًا لم

تعجبه، هو أن تلك الألفاظ والتعبيرات ينبغي أن ينظر إليها في إطار (تحصيل الحاصل) و(ردة الفعل) وكنتيجة طبيعية ترتبت على سبب أفضى إلى وجودها) إذ ما كان لتلك الألفاظ والتعبيرات أن تُطلق أو تبرز إلى حيز الوجود لو لم تكن هناك اعتبارات وأسباب قوية أدت إلى ظهورها، وبالطبع فإن تلك الأسباب تتمثل في إجراء (وزارة الداخلية) المتعسف بحقنا والمتمثل في تغيير مسمى قبيلتنا كما سبق شرح ذلك بالتفصيل قبلاً، والذي تطور (تغيير مسمى قبيلتنا في وقت لاحق) إلى (إلغائها) بالمرة ليستبدل بها مسمى (الحارثي) بحيث أن القبيلة الأخيرة هي التي أصبحت تلصق بمن يقوم من أفراد القبيلتين المتضررتين من إجراء تلك الوزارة (آل تُويّه) و(آل خليفين) بتجديد أو استبدال الوثائق الثبوتية. 

    إن الإمعان في ما جاء من تعقيب تلك الوزارة لا يتضمن أي رد جوهري على الأسئلة والاستفسارات

حول سبب إقدام هذه الوزارة على هذا الإجراء، وهو ما يجعل ردود وتعقيبات من يمثلها لا تدخل في صميم الموضوع ولا تتصل بجوهر الدعوى ولا تقدم ردًا شافيًا يمكن أن يخلص المرء منه بنتيجة ملموسة، وكل ما تتضمنه تلك الردود والتعقيبات لا يعدو أن يكون تصيدًا للعبارات والألفاظ التي لم تعجب ولم تنل قبول تلك الوزارة ومن يمثلها. 

   ربما كانت ردود وتعقيبات تلك الوزارة ستكون ذات قيمة لو أنها تضمنت الإجابات الشافية والمقنعة على

الاستفسارات والأسئلة المثارة حول هذا الموضوع والتي من شأنها إماطة اللثام عن حقيقة هذا الإجراء والهدف المتوخى تحقيقه من ورائه، أما وقد خلت تلك الردود مما يشفي الغليل، فإنها بذلك لا تتعدى مجرد التنصل من كل ما له علاقة مباشرة بالموضوع بحجج (أعمال السيادة) و(الدفع بعدم اختصاص المحكمة) وهي مبررات ليس هنا مجال إعمالها ولا هذه الدعوى نطاق تطبيقها وفقًا لما يراه المدعون استنادًا وتعويلاً على ما يحوزونه من أدلة دامغة وحجج قوية لا تصمد معها ادعاءات ومزاعم تلك اللجنة كما سلفت الإشارة. 

   لا شك أن ثمة فرقًا كبيرًا بين من يتلقى السياط وهي تلهب جسده وبين من يحصيها، إذ إن المتضررين وجراء ما لحقهم من أضرار مادية ونفسية بالغة نتيجة لهذا الإجراء المتعسف هم الأقدر على وصف معاناتهم والتعبير عما يرزحون تحت وطأته من مآسٍ وسلبيات، وبالمقابل فإن من تسبب في ذلك وكونه لا يعاني ولا يشعر بما يعانيه المتضررون يصعب عليه الشعور والإحساس بما يشعر ويحس به المتضررون، وإن كان من تسبب في ذلك لا يقدر حجم الأذى الذي طال المتضررين، فإن عليه أن يضع نفسه مكانهم. 

 لقد جاء من بين ما جاء في ردود تلك الوزارة على ذكر من أن اللجنة تفتقر إلى ما يدعم صحتها وعدم حيا
زتها ما يبرر ما أقدمت عليه، بأن "الموضوع الدائر النقاش حوله في هذه الدعوى هو قرار إداري
صادر من لجنة مشكلة وفق القانون من قبل وزير الداخلية، وهذه اللجنة بها أعضاء من خارج وزارة الداخلية، وبالتالي فإن اللجنة تتبع في بحثها المسار القانون في مخاطبة جميع الجهات ذات العلاقة وليس لها أي مصلحة عند أي مواطن ضد آخر"، والرد على ذلك بأنه لو كان بالفعل قد تم التقيد بالإجراءات الصحيحة والعمل بالمسار القانوني لما كانت تلك اللجنة قد خلصت إلى ما جاء في توصيتها تلك، والدليل على ذلك أن ما تضمنته التوصية جاء متناقضًا ومتنافيًا ومتعارضًا مع ما هو موجود من وثائق ومراسلات يحتويها أرشيف تلك الوزارة ذاتها قبل سنوات عديدة ضربت عنها تلك اللجنة صفحًا ولم تقم لها وزنًا، الأمر الذي يجعل من النتيجة التي خلص إليها المدعون وهو جهلهم بالغاية التي توختها اللجنة  من توصيتها تلك – في ظل افتقارها إلى ما يدعم صحتها- تلك أمرًا قائمًا حتى يثبت العكس. 

   ما الذي يمكن أن يوصف به إجراء وزارة الداخلية بحق قبائل تعرضت لتغيير مسمياتها بزعم تصحيحها

سوى إنه مسخ وتشويه لتلك القبائل، لا سيما وإننا نعيش في مجتمع قبلي تشكل فيه قبيلة المرء رمز العزة والكرامة والكبرياء، وبالتالي فإن أي مساس بقبيلة المرء– خاصة في ظل اقتصار ذلك على قبيلتين اثنتين فقط في منطقة شمال عُمان بأسرها من القبائل التي تحمل مسمياتها كلمة (آل)- كتغيير مسماها أو طريقة كتابتها أو حمل من ينتسبون إليها على حمل مسمى قبيلة أخرى، يعد نيلاً من هذه العزة ومساسًا بهذه الكرامة وتمريغًا لهذه الكبرياء في الرغام، ومن يصعب عليه تصديق أو تصور حصول هذه النتيجة  فليضع نفسه موضع المتضررين ليتأكد من ذلك بنفسه. 

   يعد الشأن القبلي في عُمان من أكثر الجوانب حساسية وإثارة للرأي العام، ولذلك فإن سياسة الدولة في هذا الجانب –وهي سياسة حكيمة على كل حال وهي مستمدة من الفكر الثاقب والعقلاني لسلطان البلاد المفدى- تتعامل مع هذا الأمر بحذر وحكمة، ذلك أن الوضع القبلي في عُمان شائك وقابل للإثارة إذا ما توافرت الأسباب والبواعث المؤدية إلى ذلك، ومن هنا فإن التوجيهات السامية  لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه - على الدوام تقضي بعدم إثارة ما يؤدي إلى الفتن  والفرقة والمساس بالوحدة الوطنية، ومن بين أكثر الأسباب المؤدية إلى ذلك إثارة النعرات القبلية.

    إن أياً من أفراد القبيلتين المذكورتين قد قاطعوا انتخابات مجلس الشورى للفترة السادسة التي جرت خلال عام 2006م، وذلك في إطار تعبيرهم عن سخطهم وتذمرهم تجاه (وزارة الداخلية) المنظمة لهذه الانتخابات، وما كان لهؤلاء أن يصدر عنهم هذا الموقف لولا إجراء (وزارة الداخلية) فهل بذلك سعت هذه الوزارة إلى الحفاظ على الوحدة الوطنية وتعزيزها؟ 

كان يتوجب على هذه الوزارة الإعلاء من قيم التلاحم والتعاضد بين أبناء المجتمع وتعلية سقف التلاحم والتكافل والتعاون والإخاء بين المواطنين حتى تتضافر وتتلاقى جهودهم معها في خدمة هذا الوطن العزيز، ذلك أنه "جبلت النفوس على حب من أحسن إليها وكره من أساء إليها". 

    لقد اشتمل رد (وزارة الداخلية) على تعداد وحصر ما اعتبرته ألفاظًا وعبارات لم تعجبها في عريضة الدعوى والردود والتعقيبات التي تقدم بها المدعون الذين يترفعون عن الانجرار وراء مساجلات وجدل لا طائل من ورائه، ذلك أن ردود تلك الوزارة قد خلت من أية جوانب جوهرية ذات صلة مباشرة بموضوع الدعوى ويبدو أنها ماضية قدماً في هذه الطريق، ويكتفي المدعون بالتأكيد على المبررات والمسوغات المساقة سابقًا بشأن عدم ملاءمة إعمال (أعمال السيادة) بالنسبة لهذا الموضوع، ذلك أن أسباب واعتبارات تطبيق هذا المبدأ هنا ليست متوافرة، وذلك بالنظر إلى إضرار ما جاء في توصية تلك اللجنة بالمصلحة العامة التي يحميها القانون، واستنادًا إلى أن الإجراء الذي تضمنته التوصية يعد إساءة لاستعمال السلطة وتعسفًا في استعمال الحق، وذلك وفقًا لما سبق التطرق إليه في هذا الجانب. 

    إن من بين الحقائق والمبادئ الثابتة قانونًا أن من يدعي شيئًا يقع عليه عبء إثباته، وطالما أن اللجنة المشار إليها لم تعزز ادعاءاتها ولم تعضد مزاعمها بالأدلة والأسانيد التي تجعل من تلك الادعاءات والمزاعم حججًا قوية لا تقبل الدحض من قبل من تتعلق بهم، وبالنظر إلى أنه تم دحض تلك المزاعم والادعاءات بالأدلة والأسانيد من قبل المعنيين، فإن تلك الإدعاءات والمزاعم تعد عكس الحقيقة وتجانب الصدق وتصنف قانونًا بأنها من قبيل الباطل الذي ما يُبنى عليه يعد باطلاً. 

    لا ينبغي أن ينتظر من المدعين أن يكيلوا المديح والثناء والإطراء لوزارة الداخلية ولجنتها على إجرائها

ضدهم والذي أحال حياتهم إلى معاناة ومآسٍ لا يستطيع غيرهم تقديرها كما ينبغي، وقد تم شرح ذلك بإسهاب من خلال عريضة الدعوى، ولذلك فإن اللجوء إلى استخدام ألفاظ وعبارات تصيّدها ممثل تلك الوزارة من خلال ردوده على المدعين وطالب عدالة المحكمة الموقرة بحذفها، يعد من قبيل ردة الفعل على فعل يتصف بالجسامة والخطورة أقدمت عليه تلك الوزارة بحق المتضررين وهو تغيير مسمى قبيلتهم بشكل أجحف في حقهم وأضر بهم كثيرًا، وقد أباح الله سبحانه وتعالى لمن يتعرض لغمط حقه بأن يعرِّض بمن كان السبب في ذلك مصداقًا لقوله سبحانه في محكم تنزيله " لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعًا عليمًا" صدق الله العظيم، ومع ذلك فإن ما صدر من ألفاظ وعبارات لم تعجب ممثل (وزارة الداخلية) جاءت في سياق تفنيد الادعاءات والمزاعم الصادرة عن تلك اللجنة على نحو يبين مدى عدم اتساق تلك الادعاءات والمزاعم مع المنطق ويظهر مقدار مجافاتها للحقيقة، حيث إنه بضدها تعرف الأشياء، ثم ما الذي يمكن أن نطلقه من أوصاف على إجراء ألحق الأذى المادي والضرر النفسي والمعنوي بنا فلجأنا إلى القضاء نطالب بإنصافنا، هل مطلوب منا أن نخلع عليه أوصاف المديح والإشادة؟!. وما استخدام تلك العبارات والألفاظ إلا تعبير عن إرادة التمسك بالحق، كيف لا؟ و"صاحب الحق سلطان" و"لا يسقط حق من وراءه مطالب". 

   إن تركيز ممثل الداخلية على أشياء ثانوية وعنايته بأمور جزئيه دون الاهتمام بجوهر الدعوى، يقصد منه حرف الموضوع الرئيس عن مساره وإشغال عدالة المحكمة بأمور ليست من صميم الدعوى المعروضة أمام عدالتها، وعليه فإننا نطالب عدالة المحكمة الموقرة بعدم الالتفات إلى هذا الأمر غير الجوهري. 

    وفي الختام يتمسك المدعون بما سبق وأن بينوه من أنه لا مجال لدفع (وزارة الداخلية) بعدم اختصاص

محكمة القضاء الإداري في هذه الدعوى، ذلك أن مبدأ (أعمال السيادة) لا تتوافر شروط واعتبارات  إعماله في هذه الدعوى وفقًا لما تم سرده وبيانه من خلال ردود وتعقيبات المدعين.

                                       لـــذلك  

- يطلب المدعون من عدالة المحكمة الموقرة الحكم بإلغاء إجراء (لجنة تصحيح مسميات القبائل والألقاب والأسماء) المتقدم الإشارة إليه، بالإضافة إلى الطلبات الأخرى السابق بيانها في عريضة الدعوى.

- إلزام الوزارة المشار إليها بالمصاريف.      

                    وتفضلوا سعادتكم بقبول فائق التقدير والاحترام 

 

                        

                                                  عن أعيان وأفراد قبيلة (آل تُويّه) 

 زينة بنت خلفان بن سليمان آل تُويّه              سالم بن خلفان بن سليمان آل تُويّه  

25 فبراير 2008

عُمان: تمييز صارخ خلف جدار العزلة

القاهرة في 25 فبراير 2008م


قالت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان اليوم ، إن قرار وزار الداخلية العمانية ، بتغيير وثائق أسماء قبيلتين عمانيتين ، هما قبيلة "آل تويه" وقبيلة "آل خليفين" ونسبتهما إلي قبيلة أخرى ، يعد عمليا إعادة لمجتمع يخطو خطوات وئيدة تجاه المدنية ، إلي عصور التمييز الاجتماعي الضارب في العنصرية البغيضة ويكرس لمبدأ لفظه العالم الحديث وهو التمييز بناء على الأصل والمركز الاجتماعي .

والقرار المعيب الذي أصدرته وزارة الداخلية العمانية وحاولت إخفائه في البداية يعود إلى شهر مايو 2006م ، يقضي بإلغاء مسمَّيي قبيلتين هما قبيلتا "آل خليفين" و"آل تويه" واستبدالهما بـ "أولاد خليفين" و"أولاد تويِّه" ،أو إستبدال كلمة آل خليفين وآل تويه بكلمة باسم "الحارثي".

وقد أثار القرار الذي أصدرته وزارة الداخلية قلقا شديد بين العديد من القبائل العمانية ، حيث يعد إلغاء صفة القبيلة من الأوراق الرسمية لأي مواطن أو نسبته لقبيلة غير قبيلته ، بمثابة التنزيل لدرجة اجتماعية أدني ، مما يفتح باب التمييز الاجتماعي بشكل واسع ضد هؤلاء المواطنين ويهدر مبدأ المساواة مع باقي المواطنين في الدولة ، لاسيما وأن دولة عمان ورغم جدار السرية والعزلة الذي تفرضه على مواطنيها ، إلا ان هذه العزلة لم تفلح في إخفاء بقايا نظام يعتمد على التمييز الاجتماعي الذي يتضح عبر السمات التي تطلق على المواطنين العمانيين مثل "سيد أو شيخٌ أو أصيلٌ أو عَرْبي" للمواطنين أصحاب المكانة أو السادة ، وسمات مثل" تُبع أو عبد أو مولى أو خادم أو بيسر" على المواطنين الأقل و الأدنى اجتماعيا.

وقالت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان " إن هذا القرار الذي لم تبرره وزارة الداخلية ، بنزع هوية مواطنين عمانيين مدونة في وثائقهم الرسمية قبل نشأة دولة عمان نفسها ويبلغ عددهم نحو 450 مواطن لهو أمر غير قانوني على الإطلاق ، ليس من حق شخص أو جهة أن تحرم مواطن من اسمه ، إنه أمر مريب ويثير الشك في دوافعه".

جدير بالذكر أن هذا القرار الذي أصدرته "لجنة تصحيح مسميات القبائل والألقاب والأسماء" التابعة لوزارة الداخلية في شكل توصيه ، قد بدأ العمل به منذ أشهر طويلة ، وفضلا عن أنه لم يذكر الأسباب ، و قد صدر في مواجهة قبيلتي "آل تويه وآل خليفين" وحدهما ، وهما من القبائل التي يحمل العديد من المنتسبين لهما وثائق رسمية تعود للستينات من القرن الماضي مثل جوازات سفر وبطاقات شخصية وشهادات ميلاد وغيرها ، أي قبل نشأة دولة عمان نفسها في مطلع السبعينيات من القرن الماضي.

وتتعلل وزارة الداخلية بنسبة هذه التوصية "القرار" للقصر الملكي التابع للسلطان قابوس سلطان عمان ، حتى تحصنه من الطعن القضائي عليه بالمحاكم ، إلا أن العديد من أبناء القبيلتين يؤكدون أن السلطان قابوس لا يقبل بهذه التوصية التي ترسخ التمييز الاجتماعي بين المواطنين العمانيين وتهدر المادة 17 من الدستور العماني التي تنص على " المواطنون جميعهم سواسية أمام القانون، وهم متساوون في الحقـوق والواجبـات العـامـة، ولا تميـيز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصـل أو اللون أو اللغـة أو الـدين أو المذهب أو الموطن أو المركز الاجتماعي".

وطالبت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان وزارة الداخلية بإلغاء هذا القرار المجحف فورا ، والعمل على ترسيخ مبدأ المساواة بين المواطنين إعمالا لمقومات المجتمعات المدنية الحديثة المستندة للقانون والمواثيق الدولية التي أقرتها سلطنة عمان.

معلومات أساسية:
  • إحدى دول مجلس التعاون الخليجي" قطر ، السعودية ، البحرين ، الإمارات ، الكويت ، عمان"
  • تولي السلطان قابوس الحكم في 23يوليو 1970 .
  • يعد الانتماء القبلي هو المعيار الأول للانتماء في عمان ، وتضم سلطنة عمان نحو 230 قبيلة ، ضمنها قبيلة "آل تويه" وقبيلة "آل خليفين"
  • عدد السكان يزيد قليلا عن 3،2 مليون نسمة.
  • ينتمي السلطان قابوس نفسه لإحدى القبائل العمانية وهي قبيلة "آل سعيد".
  • لم تعلن لجنة ت

22 فبراير 2008

إرنستو ساباتو: إنَّ أيَّ تفحُّصٍ لا يرحم يمكن أن يَجُرَّ إلى مصاعب مع أغبياء ومُرائين


 عرض: سالم آل تويه

     "ولد إرنستو ساباتو في بلدة روخاس التابعة لمحافظة بوينس آيرس في عام 1911م، وحصل على الدكتوراه في العلوم الفيزيائية والرياضية من جامعة "لابلاتا"، وعمل في حقل الإشعاعات الذَّرِّيَّة في مخبر "كوري" في فرنسا، ثم في معهد "ماساشو ستيس" للتكنولوجيا في بوسطن- الولايات المتحدة الأمريكية.

       في عام 1945م هجر العلوم بصورة نهائيَّة ليكرِّس وقته للأدب، وكتب عدَّة أبحاث حول الإنسان وأزمة العصر، وثلاث روايات، هي: "النَّفق" عام 1948م، "أبطال وقبور" عام 1961م، و"أبدون" عام 1967م. ونالت روايته الأخيرة في پاريس جائزة أفضل رواية أجنبية في فرنسا في ذلك العام.

غلاف الكتاب

غلاف الكتاب

      عندما استعادت الأرجنتين الحياة الدِّيمقراطية في عام 1983م كلَّفته الحكومة الدَّستوريَّة برئاسة اللَّجنة الوطنية للتحقيق في قضية المفقودين نتيجة القمع السِّياسي في أثناء حكومات الطُّغمة العسكريَّة، وقد قدَّمت تلك اللَّجنة تقريرًا عن نتائج أعمالها كان له وقع مثير.

     في عام 1948م نال ساباتو جائزة "ميجيل دي سرڤانتس"، وهي أرفع جائزة للآداب الإسپانية". هذا ما جاء في تقديم الكتاب من قبل المترجم عبد السلام عقيل الذي ترجم أيضًا-عن الإسپانية- روايات ساباتو الثلاث، مستفيدًا من إلمامه بأوضاع الأرجنتين ودراسة تاريخها، حيث عاش فيها سنواتٍ في أثناء عمله سفيرًا للجمهورية السورية هناك. أمَّا كارلوس كاتانيا، مُجري الحوارات، فقد ولد عام 1931م في "سانتافي" الأرجنتينية، وهو الآخر مبدعٌ متعدِّد الاهتمامات، يكتب المسرحية والرِّواية؛ كتب أولى مسرحيَّاته ("غيمة في القناة") وهو في الثالثة عشرة من عمره لتعرض في بوينس آيرس بعد عشر سنوات من صدورها، وعمل مخرجًا مسرحيًّا في عدة بلدان أمريكية لاتينية، ومديرًا للفنون الجميلة في جامعة "كوستاريكا"، وسينمائيًّا، كما أخرج ستة أفلام للسِّينما الألمانية؛ إضافة إلى كتابه "ساباتو بين الحرف والدَّم" 1973م- الذي نعرضه هنا- كتب كاتانيا أيضًا: "المدينة تختفي" 1964م، رواية النِّساء المسترجلات 1978م، دراسة أولية من صفحات مختارة من "إرنستو ساباتو" 1981م.

      حوار يستغرق عشرين عامًا

يقول كارلوس كاتانيا في تقديمه للكتاب: "لقد تمكَّنت عبر فيضٍ من الرسائل، وأثناء لقاءاتٍ قصيرة خارج البلاد، وزيارات متكرِّرة لمنزله القديم في "سانتوس لوغاريس"، وحتَّى عبر محادثات هاتفية، من إدارة حوار شخصي مع إرنستو ساباتو استغرق ما ينوف على عشرين عامًا، وقبل أن أصوغ الأسئلة التي اخترتها لهذه المقابلة كنت متأكِّدًا من معرفة الأجوبة: من سلسلة أبحاثٍ بدأها بـ"الفرد والعالم" (1945م) وأنهاها بـ"دفاعٌ ورفض" (1979م)".

الكتاب-لمن لم يقرأه وتذكرةً لمن قرؤوه- شائق جدًّا، يشدُّ الأنفاس ويزعزع الثوابت الكسولة التي يركن إليها كثيرٌ من الكتَّاب ويُروِّجون لها، متضادِّين بين أفكارهم وممارساتهم، خالطين الحابل بالنَّابل وهم يُقدِّمون القرابين تلو القرابين للسُّلطة التي من أجلها يفعلون الأعاجيب، وفي نهاية المطاف-وكي لا يكونوا سلبيِّين!- كلُّ شيء قابلٌ للتبرير ما دام الأمر يتعلق بـ(الأدوار العظيمة) التي يلعبونها في ملعب المجتمع، وبإنقاذ الإبداع والسَّقافة و(الجمهور المسكين المضحوك عليه دائمًا) من الموت المحقَّق!.

قَيْدُ العلومِ ومَنْفَذُ الأدب

في ما يتعلَّق بالرِّواية لم يكتب ساباتو سوى ثلاث روايات، ليس لأنه لم يكتب غيرها، بل لأنَّه- ربَّما كشخصيَّاته في "النَّفق" و"أبطال وقبور"- قلقٌ ويُراجع أعمالَه كثيرًا إلى حدٍّ قد لا نبالغ إذا وصفناه بالمؤذي والخَطِر؛ يسأل كاتانيا ساباتو: "*نعلم أنَّ الجزء الأكبر ممَّا كتبت قد أُحرق بالنَّار. أيمكن أن أعرف بدقَّة لماذا قمت بذلك..؟ فقد شغلني كثيرًا، أكان تطهيرًا؟". يردُّ ساباتو: "-نعم، ربَّما. أو ربَّما لأن جميع الأطفال تقريبًا مهووسون بالنَّار. (يبتسم).

*ولماذا احتفظت بثلاث رواياتٍ وحسب ممَّا كتبت؟

-لست أدري، لكنَّ واحدة منها وهي "أبطال وقبور" كانت أيضًا على شفا الدَّمار.

*وما الذي حال دون ذلك؟.

-أنَّ ماتيلدي مرضت بسبب ذلك القرار". ماتيلدي واحدةٌ من زوجات المبدعين الكبار النَّادرات جدًّا (ربَّما نتذكَّر هنا "مرسيدس" زوجة غارسيا ماركيز). حوالى 1970م- كتب كاتانيا في مقدمة كتابه- "قالت زوجة الكاتب "ماتيلدي كوسمنسكي ريختر" ردًّا على إحدى رسائلي: "ساباتو رجلٌ مثيرٌ للجدل على نحوٍ مريع، وهو غير مستقرٍّ، وكئيب، لكنَّه يعي بوضوح قيمته، يتأثَّر بكل ما هو سلبيٌّ، ويتوق للحنوِّ والعطف، مثلما يمكن لطفلٍ متشرِّدٍ أن يكون. تلك الحاجة إلى الحنان التي تكاد تكون حالةً مَرَضيَّةً تجعله يفهم بالطَّريقة نفسِها المعوَّقين والمتشرِّدين ويُحسُّ بهم. ولكنَّه أيضًا تعسُّفيٌّ وعنيفٌ وعُدوانيٌّ أيضًا، ويجب أن أؤكِّد هنا أن تلك صفات تخمد فيه يومًا بعد يوم- وإن كنت أعتقد أن هذه العيوب ناجمة عن نفاد صبره- فهو يحتاج لكي يكتب، لكي يتحرَّر من هواجسه وجروحه، إلى أن يكون محاطًا بسياجٍ من الحُنُوِّ والتَّفاهم والعطف (...). كان منذ طفولته روحًا تُفكِّر وفنَّانًا ينطوي على دخيلةٍ كئيبة، ولكنَّه في الوقت ذاته متمرِّدٌ وصاخب، قيَّدته العلوم بشكلٍ مريع، فكان أمرًا منطقيًّا أن يبحث عن المنفذ الوحيد الذي يمكن أن يُساعده على التَّعبير، على تقيّؤ عذابه الدَّاخلي: الرِّواية".

إنَّه مريعٌ حقًّا، ساباتو، هذا الذي تتلمذ على علماء الرياضيات والفيزياء، ومن بينهم أحد تلاميذ آينشتاين، هذا الذي نَقَمَ على العقل بسبب العلوم وغادرهما معًا نحو جهنَّم الحمراء: الأدب.

الروائي والمجنون

"يُشكِّل الحنين إلى مثل عليا ممزَّقة، والتَّوتُّر النَّاجم عن البحث الشَّيطانيِّ عن معنًى للحياة، أساسَ الرّؤية الكونية عند ساباتو... ويعتقد أنَّ الفارق بين الرِّوائيِّ والمجنون يتلخَّص في أنَّ الأوَّل يمكن أن يذهب حتَّى الجنون ثمَّ يعود. إنه يعرف تمامًا: ذلك الذهاب وذلك الإياب يتيحان للعقل أن يكون أسيرَ الظُّلمات، وللتَّاريخ أن يكون أسيرَ الرِّواية، وللمؤلِّف ذاته أن يكون أسير عملِه، يلتهم كلٌّ منهما الآخر، يُمزِّقه إربًا....". وهذا بحذافيره ما تستشعره عندما تقرأ "النَّفق" و"أبطال وقبور"؛ إنَّ قراءة الفصل الأشهر في هذه الأخيرة- والمعنون بـ"التَّقرير عن العُميان"- وحدَها تجعل القناعات تتصدَّع وتغور عميقًا دون أن يقرَّ لها قرار، ذلك أن الرُّسوخ والمسالمة والطُّمأنينة دروبٌ مخدَّدة ينتهكُها السُّوء البشري بامتياز ضالع في التَّخفِّي والمراءاة. ولعل هذا ما حدا بكثير من القرَّاء إلى التعبير عن استنكارهم للـ"تقرير". يردُّ ساباتو على سؤال كاتانيا عن استنكار القرَّاء بقوله: "كان أمرًا لا مفرَّ منه. إنَّ أيَّ تفحُّصٍ لا يرحم يمكن أن يجرَّ إلى مصاعبَ مع أغبياء ومرائين. لم يُكتب "التقرير" بدوافع منحطَّة ولمجرَّد استساغة الفضيحة، أو ما إلى ذلك، فتلك الأهواء المنحطَّة نحمل جميعًا بذرتَها، بمن في ذلك، (وبشكلٍ خاصٍّ) أولئك السَّادة الذين يستنكرون".

بقي أن نشير إلى التواضع المريع أيضًا الذي تتَّصف به شخصية ساباتو ا

16 فبراير 2008

محكمة القضاء الإداري تحكم بعدم الاختصاص!

   صدر بالجلسة المنعقدة علنًا بمقر محكمة القضاء الإداري بمسقط يوم السبت الثاني من فبراير الجاري الحكم في الدعوى رقم446 لسنة 2007م المتعلقة بإلغاء وزارة الداخلية قبيلتي "آل تويه" و"آل خليفين". وقد حكمت المحكمةبعدم اختصاصها ولائيًّا وإلزام المدعيين بالمصاريف.

   وكان كل من المواطنين زينة بنت خلفان بن سليمان آل تويه وسالم بن خلفان بن سليمان آل تويه قد أقاما في 15/9/2007م دعوى ضدَّ سعود بن إبراهيم البوسعيدي وزير الدَّاخلية، وطالبا بالوقف الفوري لقرار الإلغاء، وإعادة قيد مسمَّى "آل تويه"على الوثائق التي جرى التغيير فيها، وتسهيل إصدار الوثائق الجديدة بالمسمَّى الصحيح دون عراقيل، والاعتذار رسميًّا عن هذا الإجراء، كما طالبا بإلزام وزارة الداخلية بالتعويض المادي عن الأضرار النفسية والمادية التي لحقتهم بسبب قرار الإلغاء.

   وكانت آثار قرار الداخلية قد طالت عددًا من أفراد قبيلتي "آل تويه" و"آل خليفين"، أجبروا بعد انتهاء وثائقهم على تغييرها إلى مسمَّيات أخرى مثل "أولاد تويه" و"أولاد خليفين"، وبالرغم رفض هؤلاء إلا أن وزارة الداخلية تلاعبت بوثائقهم وغيرتها بالإجبار إلى هذين المسمَّيين، ثم إلى قبيلة "الحارثي".

   صدر الحكم عن الدائرة الابتدائية الرابعة بمحكمة القضاء الإداري المشكلة من القاضي المستشارعبد المجيد بن يحيى بن سيف الراشدي وعضوية كل من المستشار الطاهر بن بلقاسم بن سعيد العلوي والقاضي مبارك بن حثيث بن تون السعدي بحضور منسق الجلسة محمود بن خميس آل حموده.

   وكان المدَّعيان قد قدَّما وثائق صادرة من وزارة الداخلية ومكتبي واليي ولايتي القابل وإبرا التابعين لوزارة الداخلية تعود إلى أواخر ثمانينيَّات القرن الماضي تقر فيها وزارة الداخلية بصحَّة مسمَّى "آل تويه" واعتماده في جميع الوثائق الصادرة عنها كقبيلة يتوزع أفرادها بين ولايتي القابل وإبرا، فضلاً عن وثائق أخرى تعود إلى ستينيات القرن المنصرم صادرة من أوغندا وأخرى صدرت في الثمانينيات من دولة الإمارات العربية المتحدة.

   وجاء في نص حكم المحكمة: "وحيث إن وزارة الداخلية المدَّعى عليها دفعت بعدم ااختصاص هذه المحكمة بنظر الدعوى باعتبار أن طلبات المدَّعي تندرج ضمن أعمال الوزارة المصنَّفة أعمال سيادة وفقًا للأوامر السلطانية.

   وحيث إن المادة (7) من قانون محكمة القضاء الإداري تنصُّ على أنه "لا تختص المحكمة بالنظر في الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة أو بالمراسيم أو الأوامر السلطانية".

   وحيث تلقت المحكمة بموجب خطاب معالي السيد وزير ديوان البلاط السلطاني رقم (إ خ م و/45 س/467/2002م، أمرًا ساميًا يقضي باعتبار أعمال وزارة الداخلية أعمال سيادة ما عدا الأعمال المتعلقة بشؤون موظفيها.

   وحيث المادة (41) من النظام الأساسي للدولة تنص على أن "السلطان رئيس الدولة... وأمره مطاع....".

   ولما كان المدعيان ينعيان على الوزارة المدعى عليها قيامها بتغيير مسمَّى قبيلتهم من "آل تويه" إلى "أولاد تويه"، فإن الخصومة على هذا النحو لا تتعلق بشؤون موظفي وزارة الداخلية، وبالتالي فهي ناشئة عن عمل من أعمال السيادة مما لا تختص به هذه المحكمة عملاً بالأمر السامي والمادة (7) من قانون المحكمة المشار إليهما مما يتعين القضاء بعدم اختصاص المحكمة بنظرها ويتعين رفضها على هذا الأساس، وذلك بدون إحالة لأن المستقر عليه في فقه القضاء الإداري أن القضايا المتعلقة بأعمال السيادة لا تدخل في اختصاص أي جهة قضائية.

   وحيث إن من يخسر الدعوى يُلزم بمصاريفها، عملاً بحكم المادة (185) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية، الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (29/2002).

                             فلهذه الأسباب

                            حكمت المحكمة:

               بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظرالدعوى، وألزمت المدَّعيين المصاريف".