25 سبتمبر 2010

عن الثورة والوطن وأوهام أخرى


محمد السناني

       في قاعة الشرقيات بالجامعة الأمريكية بالقاهرة كان لنا موعدٌ مع الوطن، الوطن الذي كان على مرمى رصاصةٍ من الوجود، والذي تبخَّرَ حلمُهُ كما تبخرتْ أحلامٌ وأوطانٌ كثيرةٌ. كنتُ رفقةَ صديقين صعلوكين أحدهما عجوزٌ بفعل الخمرة والنساء والسفر الطويل، والآخر شابٌ جامحٌ يدير ظهره للنساء والمدن، مكتفياً بحقيبة ظهرٍ وحذاء مهترئ، قاطعاً المسافات بروحٍ تتشرَّبُ الموسيقى والعالم. استوينا على مقاعدنا، محاطين بوجوهٍ أكاديميةٍ لا تعرف من الإيحاء سوى الصقيع واللامبالاة الأوروبية تجاه ما نحمله من غبارٍ زمني وخناجرَ لامرئية. المخرجة اللبنانية تتداخل اللغتان الإنجليزية والفرنسية مع لغة أخرى نعرفها، في حديثها المتقطع والعابر مع الحاضرين الذين يتناولون الغداء قبل عرض الفيلم الذي يحكي عن ثورةٍ غابرةٍ في أرضٍ غابرةٍ لأناسٍ لم يبق منهم سوى العظام والنميمة السياسية.

       حالما يبدأ العرض مع صوت مغني الثورة تبدأ المخرجةُ الترجمةَ الفوريةَ للحاضرين الجاهلين بكل ما خلف الشاشة من تراجيديا عمانية لم يمنحْها الزمنُ فرصتها في التداول. نحن، الصعاليك الثلاثة، في أشد حالاتنا الحسية إنصاتاً وتيقظاً، نفهمُ ما لن يفهمه الآخرون. ونبتسم ونبكي أرواحاً هائمةً على مكاننا المنزوي والقابع في الخارطة بين لونين، أزرق يمتدُّ شرقاً نحو الشرق البعيد، وأصفر يمتدُّ إلى ما وراء الربع الخالي من خواء. وحده اللون الأحمر هو جديد هذا المشهد الجغرافي المتكرر. الجنوب الأحمر. آهٍ على الجنوب. ألم يقل محمد علي شمس الدين: كلُّ الجهاتِ الجنوبُ.
******
       يجلس الزمنُ، حذائي، محدودباً ضعيفَ السمع والبصر. يسألني إعادة جملةٍ فاتته عمّا كانت الأيام عليه، أيامُ شبابه الأحمر, حيث الكتف الأنثوي المحزوز من أثر البندقية، والعَرَق الإيروسي الناشف على البزة العسكرية، والنهدان اللذان ما زالا مكوَّرين ومشدودين في حالة تأهب دائمة، والمضاجعات الليلية العابرة في الجبال الجرداء، هم كلُّ ما تبقى للثوري الحالم، حيث تجتمع الأضدادُ هنا كيوم حسابٍ مرتجلٍ، والزمن يستنكف من نداء أيامه القادمة مع صورة أيامها الماضية كي لا يستقيمَ للتاريخ معنى كان مغيَّباً وأصبح منسيَّاً ومشوَّهاً.
********
       الأحلام تكتب بمداد الغريزة. والعناصر الأربعة تصبح في يد الحالم مادةً أولى لخلق الكون الجديد. والريح التي صادقت أسلافَنا في البحار والصحارى ما زالت طوع بنان الفتى الراغب بتطويق الكرة بذراعيه كحبيبة مفقودة.
*******
       السلطان الجديد يتسلم زمام الزمان والمكان السابحين في هيولى العزلة، مُعزَّزاً بكتائبَ من المرتزقة المسلوخة جلودهم في كوابيسَ أبديةٍ تنتابهم. الجثث المكدَّسة كالأسلحة المصادرة لا تتسع لها الأجداث المرتجلة. من ضد من في هذه الحرب الموسومة بأثر الهباء. وحده النفط سيد اللحظة، يعتلي عرشَ الرمال بُسلَّمٍ من ظهور عبيده المنحنية، أبداً، لسيدٍ من غبارٍ وورق.
********
       الثوّارُ المتحولون هياكلَ ونجوماً تحت سماءٍ تشققت من جفاف الصلوات ومَحْل الرجاء ينهضون فجراً في حلم الشاعر الراغب بكتابة رواية تستضيف اللامعقول. أياديهم ما زالت تفتح أو تسدُّ طريقاً خلّفه الغزاةُ. وصرخاتهم تملأ الوهاد كطيورٍ لامرئيةٍ تحوّم حول جثة الوقت المطعون بحربة النفاد.
*********
       الأطفال الأربعمئة في مدرسة لينين وحده الله يعلم أيَّ رياحٍ مباركةٍ ملعونةٍ حملتهم لجهات النسيان، حيث لم يبق منهم سوى نشاطهم المتخيل وحديثهم اليومي عن أمور المدرسة والمعسكر. ترى هل كان الواحد منهم يرى، برؤية الطفل الثاقبة، مصائر طائراتنا الورقية وهي ترفرف عالياً في سمائنا المفتوحة على الملائكة والأعداء؟؟
********
       مرةً أخرى تُحكى الحكاية، وأنت كعصفورٍ في قفص الفضاء الأزلي، يخرج صوتك، مُشقَّقاً خشناً كأيدي بحارة غرباء. وفيما الكهنة يمسحون جثمان الفرعون المسجى بمواد غامضة في الحجرة الملكية، استعداداً لبلوغ أبديةٍ متخيلة، تُفرغُ، أنتَ، ما في جوفك من أحلام وبراءة، اشمئزازاً من الخلود المتفسخ.
                                                            
2/8/2010م
    مسقط

20 سبتمبر 2010

يُفتتح خلال أيام ويُعتبَر حلًّا سحريًّا لمشكلة ازدحام المرور.. طريق مسقط السريع.. البطيء!


يأتي افتتاح طريق مسقط السريع في إطار افتتاح شبكة طرق أخرى تغطي جميع ربوع البلاد، وذلك بعد حفلات الرزف والرقص وإلقاء الأناشيد والأشعار ومخاطبة الولاة وولاة الأمر والنهي عن المنكر منذ سنوات طويلة حافلة بالازدحام المروري وحوادث السيارات والدراجات والسياكل والمشاة والغرق في الوديان أوقات السيول، ويأتي افتتاح طريق مسقط السريع خصوصًا بعد أن تكرر غرق المدينة بعد كل زخة مطر تستغرق نصف ساعة، حيث توقف الموظفون عن الذهاب إلى أعمالهم، وخسرت البلاد أكثر من 5 ملايين اختراع في النصف الأول من العام الماضي. وقال مصدر مسؤول في وزارة الأكاذيب والحقائق العامة إنه ابتداءً من السبت بعد بعد بعد بعد بعد بعد المقبل لن يضطر أي موظف إلى الخروج من بيته في السادسة صباحًا ليقطع مسافة لا تزيد على عشرين كيلو مترًا في وقت يبدأ فيه دوامه الساعة السابعة. وأضاف مصدر الأكاذيب إن افتتاح هذا الطريق يأتي بعد دراسات جدوى معمقة كلها درست احتياجات المدينة لحل سحري ينقذها من الازدحام المروري المتزايد ليس في مناطق المجمعات التجارية فحسب بل وحتى في السيوح والوديان، معترفًا بأن مسقط مدينة مبنية بالخطأ وسط مصبات وديان كادت تهلك الحرث والنسل في حوادث عديدة سابقة. 
ويستطرد مصدر الأكاذيب قائلًا: أكبر باعث على افتتاح طريق مسقط السريع -ويضحك: ههههه، يسميه بعض الظرفاء الطريق السلحفائي- أكبر باعس كان إصابة الناس من مواتنين ومكيمين بالنرفزة والانهيار العصبي منذ الصباح الباكر، وهو أمر يستلزم أخذ الموضوع بجدية وحذر، كي تبقى وتيرة الاختراعات على أشدها خلال ما تبقى من أيام حتى نهاية السنة الجارية.
وصرح مصدر غير مسؤول نهائيًّا رفض الكشف عن اسمه بأن البلدية هدمت سبع عشرة عمارة سكنية بعد أن خالف أصحابها التعليمات بعدم بنائهم مواقف كافية لسكانها. وقال المسؤول غير المسؤول بالمرة: في الغبرة وحدها هدمت خمس بنايات اثنتان منها نقصت مواقفهما بمعدل ثلاثة مواقف لثلاث شقق، الأمر الذي يعني تشويه منظر المدينة وخرق القوانين المعمول بها في البلاد.
وقال وزير سيموت متعفنًا على كرسي وزارته: إن مجلس الوزراء يقدر قيمة الوقت، لذلك قرر تعويض جميع أصحاب السيارات في العاصمة آلاف آلاف آلاف آلاف الريالات جرَّاء تسببه في ضياع أغلى ما يملكه الإنسان، ألا وهو الوقت. الوقت أثمن من أن تضيعه الحكومة في زحمة الشوارع اليومية التي كانت مشكلة مزمنة بلا أي أفق للحل -والكلام للوزير الذي سيدفن كرسيه معه حين يموت لأن خلعه عن مؤخرته سيكون من سابع المستحيلات- مختتمًا حديثه بأن الدولة تثمينًا للوقت والناس الذين هم أعمارهم في النهاية وقت يجب أن يدخر، تثمينًا للوقت وللناس قررت الدولة اعتبار العام القادم عامًا للوقت بحول الله بعد أن تم حل مشكلة الشوارع. تأتي هذه التصريحات بمناسبة افتتاح أكبر شارع  وأعرض شارع وأطول شارع وأسمن شارع في الكرة الأرضية: شارع مسقط السريـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع!.

09 سبتمبر 2010

أسئلة عُمانية أزليَّة


عزيزي معاوية
   سلمت يدك. شكرًا جزيلاً لك على إثارة المسكوت عنه وتحليله وطرح السؤال تلو السؤال لنبش قبور الخوف والصمت وعدم الفهم. انظر حولك وسترى الصمت الرهيب للأكثرية الضئيلة جدًّا التي تجيد الحديث في كل قضايا الكون -خاصة حين يتعلق الأمر بفلسطين وفيروز- وتهرب من وجه قضيتها إلى مائدة النعمان بن ماء السماء وسيرك النهضة وكأس الحداثة المملوءة بزخارف اللغة ونقوشها والطاولات المستديرة والمستطيلة  والمربعة المؤطرة بالتنظير وأسماء الثوريين.
   هذا الكوكتيل كله أحد أسباب أسئلتك يا معاوية، أسئلتك التي ستجيب عنها الأشباح عندما يلتم شمل اللصوص ورؤساء مجالس الشركات والمناقصات. منذ متى اعتاد العُمانيون أن تقدم الحكومة أو الدولة أو السلطة أو المهزلة (ما اسمها بالضبط؟) إجابات عن أسئلة الشعب؟. هذا السؤال القديم المتجدد المعروف الإجابة في السر وغير المجاب عنه في العلن وفي الضراء والسراء وأروقة اللصوص والنَّهَّابين وذوي المسميات، هذا السؤال -يا عزيزي معاوية- مَنْ تنتظر أن يجيب عنه إذا كانت الدولة برمتها بعد أربعين عامًا تنشئ بواليع لمخلفات بطون البلاد والعباد؟. 
    بعد أربعين عامًا! تخيَّل!. 
    بعد أربعين عامًا (فقط!) انتبهوا إلى أهمية هذا الأمر وحساسيته!.
   قف بسيارتك أمام إشارة المرور القريبة من وزارة الإسكان (حيث طالما فرشت خريطة الوطن كما على طاولات المُستعمِرين وقطعت أوصال مساحات شاسعة ووزعت على اللصوص)، إشارة المرور نفسها القريبة من مجلس الدولة، وافتح نافذة سيارتك، ولعلك لن تحتاج إلى فتح نافذة سيارتك، فسرعان ما ستنتشر رائحة الخراء من كل حدب وصوب وتتبين الحقيقة أوضح من كل المشاريع والخطط الخمسية والعشرية، وأعلى من البناية التي هدمت والبنايات الأطول والأعرض التي لن تهدم. هذا ناهيك عن أن المشروع قد ينفجر قبل اكتماله!؛ يا إلهي، هذا أمر صعبٌ تخيُّله، فحينئذ لن يحتاج الأمر إلى إشارة مرور!. والعهدة على الرواة؛ والرواة مجهولون لكن يمكنك أن تصادف ألفًا منهم كل يوم في الوزارات والشوارع وقرب الأنابيب والحفر والطرق المقطوعة. هذا وفي النشرة أنباء أخرى وإشاعات، وإن غدًا لناظره قريب!.
    فليتبارك اللصوص في غيِّهم؛ سيسرقون حتى ينفجروا من تخمة ما سرقوا والإجابة لن تأتي من أي جهة لها علاقة بالحامي الحرامي، وبين فينة وأخرى، من أجل الاستهلاك الإعلامي الشعبي وحشو أفواه السائلين بكعك السياسة المُخدِّر، سيُقدَّم إلى مذبح التقاعد وزيرٌ أو وكيلٌ انتهت صلاحيته ضحيَّةً من أجل أن يعتبر من كان في حلف اللصوص الأضعف ليخضع نهائيًّا للصوص الأقوى.
   اللهم فرِّق شملهم كي لا يكملوا تعبيد طريق البلاد نحو الهاوية.

03 سبتمبر 2010

منظمة تمكين تناشد السفير العُماني في صنعاء بخصوص قضية الطفلة إيدا

25 أغسطس 2010
إلى: سفارة سلطنة عمان – صنعاء
      سعادة السفير                                   المحترم

تحية طيبة، وكل عام وأنتم بخير،
الموضوع/ مناشدة حول حقوق الطفلة العمانية "إيدا"
تهديكم منظمة تمكين أطيب الأمنيات...
     وبالإشارة إلى الموضوع أعلاه، نود أن نعرب لكم عن تضامننا مع قضية الطفلة "إيدا عبدالله خميس البلوشي" في حقها بالاسم الذي اختاره لها والداها وكافة حقوقها كطفلة.
     حيث قامت السلطات العمانية ممثلة بشرطة عمان وإدارة الأحوال المدنية ولجنتها بحرمان الطفلة "إيدا" من حقها في الحصول على شهادة ميلاد مما حرمها من حقوقها الأساسية الأخرى وأهمها ما تعاني منه حاليا من تعسف في إيقاف تقديم الخدمات الصحية أهمها التطعيم بموجب إخطار المستشفى لوالديها بتاريخ 19 يونيو 2010.
     إن ما يجري مع الطفلة "إيدا" يعتبر تدخلا تعسفيا في حق الخصوصية للأسرة والحق في اختيار الاسم وما يترتب على هذا الانتهاك من انتهاكات متتالية، وهو ما يمثل انتهاكا لحقوق الإنسان/ حقوق الطفل، ويخالف القواعد والمبادئ الإنسانية.
     ويبدو أن هناك العديد من الحالات المشابهة التي يعاني منها الناس في سلطنة عمان بحجج ليس لها أساس حقوقي ولا قانوني، حسب قول الشرطة العمانية فإن الأسماء المرفوضة ليست موجودة في قاعدة بيانات الشرطة، وحسب قول لجنة الأحوال المدنية أنها الأسماء ينبغي أن تكون من بين الأسماء المذكورة في المعاجم العربية، وتتمسك السلطات العمانية بهذه الحجج بالرغم من وجود أسماء غير موجودة في المعاجم أو أسماء أجنبية، كما يتم إدخال أسماء أخرى هي جديدة إلى قاعدة بيانات الشرطة.. أي أن هذه الإجراءات تمثل تمييزا بين المواطنين، وفي نفس الوقت تجاوزا للشروط التي وضعتها اللجنة بضرورة أن يكون الاسم المختار موجودا في قاعدة البيانات.
     إن هذه الانتهاكات والحالات تثير قلق الجميع على كافة المستويات، وتضع مهمة الدفاع عن حقوق هذه الحالات في صدارة أولويات منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام المحلية والدولية من ناحية، وتضع السلطات العمانية تحت طائلة المساءلة أمام الهيئات الدولية المعنية والمجتمع الدولي وخاصة فيما يتعلق بحقوق الطفل.
      إننا نناشدكم سرعة التدخل لوقف هذه الممارسات والتحرك بصورة عاجلة في قضية الطفلة "إيدا" ومنحها وثيقة الميلاد الرسمية بناء على حق والديها في اختيار هذا الاسم لها، وحتى تتمكن من ممارسة جميع حقوقها ولا تكون السلطات العمانية هي من يقيد حقوق الإنسان ويمارس الانتهاكات ضد مواطنيها.
تفضلوا بقبول خالص التقدير،،،
                                                   مراد الغارتي
                                                   المدير التنفيذي

02 سبتمبر 2010

2 سبتمبر اليوم العربي للتسامح

2/9/2010
اليوم العربي للتسامح
بيان صحفي


يصادف اليوم الثاني من أيلول/ سبتمبر اليوم العربي للتسامح، الذي كانت قد أعلنته الشبكة العربية للتسامح كيوم لتعزيز ثقافة التسامح، وترسيخ مبادئ الديمقراطية، وبخاصة حرية الرأي والتعبير والاعتقاد، والوقوف في وجه ثقافة التعصب وإقصاء الآخر التي أصبحت سائدة في معظم بلدان العالم العربي.

يأتي هذا اليوم في ظل أوضاع عربية غاية في الصعوبة والتعقيد من احتلالات خارجية، وصراعات داخلية تأخذ أشكالا ومسميات عديدة لكنها في المحصلة تدفع باتجاه إلغاء الحق في تقرير المصير، وتطييف المنطقة العربية وتفتيتها إلى دويلات قائمة على أساس طائفي أو عرقي، مما يشكل تهديدا جديا ليس فقط لقيم التسامح وثقافة قبول الآخر بل أيضا لوحدة النسيج الاجتماعي للشعوب العربية بعضها مع بعض، بل وحتى لمواطني الدولة الواحدة.

إن الشبكة العربية للتسامح وهي تسعى لأن يتم اعتماد تاريخ الثاني من أيلول/ سبتمبر من كل عام كيوم عربي للتسامح من قبل الجامعة العربية، فإنها تدعو لأن يخصص هذا التاريخ من قبل مؤسسات المجتمع المدني لفعاليات تؤكد على ضرورة مناهضة جميع أشكال ومظاهر العنف والتعصب داخل المجتمعات العربية، وإشاعة ثقافة السلم المجتمعي والتسامح والحوار والتقاليد الديمقراطية الحقيقية، والتأكيد على مبدأ الحق في الاختلاف، وتوسيع هوامش الحريات العامة وفي مقدمتها حرية الرأي والتعبير والاعتقاد.

إن الشبكة العربية للتسامح تؤمن بأن التغيير باتجاه مجتمع عربي حر ومتطور ومتجانس ومتآلف وعصري يحترم الحرية والتعددية وحقوق الأفراد هو هدف نبيل يمكن تحقيقه بالعمل الجاد والمتواصل لكافة القوى المؤمنة بالتحرر والديمقراطية والعدالة الاجتماعية في البلدان العربية.

حول التسامح بمناسبة اليوم العربي للتسامح


التسامح:
إن التسامح في الإطار الإنساني موجود في غريزة وكينونة النفس البشرية لكن تتلاشى وتتفكك قيمه الإنسانية بسبب المؤثرات والتغيرات والاحتياجات التي تجعل الإنسان يتناسى التسامح وأهميته، وهو ما يجعل العنف واللاتسامح هو سبيل وخيار المكونات الإنسانية والمؤسسية، الأمر الذي يضعنا أمام تحدي حقيقي يتمثل في إعادة النظر في علاقتنا بالآخر المختلف, يتبناه طرف جديد محايد يمتلك المصداقية والثقة. 

فالتسامح لا يعني التنازل عن الحقوق ولا يعني الموافقة على الانتهاكات، بل إن التسامح كقيمة أساسية يشكل قاسما مشتركا في منظومة قيم الديمقراطية والعدل الاجتماعي والسلم الأهلي وحقوق الإنسان، الأمر الذي يجعله في قمة الأولويات التي ينبغي ممارستها كسلوك - وليس كخيار- ومنبعا للتفكير، كون الثقافة القائمة في المجتمع العربي وخصوصا المجتمع اليمني عقائدية وتقليدية حيث تلعب هذه الثقافة دورا حيويا في حياة الأفراد وتؤثر في كثير من التطورات السياسية والاجتماعية.
إن استمرار التعددية الدينية والعرقية والثقافية... في المجتمع تحتاج إلى إرادة جماعية للتعايش السلمي والقبول بالآخر كما هو - رغم الاختلاف، والعمل بقيم التسامح في المجال السياسي والديني والاجتماعي والاقتصادي.
إن مظاهر عدم التسامح وأعمال العنف والإرهاب والكراهية والاستبعاد والتهميش والتمييز تقف عائقا أمام التعايش السلمي وتؤثر على مسار البناء الديمقراطي، كما تشكل عقبات أمام التنمية. وبالتالي فإن حالة العنف والانتهاكات والممارسات الإرهابية ستبقى قائمة ما لم نحاول تأصيل قيم التسامح وممارستها بفاعلية  كون التسامح يمثل قيمة أخلاقية وحقوقية ويتأثر ببقية مكونات المنظومة الثقافية والقيمية، ولا بد من الإشارة إلى أن اللاتسامح يمكن أن يكون خفيا وراء الخطاب الظاهري، وبالتالي فإن التسامح واللاتسامح يكون نابعا من داخلنا نحن حيث يعتمد ذلك على ما ترسخ فينا من الثقافة والقيم المجتمعية .
إن الأوضاع الراهنة والأزمات التي تمر بلدان العالم العربي معقدة وسوف تفضي إلى حالة من التفكك وانعدام السلم الاجتماعي، ففي اليمن، استمرار الحرب بين الدولة والحوثيين وحالة الحراك في المناطق الجنوبية وقمعه من قبل الدولة والاحتقان المتزايد في مناطق يمنية أخرى وانتهاك حقوق الغير، تعود لأسباب متنوعة ربما حقوقية أو مطلبية، إلا أنها في الحقيقة نابعة من سبب رئيسي مشترك لكل حالات العنف والاحتقان والتمييز وهو غياب التسامح، لذلك فإن الحاجة إلى تعزيز ثقافة وقيم التسامح أصبح ضروريا في المجتمع ، ترتكز أهم هذه القيم في قبول الآخر  وحرية الرأي والتعبير والاعتقاد، والوقوف في وجه ثقافة التعصب وإقصاء الآخر.
اليوم العربي للتسامح:
إن هذا اليوم 2 سبتمبر من كل عام هو اليوم الذي ينبغي إحيائه والاحتفال به بالتسامح في العالم العربي، وتجسيد كل صور وقيم التسامح فعليا من خلال تجاوز كافة الأزمات في المنطقة العربية سواء الداخلية منها أو الخارجية .
وبالرغم من أن الإعلان بشأن التسامح قد حدد تاريخ الــ 16 من نوفمبر من كل عام كيوم دولي للتسامح ، إلا أن تاريخ 2 سبتمبر هو الذي حددته الشبكة العربية للتسامح كيوم عربي للتسامح، وهي تتطلع لأن تعتمده الجامعة العربية ليكون اليوم العربي للتسامح سعيا نحو هدف نبيل يتمثل في تعزيز ثقافة التسامح وترسيخ مبادئ الديمقراطية. وليكون الاحتفاء بهذا اليوم عربيا يهدف إلى إشراك الجمهور العربي والحكومات العربية ليشكل التزاما أخلاقيا بالتسامح ونشر ثقافته وتجديدها سنويا.
وانطلاقا من مسئولية الشبكة العربية للتسامح ينبغي أن يأخذ المجتمع المدني دوره في خلق مناخ شراكة لدعم الحوار ونبذ العنف الفكري والسياسي والديني والاجتماعي واعتماد مبدأ التسامح بكل قيمه وفي مختلف المستويات، ولكوننا أعضاء في الشبكة ينبغي أن نحتفل بكل الطرق المتاحة بهذه المناسبة حتى تعتمد رسميا في البلدان العربية، لذا فإن نشر مثل هذه الوثائق يعتبر مساهمة في نشر قيم وثقافة التسامح.

الشبكة العربية للتسامح:
الشبكة العربية للتسامح تجمع عربي مستقل يضم عدداً من منظمات حقوق الإنسان والمدافعين عن تلك الحقوق من أكاديميين وكتاب وصحافيين ومفكرين ومحامين، هدفها إعادة الاعتبار لثقافة التسامح والدفاع عن القيم الديمقراطية وترسيخها في الثقافة المجتمعية.
تعتمد المرجعية الفكرية والحقوقية للشبكة العربية للتسامح على الشرعة الدولية لحقوق الإنسان بكامل منظومتها، وفي مقدمتها إعلان مبادئ بشأن التسامح الصادر عن منظمة اليونسكو لعام 1996  ، فضلاً عن الفكر التقدمي الإنساني والحضاري في التراث العربي والعالمي.
ومنذ تأسيس الشبكة منذ عامين يقوم مركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان بإدارة الشبكة والقيام بكافة أنشطتها، وتضم الشبكة في عضويتها 35 عضوا من منظمات وأفراد يمثلون معظم بلدان العالم العربي.
وتهدف الشبكة العربية للتسامح إلى :
أولاً: العمل على مناهضة كافة أشكال ومظاهر العنف والتعصب على المستويين الرسمي والشعبي في الأقطار العربية، وإشاعة ثقافة السلم المجتمعي والتسامح والتقاليد الديمقراطية الحقيقية.
ثانياً: التأكيد على أن جوهر التسامح قائم على مبدأ الحق في الاختلاف، والدعوة إلى احترام هذا الحق، وتطبيقه على أرض الواقع، والدفاع عن استمراره والعمل على تغذية ثقافة الاختلاف ودعم جوانبها الإيجابية.
ثالثاً: الدعوة إلى توسيع هوامش الحريات العامة باعتبار أن ذلك عامل أساسي من عوامل تثبيت الحقوق الأساسية التي ترتكز عليها قيمة التسامح، وفي مقدمتها الحق في المعتقد، دينياً كان أو غيره، والحق في حرية الرأي والتعبير عنه، والحق في التنظيم النقابي والتجمع السلمي والتعددية السياسية، لذا لا بد من ترجمة تلك الحقوق على المستويين القانوني والتشريعي، والنضال من أجل تحقيقها على أرض الواقع.
رابعاً: العمل على توجيه الخطاب الديني حتى يكون رفدا أساسيا في تعميم ثقافة التسامح وقيمه، والدعوة لنبذ كافة أشكال التحريض ضد المختلِف، ونبذ التشدد والتطرف العقائدي والمذهبي.


إعلان مبادئ التسامح

إعلان مبادئ بشأن التسامح
اعتمده المؤتمر العام لليونسكو في دورته الثامنة والعشرين، باريس، 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1995

إن الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة المجتمعة في باريس في الدورة الثامنة والعشرين للمؤتمر العام في الفترة من 25 تشرين الأول/ أكتوبر إلي 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1995،
الديباجة
إذ تضع في اعتبارها أن ميثاق الأمم المتحدة ينص علي أننا "نحن شعوب الأمم المتحدة، وقد آلينا في أنفسنا أن ننقد الأجيال المقبلة من ويلات الحرب... وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره... وفي سبيل هذه الغايات اعتزمنا أن نأخذ أنفسنا بالتسامح وأن نعيش معا في سلام وحسن جوار".
وتذكر بأن الميثاق التأسيسي لليونسكو المعتمد في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1945 ينص في ديباجته علي أن "من المحتم أن يقوم السلم عي أساس من التضامن الفكري والمعنوي بين بني البشر".
كما تذكر بأن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يؤكد أن "لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين" (المادة 18) و "حرية الرأي والتعبير" (المادة 19) و "أن التربية يجب أن تهدف إلي ... تنمية التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الشعوب والجماعات العنصرية أو الدينية" (المادة 26).

وتحيط علما بالوثائق التقنينية الدولية ذات الصلة، بما في ذلك:
- العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،
- العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية،
- الاتفاقية الدولية للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري،
- الاتفاقية الخاصة بمنع جريمة إبادة الجنس والمعاقبة عليها،
- اتفاقية حقوق الطفل،
- اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين وبروتوكولها لعام 1967 والوثائق التقنينية الإقليمية المتعلقة بها،
- اتفاقية القضاء علي جميع أشكال التمييز ضد المرأة،
- اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،
- الإعلان الخاص بالقضاء علي جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين علي أساس الدين أو المعتقد،
- الإعلان الخاص بحقوق الأشخاص المنتمين إلي الأقليات الوطنية أو الاثنية والدينية واللغوية،
- إعلان وبرنامج عمل فينا الصادران عن المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان،
- إعلان وخطة عمل كوبنهاغن اللذان اعتمدتهما القمة العالمية للتنمية الاجتماعية،
- إعلان اليونسكو بشأن العنصر والتحيز العنصري،
- اتفاقية وتوصية اليونسكو الخاصتان بمناهضة التمييز في مجال التربية،

وتضع في اعتبارها أهداف العقد الثالث لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري، والعقد العالمي للتثقيف في مجال حقوق الإنسان، والعقد الدولي للسكان الأصليين في العالم،
وتضع في اعتبارها التوصيات الصادرة عن المؤتمرات الإقليمية التي نظمت في إطار سنة الأمم المتحدة للتسامح وفقا لأحكام القرار 27 م/5.14 الصادر عن المؤتمر العام لليونسكو، واستنتاجات وتوصيات مؤتمرات واجتماعات أخري نظمتها الدول الأعضاء ضمن إطار برنامج سنة الأمم المتحدة للتسامح،
يثير جزعها تزايد مظاهر عدم التسامح، وأعمال العنف، والإرهاب، وكراهية الأجانب، والنزاعات القومية العدوانية، والعنصرية، ومعادة السامية، والاستبعاد والتهميش والتمييز ضد الأقليات الوطنية والاثنية والدينية واللغوية واللاجئين والعمال المهاجرين والمهاجرين والفئات الضعيفة في المجتمعات، وتزايد أعمال العنف والترهيب التي ترتكب ضد أشخاص يمارسون حقهم في حرية الرأي والتعبير، وهي أعمال تهدد كلها عمليات توطيد دعائم السلام والديمقراطية علي الصعيدين الوطني والدولي وتشكل كلها عقبات في طريق التنمية.
وتشدد علي مسؤوليات الدول الأعضاء في تنمية وتشجيع احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية بين الناس كافة، بدون أي تمييز قائم علي العنصر أو الجنس أو اللغة أو الأصل الوطني أو الدين أو أي تمييز بسبب عجز أو عوق، وفي مكافحة اللاتسامح.
تعتمد وتصدر رسميا ما يلي:

إعلان مبادئ بشأن التسامح
إننا إذ نعقد العزم علي اتخاذ كل التدابير الإيجابية اللازمة لتعزيز التسامح في مجتمعاتنا لأن التسامح ليس مبدأ يعتز به فحسب ولكنه أيضا ضروري للسلام وللتقدم الاقتصادي والاجتماعي لكل الشعوب، وتحقيقا لهذا الغرض نعلن ما يلي:
المادة 1
معني التسامح
1-1 إن التسامح يعني الاحترام والقبول والتقدير للتنوع الثري لثقافات عالمنا ولأشكال التعبير وللصفات الإنسانية لدينا. ويتعزز هذا التسامح بالمعرفة والانفتاح والاتصال وحرية الفكر والضمير والمعتقد. وأنه الوئام في سياق الاختلاف، وهو ليس واجبا أخلاقيا فحسب، وإنما هو واجب سياسي وقانوني أيضا، والتسامح، هو الفضيلة التي تيسر قيام السلام، يسهم في إحلال ثقافة السلام محل ثقافة الحرب،
1-2 إن التسامح لا يعني المساواة أو التنازل أو التساهل بل التسامح هو قبل كل شئ اتخاذ موقف إيجابي فيه إقرار بحق الآخرين في التمتع بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية المعترف بها عالميا. ولا يجوز بأي حال الاحتجاج بالتسامح لتبرير المساس بهذه القيم الأساسية. والتسامح ممارسة ينبغي أن يأخذ بها الأفراد والجماعات والدول.
1-3 إن التسامح مسؤولية تشكل عماد حقوق الإنسان والتعددية (بما في ذلك التعددية الثقافية) والديمقراطية وحكم القانون. وهو ينطوي علي نبذ الدوغماتية والاستبدادية ويثبت المعايير التي تنص عليها الصكوك الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.
1-4 ولا تتعارض ممارسة التسامح مع احترام حقوق الإنسان، ولذلك فهي لا تعني تقبل الظلم الاجتماعي أو تخلي المرء عن معتقداته أو التهاون بشأنها. بل تعني أن المرء حر في التمسك بمعتقداته وأنه يقبل أن يتمسك الآخرون بمعتقداتهم. والتسامح يعني الإقرار بأن البشر المختلفين بطبعهم في مظهرهم وأوضاعهم ولغاتهم وسلوكهم وقيمهم، لهم الحق في العيس بسلام وفي أن يطابق مظهرهم مخبرهم، وهي تعني أيضا أن آراء الفرد لا ينبغي أن تفرض علي الغير.
المادة 2
دور الدولة
2-1 إن التسامح علي مستوي الدولة يقتضي ضمان العدل وعدم التحيز في التشريعات وفي إنفاذ القوانين والإجراءات القضائية والإدارية. وهو يقتضي أيضا إتاحة الفرص الاقتصادية والاجتماعية لكل شخص دون أي تمييز. فكل استبعاد أو تهميش إنما يؤدي إلي الإحباط والعدوانية والتعصب.
2-2 وبغية إشاعة المزيد من التسامح في المجتمع، ينبغي للدول أن تصادق علي الاتفاقيات الدولية القائمة بشأن حقوق الإنسان، وأن تصوغ عند الضرورة تشريعات جديدة لضمان المساواة في المعاملة وتكافؤ الفرص لكل فئات المجتمع وأفراده.
2-3 ومن الجوهري لتحقيق الوئام علي المستوي الدولي أن يلقي التعدد الثقافي الذي يميز الأسرة البشرية قبولا واحتراما من جانب الأفراد والجماعات والأمم. فبدون التسامح لا يمكن أن يكون هناك سلام، وبدون السلام لا يمكن أن تكون هناك تنمية أو ديمقراطية.
2-4 وقد يتجسد عدم التسامح في تهميش الفئات المستضعفة، واستبعادها من المشاركة الاجتماعية والسياسية، وممارسة العنف والتمييز ضدها. وكما يؤكد الإعلان بشأن العنصر والتحيز العنصري فإن "لجميع الأفراد والجماعات الحق في أن يكونوا مختلفين بعضهم عن بعض" (المادة 1-2).
المادة 3
الأبعاد الاجتماعية
3-1 إن التسامح أمر جوهري في العالم الحديث أكثر منه في أي وقت مضى، فهذا العصر يتميز بعولمة الاقتصاد وبالسرعة المتزايدة في الحركة والتنقل والاتصال، والتكامل والتكافل، وحركات الهجرة وانتقال السكان علي نطاق واسع، والتوسع الحضري، وتغيير الأنماط الاجتماعية. ولما كان التنوع ماثلا في كل بقعة من بقاع العالم، فإن تصاعد حدة عدم التسامح والنزاع بات خطرا يهدد ضمنا كل منطقة، ولا يقتصر هذا الخطر علي بلد بعينه بل يشمل العالم بأسره.
3-2 والتسامح ضروري بين الأفراد وعلي صعيد الأسرة والمجتمع المحلي، وأن جهود تعزيز التسامح وتكوين المواقف القائمة علي الانفتاح وإصغاء البعض للبعض والتضامن ينبغي أن تبذل في المدارس والجامعات وعن طريق التعليم غير النظامي وفي المنزل وفي مواقع العمل. وبإمكان وسائل الإعلام والاتصال أن تضطلع بدور بناء في تيسير التحاور والنقاش بصورة حرة ومفتوحة، وفي نشر قيم التسامح وإبراز مخاطر اللامبالاة تجاه ظهور الجماعات والأيديولوجيات غير المتسامحة.
3-3 وكما يؤكد إعلان اليونسكو بشأن العنصر والتحيز العنصري، يجب أن تتخذ التدابير الكفيلة بضمان التساوي في الكرامة والحقوق للأفراد والجماعات حيثما اقتضى الأمر ذلك. وينبغي في هذا الصدد إيلاء اهتمام خاص للفئات المستضعفة التي تعاني من الحرمان الاجتماعي أو الاقتصادي، لضمان شمولها بحماية القانون وانتفاعها بالتدابير الاجتماعية السارية ولا سيما فيما يتعلق بالمسكن والعمل والرعاية الصحية، وضمان احترام أصالة ثقافتها وقيمها، ومساعدتها على التقدم والاندماج علي الصعيد الاجتماعي والمهني، ولا سيما من خلال التعليم.
3-4 وينبغي إجراء الدراسات وإقامة الشبكات العلمية الملائمة لتنسيق استجابة المجتمع الدولي لهذا التحدي العالمي، بما في ذلك دراسات العلوم الاجتماعية الرامية إلي تحليل الأسباب الجذرية والإجراءات المضادة الفعلية، والبحوث وأنشطة الرصد التي تجري لمساندة علميات رسم السياسات وصياغة المعايير التي تضطلع بها الدول الأعضاء.
المادة 4
التعليم
4-1 إن التعليم هو أنجع الوسائل لمنع اللاتسامح، وأول خطوة في مجال التسامح، هي تعليم الناس الحقوق والحريات التي يتشاركون فيها وذلك لكي تحترم هذه الحقوق والحريات فضلا عن تعزيز عزمهم علي حماية حقوق وحريات الآخرين.
4-2 وينبغي أن يعتبر التعليم في مجال التسامح ضرورة ملحة، ولذا يلزم التشجيع علي اعتماد أساليب منهجية وعقلانية لتعليم التسامح تتناول أسباب اللاتسامح الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية - أي الجذور الرئيسية للعنف والاستبعاد، وينبغي أن تسهم السياسات والبرامج التعليمية في تعزيز التفاهم والتضامن والتسامح بين الأفراد وكذلك بين المجموعات الاثنية والاجتماعية والثقافية والدينية واللغوية وفيما بين الأمم.
4-3 إن التعليم في مجال التسامح يجب أن يستهدف مقاومة تأثير العوامل المؤدية إلي الخوف من الآخرين واستبعادهم، ومساعدة النشء علي تنمية قدراتهم علي استقلال الرأي والتفكير النقدي والتفكير الأخلاقي.
4-4 إننا نتعهد بمساندة وتنفيذ برامج للبحوث الاجتماعية وللتعليم في مجال التسامح وحقوق الإنسان واللاعنف. ويعني ذلك ايلاء عناية خاصة لتحسين إعداد المعلمين، والمناهج الدراسية، ومضامين الكتب المدرسية والدروس وغيرها من المواد التعليمية بما فيها التكنولوجيات التعليمية الجديدة بغية تنشئة مواطنين يقظين مسئولين ومنفتحين علي ثقافات الآخرين، يقدرون الحرية حق قدرها، ويحترمون كرامة الإنسان والفروق بين البشر، وقادرين علي درء النزاعات أو علي حلها بوسائل غير عنيفة.
المادة 5
الالتزام بالعمل
5- إننا نأخذ علي عاتقنا العمل علي تعزيز التسامح واللاعنف عن طريق برامج ومؤسسات تعني بمجالات التربية والعلم والثقافة والاتصال.
المادة 6
اليوم الدولي للتسامح
6-1 وسعيا إلي إشراك الجمهور، والتشديد علي أخطار عدم التسامح، والعمل التزام ونشاط متجددين لصالح تعزيز نشر التسامح والتعليم في مجال التسامح، نعلن رسميا يوم السادس عشر من شهر تشرين الثاني/نوفمبر من كل سنة يوما دوليا للتسامح.
تنفيذ إعلان المبادئ بشأن التسامح
إن المؤتمر العام،
بالنظر إلي أن المسؤوليات التي يلقيها الميثاق التأسيسي لليونسكو علي عاتق المنظمة فيما يتعلق بمجالات التربية والعلم -بما في ذلك العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية- والثقافة والاتصال، تقتضي منها أن تسترعي انتباه الدول والشعوب إلي المشكلات المتعلقة بجميع جوانب الموضوع الجوهري المتمثل في التسامح واللاتسامح.
وإذ يضع في اعتباره إعلان المبادئ بشأن التسامح، الصادر عن اليونسكو في هذا اليوم السادس عشر من تشرين الثاني/نوفمبر 1995.
1. يحث الدول الأعضاء علي القيام بما يلي:
(أ) الاحتفال باليوم السادس عشر من شهر تشرين الثاني/نوفمبر من كل سنة كيوم دولي للتسامح وذلك عن طريق تنظيم أنشطة وبرامج خاصة لنشر رسالة التسامح بين مواطنيها، بالتعاون مع المؤسسات التربوية والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية ووسائل الإعلام في كل منطقة،
(ب) إبلاغ المدير العام أي معلومات قد تود أن تشاطرها مع غيرها، بما في ذلك المعلومات التي تسفر عنها بحوث أو مناقشات عامة عن قضايا التسامح والتعددية الثقافية، من أجل زيادة فهمنا للظواهر المرتبطة بعدم التسامح والأيديولوجيات التي تدعو إلي التعصب مثل العنصرية والفاشية ومعادة السامية، ولأنجع الوسائل لتناول هذه القضايا،
2. يدعو المدير العام إلي القيام بما يلي:
(أ) تأمين نشر نص إعلان المبادئ علي أوسع نطاق ممكن، والقيام لهذا الغرض، بنشره واتخاذ الترتيبات اللازمة لتوزيعه ليس باللغات الرسمية للمؤتمر العام فحسب وإنما بأكبر عدد ممكن من اللغات الأخرى أيضا،
(ب) استحداث آلية ملائمة لتنسيق وتقديم الأنشطة التي يضطلع بها في منظومة الأمم المتحدة وبالتعاون مع المنظمات الشريكة الأخرى تعزيزا للتسامح وللتربية من أجل التسامح.
(ج) إبلاغ إعلان المبادئ إلي الأمين العام للأمم المتحدة ودعوته إلي عرضه علي النحو الملائم علي الدورة الحادية والخمسين للجمعية العامة للأمم المتحدة وفقا لأحكام قرارها 49/213.