24 فبراير 2012

أفلام سرية وجرأة عائلية!

عبدالله خميس
 
مهرجان سينمائي "سري"!
    تنطلق خلال الفترة من 23 إلى 29 فبراير الجاري فعاليات "المهرجان السينمائي الأول لمجلس التعاون لدول الخليج العربية" والذي ينعقد بالعاصمة القطرية الدوحة، وهو مهرجان –كما يَبِين من عنوانه- يتبع للأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، وتشرف على تنظيمه وزارات الثقافة في بلدان الخليج. موعد المهرجان المذكو أعلاه قد يكون نهائيا وقد لا يكون كذلك، فقد سبق للموعد أن شهد تغييرا واحدا على الأقل من قبل. أغرب ما يتعلق بالمهرجان هو إحاطته بطابع من السرية العجيبة، ليس في عُمان وحدها، بل تقريبا في جميع بلدان الخليج. ففي بلادنا لم يتم الإعلان عن هذا المهرجان مطلقا ولم يتم نشر دعوة إعلامية علنية لصناع الأفلام للمشاركة فيه. نفس الأمر حدث في الكويت، حيث لم يتم "تبادل الأخبار" عن المهرجان إلا قبل انتهاء موعد تقديم الأعمال المشاركة ببضعة أيام بما لا يعطي فرصة لأي أحد للمشاركة!
    بالنسبة لبلادنا، فكل اللوم على عدم نشر إعلان يدعو صناع الأفلام للمشاركة في المهرجان يقع على عاتق وزارة التراث والثقافة، وهو أمر نجهل سببه، فلا أظن أن الوزارة لا تملك بندا في الميزانية يجيز لها نشر إعلان من هذا القبيل. كل ما فعلته وزارة التراث والثقافة أنها أحالت الأمر للجمعية العمانية للسينما، وهناك قام أعضاء الجمعية بمخاطبة من يعرفونهم بصفة شخصية ودعوتهم للمشاركة، لكن جمعية السينما لم تقم هي الأخرى بعمل إعلان حول الموضوع، ولا لوم عليها في ذلك، فالمسؤول الأول عن الفعالية هو وزارة التراث والثقافة التي أدى تكتمها على الموضوع إلى وجود مشاركة عمانية محدودة للغاية. شخصيا سمعتُ بأمر هذا المهرجان "السري" من رئيس الجمعية العمانية للسينما وذلك بمحض لقاء جمعني بالصدفة به، ولولا ذلك لما كنت قد عرفت بالأمر. إنه لمن نافل القول أن أعضاء الجمعية العمانية للسينما لا يعرفون جميع صناع الأفلام في بلادنا، وليس جميع صناع الأفلام أعضاء في الجمعية، لذا فمن المتوقع أن الكثير من السينمائيين لم يسمعوا عن هذا المهرجان. وما حدث لي هو أنني ذهبت لوزارة التراث والثقافة لأعرف المزيد عن المهرجان، لكني لم أجد تعاونا كافيا، بل وجدت المزيد من الحرص على التكتم الذي أجهل أسبابه! وبما أنني صرت أعرف أن حال التكتم بخصوص المهرجان ليس في عُمان وحدها فحسب، فإنني أتساءل عن أسبابه. هل الهدف هو إشراك مجموعة محددة فقط من صناع الأفلام الخليجيين ممن ترتضيهم وزارات الثقافة الخليجية ليتنافسوا فيما بينهم بأفلامهم "الرسمية"؟ إذا كان الأمر كذلك فكم هم سعداء مَن لم يسمعوا بهذا المهرجان أصلا، والسينما نفسها هي الرابح الأكبر في عدم المشاركة بمهرجان "سري" للأفلام!

زينة القطب الجنوبي
    مدهشة عائلة الأصدقاء "آل تويه"، حقا إن الإبداع يمكن أن يجري أحيانا في عروق عائلة بأكملها. القاص سالم آل تويه كاتب جاد وجريء، فضلا عن كونه ناشطا حقوقيا شجاعا. نشر مؤخرا روايته الجريئة "أيوب شاهين"، مسبوقة بمجموعته القصصية "حد الشوف" التي قدمت قصصا مغايرة واجترحت ثيمات لم تتطرق إليها الكتابة العمانية من قبل. أخوه الأصغر، عبدالله، اسم واعد جدا بدوره، فهو يسير في ركب المفكرين العرب الكبار المنشغلين بقضايا فكرية تخص جوهر الفكر والثقافة العربية، ودراسته التي نشرها مؤخرا عن المفكر الكبير الراحل نصر حامد أبو زيد مؤشر على عمق اطلاعه وهضمه للفكر العربي، وهو إلى جانب ذلك مترجم محترف مازلنا ننتظر أن تسمح ظروفه الحياتية ليغذينا بالمزيد من الإبداع على صعيد الترجمة. وحين يتعلق الأمر بالترجمة فإن زوينة، ابنة هذه العائلة المبدعة، هي الأخرى مترجمة فذة، وسبق لها أن ترجمت كتابا تخصصيا مثل "دليل مشاهدة الطيور العمانية" وهو عمل مرهق له مصطلحاته وقاموسه اللغوي الخاص به، وكانت زوينة قد أدهشتنا وأمتعتنا بمجموعتها القصصية "المرأة الواقفة تجلس" التي تعكس امرأة/كاتبة واعية بأدواتها ولديها رؤيتها الخاصة، وقد اختارت مؤخرا بعناية القصة الطويلة "بارتلبي النساخ" لهيرمان ميلفل لتترجمها للعربية بلغة عذبة مشوقة، رغم أنها تصدت لعمل صعب بالأساس في لغته الأم.
     اليوم تفاجئنا عائلة آل تويه بموهبة أخرى جديدة هي زينة، الابنة الصغرى –حسب علمي-، والتي تخوض مغامرة خلاقة من نوع خاص. ستصبح زينة آل تويه قريبا جدا أول إنسان عماني تطأ قدماه الأرض الجليدية للقطب الجنوبي المتجمد. سترتحل زينة في مغامرة غير هينة مع فريق من العلماء والمغامرين لتصل في رحلة مضنية إلى أرض القطب الجنوبي، باعثة بعدة رسائل منها التوعية البيئية بالمخاطر التي يتعرض لها كوكب الأرض، وكذلك لتثبت أن الإنسان العماني قادر على أن يكون خلاقا، وأنه صاحب عزيمة ومبادرة.
    لم تأتِ مغامرة القطب الجنوبي المتجمد جاهزة لزينة، بل هي من سعت إليها وعملت جاهدة طوال عدة أشهر لإقناع مجموعة من المؤسسات الخاصة في بلادنا لتتبنى تمويل مشاركتها في هذه المهمة الفريدة التي ستكتسب زينة وبلادنا كلها من ورائها سمعة دولية حميدة. كل نَفَس لاهث ستزفره زينة في رحلتها الصعبة سيكون بمثابة خطوة إضافية تحمل من خلالها علم بلادها إلى الأمام. ياله من عمل جدير بالإعجاب، ويالها من فتاة مغامرة مليئة بالحماس والطموح، ويالها من عائلة يجري الإبداع في دم أفرادها!

20 فبراير 2012

قبلة على جبين أحمد راشد ثاني في قبره

ظبية خميس

أوصى بك الريح,وشذرات العدم.
الشاعرة ظبية خميس
صرنا بلا وداع نفترق,الصدفة تبلغنا عن نهاياتنا.
حتى الحزن والرثاء والدموع كأن لا حق خاص لنا فيها,فى أمة تحتضر,ويسبق موتها وعود حياتها القادمة.
رمت الرحيل,إذن يا أحمد راشد ثانى فى ظهيرة نهار لا زال يبدأ عام جديد معه.لا زال فى أوله ولكنك رحلت فختمته ليكون آخر الأعوام.
كل شىء يعدنا للوداع وحتى أحاديث الذكريات ووعود قادم قريب نصنع فيه المزيد منها على أرض كلما إقتربنا منها,تبتعد.
نتوهم مستقبل ما,نستريح فيه من ضناء كوابيس مشينا بها.نتوهم شيخوخة آتية فإذا بها النهايات والجبال على أكتافنا لا تزال.
أكثر من ثلاثين عام كتبنا فيها .تقابلنا وتودعنا بأمل جغرافية تحملنا ونحملها.تزورنى فى القاهرة لتقول عودى:تغير المكان والزمان.عودى فشباب اليوم يشبه تمرد شبابك بالأمس.عودى:صار لنا مكان للقصيدة والكلام وربما حرية فى الأوطان.عودى,وسأمنحك الكثير من الكتب.أعود فتقول لى :لا بيت لى بعد!شبت يا ظبية ولم يمنحونى بيت بعد.أفكر ببيت لأولادى فقلبى معطوب وبيتى إحترق ولا بيت لى سوى القصيد والكتب.أقول لك نشترى شققا معلقة فى السماء كاالغرباء فى الشارقة وتكون جارى,ونتفق.
تتحمس يا أحمد للثورات والعرب,تعيشها بالأمل وأقول لك ذلك دم يراق,ويراق,ويراق!
تكتب بحمى من يريد أن يبصر كل شىء دفعة واحدة.تنشر كتبك مجتمعة.الشعر والنثر وسرد المستشفى والذاكرة وخورفكان وحيوات شعراء وشاعرات الأمس وتحن للخضر وإبن ماجد والفراهيدى والنخل والبحر والرمل ,وتحن لأبويك  الذين دفنتهما بيديك.
تحتمى بطفلتك الكبرى وهج وتحن لطفليك فى هولندا وتستقبل طفلا جديدا بحلم الغد.وكلهم تيتموا اليوم وتيتمنا معهم وتيتمت أرض بأكملها أنشدتها شعرك وكلماتك فى حياة كاملة.تسرع بالكتابة وتضيف إلى الرصيد روايتين وتنشر مجموعتك الكاملة وأقول لك:إهدأ يا أحمد قليلا!لكنك تسرع أكثر وكأنك تعلم أن الموت يخاتلك ويترصدك!
كتبنا يا أحمد فى بلاد الكتابة فيها ذرو ريح!
بلاد لم تر مانراه ولم تصغى لنا وعاملتنا كغرباء متطفلين على سيادتها.بلاد ترى حرثنا البحر والرمل,لا تعلم أجيالها رصيدنا ولا حروفنا ولا ذاكرتنا التى إختزنت المكان والناس والحب وبدايات الأحلام.كل ذلك الشعر ,كل ذلك النثر,كل تلك الرؤى,كل ذلك الشوق والتوق لبلاد لم تقرأه بعد!


حلقت يا أحمد باحثا عن الحياة والشعر والأصدقاء والتجوال إلى المغرب تارة ولبنان تارة أخرى فمصر وثايلاند وبلاد كثيرة ذهبت إليها بوريقاتك وأقلامك وقصائدك وعدت إلى المكان الأول,وكان يضيق ويتسع لمزيد من الغرباء.يمحو العربية ويستعين بأبناء العالم الجديد,محولا,أمثالنا إلى ديكور مناسبانت منسى.وكنت تراقب يا أحمد وقد صار تعبك أكثر وكذلك تأملك.
وحيدا كنت يا أحمد,فقد إنفرط العقد منذ زمن طويل.أتذكر كم كنت تحب الماغوط,وسركون بولص,وعلى عبدالله خليفة,ومظفر النواب,وبورخس,ويوسف خليل.
أتذكر كيف كنا ندعوك الطفل المعجزة,وأول أمسياتك الشعرية وأنا معك فى النادى السياحى عام 1981.أتذكر أمك وأبيك يطرقان باب بيتى فى الشارقة بحثا عنك وقد غادرتهم فى خورفكان,فأذهب للبحث عنك وأجلبك لهما فى الشارقة.أتذكر مكتبتى التى سطوت على نصفها وأنت تلتهم الكتب والشعر فى سنوات التكوين.أتذكر رفقتك المبدعة مع كثيرين تساقطوا من حياتك كورق الخريف وبقى منهم الفنان حسن شريف الذى رأيته بعد ربع قرن عبرك منذ عام تقريبا.
رايت يا أحمد إضمحلال من ظننا أنهم كبار فتحولوا إلى خرق باهتة رغم تلميعها.كنت أتسامح معهم غير أنك إزدريتهم حتى النفس الأخير,ويستحقون!لم يعودوا رفاقا بل ذكرى ذلك وتدنت نفوسهم فيما تعاظمت أسماءهم!
إعتدت الوداعات المتأخرة يا أحمد والتى تأتى بعد فجأة وذهول الغياب.هكذا ودعت أعز أصدقائى فى السنوات الأخيرة وعلى التوالى:محمد الحسينى وثريا نافع وأحمد إسماعيل وأم صفاء والجميل إبراهيم أصلان وقبله عدلى رزق الله وكثر غيرهم.أما أنت يا أحمد رفيق البدايات فقد أملت النفس أن تكون هناك بعد أعوام الشتات الطويلة لتؤنس عودة حرضتنى عليها وتكاد تكون الصديق الوحيد من رائحة ذلك الزمان وها أنا أراك أرتحلت ولم تطق صبرا!
ماذا أراد جيلنا يا أحمد؟وماذا ترك؟على غيرنا أن يكتشف ذلك أما نحن فقد أنجزنا شىء مما نريد.
فلترقد بسلام فى قبرك,فى تراب وطنك ,وقريبا من ضلوع أمك وأبيك وأجدادك فنحن ندرك أن ما كان تحت الثرى كان دائما لنا,رغم كل ذلك الذى أخذوه منا فوق الثرى.

20-2-2012
القاهرة


عشرة عمر مع الكتاب
كتبتها ظبية خميس
للشاعر والباحث أحمد راشد ثاني مع الكتاب حكايا طويلة، تبدأ فصولها الأولى في سكيك خورفكان، حينما صادف الولد الصغير الذي كانه أحمد راشد أول كنوز المعرفة، وسط أكوام مهملات مدرسيه العائدين في الإجازات إلى بلدانهم، وتلقى هدية عمره من أبيه الذي كان يعود من رحلاته البحرية ببعض الأسفار التراثية ويظل يقرأ فيها.
ومنذ ذلك الحين في أوائل السبعينات من القرن الماضي، عاش أحمد برفقة الكتاب، وتحولت العلاقة بينهما إلى عشرة عمر طويلة، كان أول قطافها ديواناً شعرياً لشاب لم يكمل الـ20 من عمره، وتوالى حصاد الرحلة ليصل إلى أكثر من 16 كتاباً، مرشحة للمزيد في الأشهر المقبلة، منوعة بين الشعر والسرديات والدراسات المعنية بالتراث الشفاهي الإماراتي.
ويرى راشد ثاني أن الكتاب يعد أحد ملامح حياته اليومية منذ فترة طويلة، إذ يصاحبه كقارئ أولاً، ثم كمهموم بإيصاله إلى سواه ثانياً وكاشفاً عن نفائسه عبر عمله في عدد من المكتبات في إمارات الدولة، فقد أسس مع رفاق له مكتبة خورفكان، ثم مكتبة كلباء، وعمل في مكتبة الشارقة المركزية، ثم المجمع الثقافي في أبوظبي، لتستقر به الرحلة حالياً في دار الكتب الوطنية.
عن البدايات
ويروي راشد ثاني لـ«الإمارات اليوم» بداياته مع الكتاب وهو لم يكمل الـعاشرة في فريج خورفكان القرية المدينة، قائلاً «كان المدرسون عندما يهمون بالعودة إلى أوطانهم لقضاء الإجازة، أو انتهاء عقودهم ،يرمون في زبالة العودة الصحف والمجلات والكتب التي لا يستطيعون حملها معهم، كانوا يرمونها هكذا ببساطة، أما أنا فكنت أسبح في تلك الزبالة، جامعاً كل ما توافر لي من تلك الأوراق، وعائداً بها ركضاً إلى البيت أكدسها». وتكون تلك الأكوام من الأوراق التي جمعها الصبي في حوش بيته مؤنسه في محبسه، خصوصاً عندما كان أهله يحرمونه من الخروج خوفاً عليه، إذ فقدت الأسرة ولداً قبله وآخر بعده «هناك حين كنت ذلك وتحت الشريشة (شجرة) غالبا، تعرفت إلى أفضل إدمان أصبت به على الإطلاق وتمرنت على أفضل موهبة، أفضل قدرة، أفضل ما تعلمته في الحياة: قراءة الكتب، التفكير مع القراءة، الحياة في القراءة، والموت أيضاً».
وكما أتى بحر خورفكان بأمواج أساطير ترسخت في وجدان أحمد راشد ثاني، منحته ذلك أيضا بعض الكتب التي جلبها والده ـ من بومباي تحديداً ـ خلال أسفاره المتعددة، ومن أهمها «سيرة عنترة» في نسختها الشعبية، وٍ«فتوح الشام» للواقدي و«رياض الصالحين» و«تنبيه الغافلين والرحمة في الطب والحكمة» وغيرها. ويقول « كان أبي يقرأ كثيراً ويتهجد. ويرفع صوته منشداً الأدعية. هذا عدا عن تلاوته القرآن».
ومازال المبدع الإماراتي يحتفظ ببعض تلك الكتب التي جمعها من مهملات مدرسيه، إضافة إلى الفرائد ـ على حد تعبيره ـ التي ورثها عن والده، لاسيما «سيرة عنترة» التي صور نسخاً منها لبعض المكتبات في الدولة، ومخطوطة أدعية، وديوان الشاعر اليمني المتصوف عبدالرحيم البرعي الذي كان يحتفظ به والده من أجل ترديده في حفلات الموالد.
ويقرأ راشد ثاني ديوان البرعي، ويتعلق بسحر أشعاره، خصوصاً بعدما عاين وقعها على والده وأصحابه في حلقات الذكر، وكان ينشد تلك الأشعار للنساء اللاتي يجتمعن عند أمه في بعض الأماسي، يفصل ذلك قائلاً «قرأت ببطء في الديوان، وسمعت ورأيت أبي وغيره يتمايلون على وقع هذه الأناشيد، مطلقين بين الفقرات صرخات لا تصدر إلا عن روح مشقوقة، وكنت أتلوه وأتدرب على مسرحته بيني وبين نفسي، إذ اكتشفت أن للتدريب نتائج، وكثيراً ما كانت تجتمع النسوة عند أمي وكنت أقرأ لهن، فيبكين بمرارة، كنت أتلذذ بالبكاء المنهمر في أثناء إنشادي، وكأنه نوع من التشجيع والإعجاب».
بين الأول والجديد
كان أول إصدار للشاعر ديوانه «سبع قصائد من أحمد راشد ثاني إلى أمه التي لا تعرفه» عام ،1981 ويعتبره صاحبه تجربة عامية متقدمة عن كثير مما يقدم حالياً في العامية الحديثة. وقال «لا أحكي ذلك ترويجاً لتجربتي الأولى التي أقدرها بكل ما فيها، لكنني أرى في بعض الأشعار المطروحة حالياً دليلاً على التراجع، والارتداد الثقافي لدى بعض المبدعين»، مشيراً إلى أن التجربة العامية الإماراتية القديمة تميزت بحداثة أكثر مما يطرح حالياً، مدللاً بشكل خاص على نضوج التجربة القديمة بقصائد الشاعر راشد الخضر الذي وصفه بـ«الشاعر العظيم».
وتوهجت بعد «سبع قصائد» وجوه راشد ثاني المتعددة، ليطل على قرائه بصور شتى، فبعد الشعر العامي، تتوالى مؤلفاته في أكثر من مجال، فمن دواوين لشعر التفعيلة إلى قصيدة النثر، مروراً بنصوص مسرحية ومقالات ودراسات وبحوث مشغولة بلملمة التراث الإماراتي، وصولاً إلى أحدث كتبه «على الباب موجة» الذي صدر العام الجاري. وكشف أحمد راشد ثاني عن أنه يعمل في الفترة الحالية على مجموعة من السرديات، تنتقل بين أكثر من عالم، يجمع بينها الهم اليومي وتفاصيل الحياة البسيطة بكل ما فيها، موضحا أن «على الباب موجة» يُعد مفتتحاً تتتابع فصوله في أعمال مقبلة.
 حكاء

يضم كتاب «على الباب موجة» نصوصاً سردية، يرتحل فيها أحمد راشد آل ثاني إلى أبعد من أمواج الصبا على الساحل الشرقي، راسماً بخيال حر عالماً خاصاً، يجمع بين «ظلام الطفولة ونورها» وخشونة الواقع مغزولة ببراءة المكان، ويروي راشد ثاني في كتابه ذكرياته في خورفكان، عن الولد الذي كان «يتسكع مع البحر والجبل»، وعلى الرغم من البحر الملامس لشرفة بيته، لم يتعلم السباحة. وعن الصبي الذي كما قرأ الكتب، تأمل طويلاً في مفردات المكان، لتنقش في روحه، وتفتح مسالك ودروباً خاصة في وجدانه.
وتُعرّف موجات الكتاب الست «المعترض، المديفي، باب الجبل، باب البحر، غربان وملائكة وأفلام، وفي ذمة النسيان»، القارئ أكثر بأحمد راشد ثاني، وتقوده إلى حكاء مرهف، يسرد بشاعرية مرهفة، ويروي تجربة حية، قاسى فيها صاحبها واستمتع، من دون ادعاء، أو محاولة لإخفاء تفاصيل قد يخاف مبدعون كثيرون التحرج من التطرق إليها، بينما يحكيها راشد ثاني بجسارة مبدع حقيقي.
يقول راشد ثاني في «على الباب موجة» عن دراجة أرسلها له والده «هدية من أبي لي.. دراجة انطلقت بها.. تنقلب علي وأنقلب عليها في دروب الحي المتربة، دراجة هدية من أبي الغائب الذي تذكرني، والتي جعلتني مميزاً لأول مرة في حياتي، مميزاً عني وعن أطفال الحي، أطفال الغبار أقراني مرتفعاً عنهم بدراجة.
دراجة جعلت من لم يكن يتودد لي يتودد. وتركب البنات أمامي، فتشتعل انعطافات السكيك في عيني ويركبن خلفي ويحضنني أحضاناً كنت أبحث عنها، يحضنني خشية من السقوط، أما أنا فأنطلق.. إذاً ما أجمل السقوط، ما أروعه بين أحضان البنات».

نتاج

«سبع قصائد من أحمد راشد ثاني إلى أمه التي لا تعرفه» عام .1981
«أغاني البحر والعشق والنخيل» إعداد، .1982
«دم الشمعة» شعر .1991
«يالماكل خنيزي ويا الخارف ذهب» شعر عامي، .1996
«قفص مدغشقر» نص مسرحي .1996
«ابن ظاهر» بحث توثيقي .1999
«خافة الغرف» شعر، .1999
«العب وقول الستر» نص مسرحي، .2002
حصاة الصبر، إعداد، .2002
«دردميس» إعداد، .2003
«جلوس الصباح على البحر» شعر، .2003
«إلا جمل حمدان في الظل بارك» إعداد، .2005
«يأتي الليل ويأخذني»، شعر، .2007
«رحلة إلى الصير»، بحث، .2007
«أرض الفجر الحائرة»، مقالات، .2009
«على البحر موجة»، نصوص، .2009


http://dhabiya.maktoobblog.com/
لسانُ البئر المقطوعُ
أنتَ أنا الذي لم يعبرْ
الذي ظلَّ غريقاً في الطُّوفان
الذي ظلَّ أنينا، وظلاً
على شفةِ البحر•
أنت الذي لم يتكوَّر كصخرةٍ
لم يُنلْ كقِطاف السرقةِ
لم يقفْ كحائطِ المنتهى
لم يحتطْ كبئرٍ في جحرٍ
لم يُحوِّل النجمةَ إلى مخدّةٍ
ولا النبعَ إلى صنبورٍ
لم يرحلْ
لم يعدْ بالرحلةِ
لم يعدْ والرحلة
على ركبتَيهِ
تنثرُ رُمَّانَ المجهولِ،
وتقرأُ الرملَ بالأجفان•
لم يعدْ بالثلج ويضعه
كالقميصِ على الصحراءِ،
وبالصحراءِ التي جَالَسَها
على مائدةِ المنفى
وشربَ معها اليأسَ•
لم يعدْ
كذلك،
لم يعدْ يشربُ
من فمِ الغابةِ،
ولا يأكلُ من وليمة العصفور•
الأنثى كَسَرتْ سُرّتَهُ،
وأَرَاقتْ فَمَهُ•
قام عليه الماءُ، والرملُ
الذي يشربُ الماءَ•
قام عليه المشهدُ،
وإبرةُ العين
باعدتِ السماءُ بين نجومِهَا
على رأسِهِ،
وتحطَّمَ البحرُ
الأمواجُ التي على الشاطئ
من شظايا حطامِهِ،
الرَّمُل الذي بنتْ الحسناءُ
خيولَ أحلامِها ، منهُ
من بقايا دَمِهِ،
وأقواسِ غيابِه•
أغاني القواقعَ،
وطيورُ الجزيرةِ،
ولسانُ البئرِ المقطوع

رحيل الشاعر الإماراتي أحمد راشد ثاني

الشارقة - “الخليج”:
الشاعر الراحل أحمد راشد ثاني
آخر تحديث:الثلاثاء ,21/02/2012
غيب الموت ظهر أمس الشاعر الإماراتي أحمد راشد ثاني عن 50  عاماً في مستشفى خليفة إثر أزمة قلبية مفاجئة، والشاعر الراحل ولد في 1962 في خورفكان وله ثماني مجموعات شعرية، واللافت في المجموعات الشعرية التي كتبها على مدى ربع قرن هو محاكاتها لكثير من تفاصيل تجربته الشخصية بحلوها ومرها، أما المستوى الشعري في هذه المجاميع فيتصاعد طردياً لمصلحة الجملة المختزلة، التي تنأى بنفسها عن الحشو يتضح ذلك في ديوانه الأخير (الفراشة ماء مجفف) وهو عبارة عن قصيدة واحدة ب 61 جملة شعرية مرقمة تفصل بينها مساحات واسعة من البياض، فتظهر الجمل والكلمات كسطور قليلة من كلمات، تدب على صفحة كثيرة البياض.

القريبون من أحمد راشد ثاني يؤكدون انخراطه في اللعبة الشعرية إلى آخرها، ليس بوصفها كتابة جديدة فقط، وإنما أيضا بوصفها ترجمة لحياة ذات نكهة تليق بعالم الشعراء الأصلاء، فرائحة الشعر عنده طازجة كما ينبغي للحظة أن تكون، مفارقة ومدهشة وقابلة للتأويل، وهذا يعني أن حرارة الشعر التي ستظل دافئة من بعده، لن تبخل عليه بقراء جديدين يحملون هم الشعر وينادون بنكهة أخرى تليق بالحياة .

يشار للشاعر الراحل بأنه أحد أعلام الإمارات وكتب إلى جانب الشعر بحوثاً في التراث، كما تتبع حياة شخصيات مؤثرة في تاريخ الإمارات .

كان لطفولته في خورفكان أثرها في شعره حيث تمتاز هذه المدينة بتضاريسها التي تتمدد بين البحر والجبل، ويصف طفولته فيقول عنها “تعرفت إلى أفضل إدمان أصبت به على الإطلاق وتمرنت على أفضل موهبة، أفضل قدرة، أفضل ما تعلمته في الحياة: قراءة الكتب، التفكير مع القراءة، الحياة في القراءة، والموت أيضاً” .

يروي الكثيرون عن أحمد راشد أنه تحدث عن والده الذي كان يعمل في البحر فأهداه أسفاراً تراثية في صغره، سرعان ما اصبحت زاده اليومي، ليكتشف في ما بعد انه منذور للكتابة والكتب .

 من مجموعاته الشعرية نذكر: (دم الشمعة) و(يأتي الليل ويأخذني) الذي يصف معاناة الشاعر الوجودية و(هنا اللذة) الذي يزاوج بين عالمي الحب والبحر و(الغيوم في البيت) .

هل كان الحريق الذي شب في بيت الشاعر أحمد راشد ثاني قبل نحو خمسة أشهر بمثابة انذار وفاة، يقينا أن أحمد راشد ثاني الذي توفي بسبب أزمة قلبية ولم يكن يفكر على هذا النحو، بل كانت جوارحه معلقة في طيف قصيدة يراودها حتى تكتمل .

هو إذن في عمق مكيدة الموت، الموت الذي يذيب الضغائن، ويفرغ المتناقضات، ويذيب شحنات الأسى، ويفتت غمامة الحزن، ويكتب فكرته مجردة، ولا تشبه إلا نفسها .





منزله الأول*



 منزلك الأول، أين كان في خورفكان؟

 أنا ولدت في فريج ملتبس، وهذه عتبة لالتباسات عديدة حدثت فيما بعد، هو فريج جديد، أبي وأمي وبعض الجيران هم أول سكانه، وهو يقع خارج خورفكان القديمة التي أحاطها البرتغاليون بسور، هذا الفريج يقع في الطرف، والأطراف في القرى القديمة تتمثل في أربعة معالم هي: المرعى ومصلى العيد والمقيظ والمقبرة.

أما الالتباس الذي أشرت إليه فيتمثل في أن للفريج الذي ولدت فيه اسمين، الاسم القديم هو “الفصيل”، والاسم الحديث “المديفي”، وهو اسم غامض لا أعرف معناه.

 ما ترتيبك بين إخوتك؟

 أمي أنجبت طفلاً مات قبلي، وأنجبتني، ثم أنجبت طفلاً مات بعدي، ثم كفت عن الإنجاب إلى الأبد.

 هل حدثك الوالد رحمه الله، أين كان يسكن قبل مرحلة فريج “المديفي”، أو أين كان يعيش جدك من جهة والدك؟

 أبي غريب في خورفكان، وهذا واحد من الالتباسات، هو فلاسي من دبي، كان يسكن في جزيرة اسمها “نيام”، صارت فارسية الآن، كانت له مزارعه في كنف جدي، وجدي غرق في البحر حسبما سمعت، وصار لي ثلاثة أعمام وعمة تعيش حالياً في دبي، أحد أعمامي كان بحاراً مغنياً، مات في دبي.

وذات مصادفة بحرية دخل أبي خورفكان بحاراً في صحبة نوخذة في المدينة نفسها، أثناء ذلك تزوج أمي، ومن ذلك اليوم تحكمت في حياته، وزوجت أخاه ابنة أختها، وتوطد لها منذ ذلك الحين “استعمارها” لهذين الشخصين المسكينين أبي وعمي.

* مقطع يلقي الضوء على طفولة الشاعر الراحل من كتاب “أول منزل” للزميل عياش يحياوي

اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات ينعى الشاعر الراحل

نعى اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات الشاعر الراحل أحمد راشد ثاني، وجاء في بيان النعي: “ببالغ الحزن وعميق الأسى، ينعى اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، ابناً من أبناء الإمارات الذين حملوا لواء الريادة في مجال الأدب، وأديباً من أدبائها الذين رفعوا راية التفرد، وروائياً من رواتها الذين حازوا قصب السبق، ومبدعاً من مبدعيها الذين تشربوا حب وطنهم فأخلصوا له، وحملوه بين حنايا قلوبهم، وتلافيف عقولهم، الأديب الإنسان، أحمد راشد ثاني، رحمه الله وجعل الجنة مثواه، الذي وافته المنية إثر مرض لم يمهله .

ويعبر رئيس وأعضاء مجلس إدارة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات عن خسارة الاتحاد، وخسارة الإمارات لواحد من مؤسسي اتحاد الكتاب الذين أعطوا الكثير، ولم يطلبوا شيئاً، بل ولم ينتظروا شيئاً، وكان من السباقين في السعي نحو رفع راية وطنه في مجالات الأدب والرواية والمسرحية والشعر، وكان شغوفاً بالتجريب والتحديث والإبداع، وصولاً إلى ما يحقق طموحه نحو وطنه وأدب هذا الوطن .

لقد كان أحمد راشد ثاني، رحمه الله، أنموذجاً للأديب الصادق مع نفسه، واحتفظ لنفسه بمكانة فريدة بين أقرانه، واشتغل على مشروعه الثقافي بقدر ما أوتي من جهد، وبكل ما أعطي من موهبة، الأمر الذي سيجعلنا نذكره بالخير ونترحم عليه دائماً .

وإن اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وهو يدرك حجم خسارته، وخسارة الساحة الثقافية في الدولة بفقد هذا الأديب المتميز ليؤمن في الوقت نفسه بقضاء الله، ويسلم بحكمته، وبأن كل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام .

فللفقيد الرحمة، ولأسرته وأحبته ولكتاب وأدباء الإمارات كافة الصبر والسلوان” .

“إنا لله وإنا إليه راجعون”

اتحاد كتاب وأدباء الإمارات

كتّاب إماراتيون: شريك ثقافي مثابر مدفوع بموهبة نقية

أعرب عدد من الشعراء والكتّاب الإماراتيين عن حزنهم على رحيل الشاعر أحمد راشد ثاني مشيرين إلى أهمية مشروعه الثقافي الذي راوح بين الشعر والمسرح والبحث في الثقافة الشعبية .

وقال الشاعر حبيب الصايغ رئيس مجلس إدارة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات “كأن الذين يحيون شعراء يأبون إلا أن يموتوا بطريقة شعرية أيضاً” .

وأضاف الصايغ “أنا من القلائل الذين سيشعرون الآن بمرارة فقد أحمد راشد ثاني فقد نشأنا معاً وكنت شاهدا على أيامه الأولى في الكتابة منذ أن كنا نصدر الملحق الثقافي في جريدة الفجر الإماراتية الذي كان أول ملحق مختص بالثقافة في حينها، وبالرغم من صغر سنه إلا أنه كان محملا بالوعد والموهبة والإصرار” .

وأضاف الصايغ “في تلك الأيام التي كنت أشغل فيها منصب مدير تحرير الصحيفة وأسسنا معا الملحق الثقافي فيها، وكان أحمد يصغرني سنا، كنت أتابع ما يكتبه وأرى فيه صاحب موهبة حقيقية وواعدة، وبعد ذلك استمر معنا في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات وكان عضواً مؤسساً واليوم نشعر بأن لقاءاتنا كأسرة أدبية وثقافية في الإمارات ليست بحجم المأمول، فقبل دقائق من سماع خبر رحيل أحمد كان الصحفي عبده وازن يسألني عنه، ومن المؤلم حقا أن تكون أخبارنا عن بعضنا ليست بالحجم المرغوب، فليس من المحمود أن نصحو فجأة لنعرف أن أحدنا قد رحل عنا، وفقدناه إلى الأبد” .

وقال الصايغ “أنا حزين لأننا فقدنا شاعراً بحجم أحمد راشد ثاني وحزين أيضا لأن المقبل من تجربته لم يأت بعد بالرغم من أن ما أنتجه من شعر مسرح ورواية يعد إضافة مهمة لمشهدنا الثقافي، وكل ذلك النتاج كان مرشحاً أن يكون أكبر لو عاش فترة أطول ولكنه قضاء الله وقدره ونحن نؤمن به” .

وتمنى الصايغ أن تخلّد تجربته لما تمثله من أهمية وحضور، مشيراً إلى أن هذه مهمة لا بد أن يتابعها اتحاد كتاب وأدباء الإمارات و”سنتصدى لهذه المسؤولية، ونحن كأسرة إماراتية خسرنا اليوم مبدعاً مهماً على مستوى الكتابة والأخلاق والوطنية، وما يسجل لأحمد راشد ثاني أنه أمضى حياته مبدعاً ومخلصاً لثقافته وأدبه ووطنه” .

وقال الشاعر إبراهيم محمد إبراهيم “لقد فقدنا واحداً ممن شاركنا الهم والموهبة، وكان مثالاً في العمل والخلق والكتابة، وشريكاً ومثابراً ومدفوعاً بموهبة نقية”، وأضاف إبراهيم إن فقد شاعر كأحمد راشد ثاني هو خسارة ليست عادية لنا كشعراء وأسرة أدبية وثقافية، ونسأل الله أن يرحمه ويسكنه فسيح جنانه .

وقال الفنان محمد المزروعي خسرنا مبدعاً كان على الدوام مشغولاً بالقراءة والثقافة والتراث، وهو واحد من رواد الحراك الأدبي في الإمارات الذين أخلصوا لثقافة الإمارات واشتغلوا على تطوير المفاهيم والأسس التي من شأنها أن ترتقي بمشهدنا الثقافي والأدبي .

وأضاف “عندما نؤرخ الحياة الثقافية، فلابد من الإشارة إلى أن أحمد راشد ثاني هو من أصحاب الريادة الحقيقية في العمل الأدبي” .

وقال الفنان السوداني علي الجاك: أحمد راشد ثاني خدم المشهد الثقافي الإماراتي بإخلاص ووفاء، وكان دقيقاً دائماً في هذا الشأن، وكان دائم البحث عن كل ما يقدم إضافة لهذا المشهد، ورحيله اليوم يشكل لنا خسارة كبرى ولابد أنه ترك لنا قيمة إبداعية لا تنسى .

وقال الشاعر والباحث الجزائري عياش يحياوي “يأتي خبر الموت مثل البرق صاعقاً، مدهشاً، ماحياً المسافة بين اليقين والشك، ومثبتا لحقيقة واحدة، هي انتهاء رحلة حياة إنسان على الأرض . وحين يكون المفقود شاعراً وباحثاً ومسرحياً يتضاعف معنى الموت، ورغم أن الحياة تعبت كثيراً في تدريبي على استيعاب تراجيديا الفقدان إلا أني خيبتها كثيراً، إذ لايزال الموت يشعل في ذاكرتي الحرائق والأسئلة . وها هو خبر رحيل الصديق الشاعر الباحث أحمد راشد ثاني يأتي قاسياً مثل طعنة خنجر صدئ قديم لفداحة الرحيل، فهو شاعر مجدد في النص الشعري الإماراتي، وأهم ناثر على الإطلاق في الثقافة الإماراتية، تتداخل في نصه النثري - وهنا أشير إلى مذكرات طفولته التي نشرها في الملحق الثقافي ب”الخليج”  حدة مزاجه الشعري وقدرته على ربط الأفكار والمعاني بطاقته الحيوية المستمدة من قراءاته للمتن الحداثي المسطور، وتتجلى في نثره قدرة عجيبة على السخرية من الحياة وتناقضاتها، وآمل أن يهتم النقاد مستقبلاً بهذه الملكة التي لا تقل عن ملكته الشعرية، يُضاف إلى ذلك أن أحمد راشد ثاني يتسم بصفة معرفية جديرة بالتنبيه إليها هي أنه طارح أسئلة من الطراز العالي في الشأن الثقافي .

 بدأ أحمد، رحمة الله عليه، رساما ينقل ملامح الطبيعة في بيئته البحرية والجبلية على خورفكان إلى لوحاته، حتى إن إحدى لوحاته نالت الجائزة الأولى في مسابقة تشكيلية بالمنطقة الشرقية لإمارة الشارقة وهو بعدُ في المرحلة الإعدادية . ولتأثره بحادثة رواها لي في كتاب “أول منزل” ترك الفرشاة والألوان واتجه إلى الشعر، ثم إلى المسرح في المرحلة الجامعية حيث كان من مؤسسي “المسرح الحر” في جامعة الإمارات يوم كان طالباً . وقد ترك الفقيد مسرحيات عديدة ومجموعات شعرية وكتبا بحثية في التراث الشعبي الإماراتي أسهمت في ثراء المكتبة الثقافية والإبداعية المحلية .

 منذ فترة قصيرة، هتفت له وسمعت صوته متعباً، لكنه أكد لي أنه بخير وقد بدأ يتعافى، غير أن إرادة الله فوق الجميع . غداً، حين يهترئ حجاب المجايلة ولا تبقى سوى النصوص ستخضر شجرة أحمد راشد ثاني في ذاكرة الأجيال الإماراتية والعربية، وقريباً منها لافتة مكتوب عليها: “هذا رجل مختلف يحتاج إلى الإنصات لمخزون كتاباته” .

وقال الشاعر أحمد المطروشي “قبل شهرين من الآن كنت جالسا مع أحمد راشد ثاني والشاعر أحمد يعقوب حيث تبادلنا الكثير من الحديث الشعري في الساحة الإماراتية والعربية بشكل عام، توقفنا كثيراً عند موضوع ترجمة الشعر الإماراتي إلى الإنجليزية وقد كان لراشد ثاني تعليقاته المثيرة للجدل في هذه الجلسة، يتساءل المطروشي هل كانت هذه العبارات التي نطق بها أحمد خير مثال على حياته الاستثنائية التي لم تكن تقبل أنصاف الحلول في القصيدة التي كان يريدها أحمد ثاني مغايرة تماماً وعلى صورة الحياة في نسغها الشفاف، كما هي عند لحظة الولادة، وكما هي عند يقظة الموت التي هي اليقظة الجريئة المحزنة التي فاجأتنا كثيراً، لكنها برغم خسارة الفقد الكبيرة ستجعلنا أحرص على تذكر قصائده ومعانيها ودلالاتها، “ستبقى هذه القصائد نابضة بالحياة” .

الشاعر خالد الظنحاني وصف الراحل بأوصاف كثيرة، ومثل هذه الشخصية التي تمتع بها الراحل كانت حديث الوسط الشعري في الإمارات فأنت نادراً ما تلتقي مع أحمد راشد ثاني ولا يبادرك بنكتة تلخص مرارة اللحظة وتهز كلماتها أعماق أصدقائه فينبشون في مراميها ودلالاتها .

لقد كان الراحل بحسب خالد الظنحاني ينأى بنفسه عن الشهرة، “وكثيراً ما هاتفته ودعوته ليشارك في أمسية شعرية وكانت إجابته في كل مرة هي الرفض الذي ينبئ عن تصور خاص للحياة التي عاشها على نحو شعري، كما يتفق جميع محبيه” .

وقال الشاعر عبدالله السبب: رحيل أحمد راشد ثاني خسارة فادحة على المستويات كافة الإنسانية والشعرية، علاقتي به تعود إلى عام 1989 وجدت فيه الإنسان الصادق والودود والجريء في الرأي، تميزت أشعاره بالجدة فضلاً عن اهتماماته البحثية وكتاباته الجيدة في المقال النثري، الآن تواجهنا مشكلة العزاء، فآخر بيت لأحمد احترق منذ فترة وجيزة ونحن لا نعرف كيف نقدم واجب العزاء فيه، ولذا أقترح أن يتبنى اتحاد الكتاب هذه الفكرة .

وقال الباحث والشاعر أحمد محمد عبيد: جمعتني بالراحل صداقة عميقة وكنا نجتمع بصورة شبه يومية تقريباً للحديث في شؤون الثقافة المختلفة، أحمد راشد ثاني باحث قلق اهتم بالتراث الشعبي وكان ينوي في الفترة السابقة لرحيله إعداد كتاب عن تاريخ وعادات الطعام في الإمارات .

أخيراً

يسألني عن دوافِعِ الموجِ

وأخبرُهُ عن حذاءِ البحرِ

يسألني عن أسباب السماءِ

وأخبرُه عن قبعةِ القَمرِ

أخيراً صَمَتَ،

فأخذتُ أجمعُ الحصَى

من على شطآنِ الكلامِ

وأضعُهُ في كأس القصيدةِ

أخيراً توقفَ عن رثاء المرآةِ

ونامَ على الماء

كظل وردةٍ

أخيراً شُفيَ من الدّم

أي موجة

يصفونَ لي الصحراءَ

وينسونَ حبةَ رمل

في موجةٍ مازالت تركضُ

على البحرِ

يصفونَ خطواتي الكثيرة

على شاطئ البحر

بينما لا يعرف البحر

في أي موجة غَرِقْت

الطائر الذي أكل

أنهضُ وأرحلُ

عن البيتِ

في البيتْ

أكتبُ موجةً

وعليها ظل غيمةٍ

كان يَظُنها سمكةً

الطائرُ الذي أكلْ

ابن الحياة

لم يكمل السطر الأخير على ورقته البيضاء . .

الجملة الفعلية القصيرة، الجملة الشعرية النقية مثل نقاء بحر خورفكان . . لم تكتمل .

القصيدة التي لم تكن الأخيرة . . لم تكتمل أيضاً .

هكذا رحل الشاعر أحمد راشد ثاني أمس، بعدما خذله جسده، ولم ينفع الطب في إعادة الشاعر إلى الهواء الطلق، وإلى جلوسه الفضيّ على حافة البحر .

رحل أحمد راشد ثاني، وهو يتألق شعراً وحياة ومرحاً حتى في ذروة مرضه .

هذا الرحيل خسارة للمشهد الثقافي في الإمارات، وفي منطقة الخليج العربي . الرحيل الذي ختم ببياض الموت وجلاله على سيرة شاعر كلّه قصيدة .

صباح أحمد راشد شعر . ظهيرته شعر . مساؤه شعر . كتب الشعر الشعبي وأبدع في هذا النوع من الفن القريب من وجدان وذاكرة الناس في الإمارات وفي الخليج العربي .

كتب قصيدة التفعيلة، ثم وجد أن روحه تتحرّر أكثر فأكثر بالخروج على الوزن، فذهب إلى قصيدة النثر .

أحمد راشد ثاني من روّاد قصيدة النثر في الإمارات وفي الخليج العربي . كتبها عن ثقة وعن ثقافة عميقة، وهو القارئ النهم . القارئ المتذوّق لما يقرأ . . هذا التذوّق الرفيع الذي من شأنه أن يعيد إنتاج القراءة في عمل شعري أو في عمل نثري يظهر فيه ذكاء كاتب يعرف من أين يسقط ماء الشعر .

في قصيدة النثر، انفتح أحمد راشد ثاني على نوع من الكتابة يمكن أن يطلق عليها الكتابة الأفقية . إنه تأملي بالدرجة الأولى . غنائيته لا تستولي على شعريته، قليل الإنشاء البلاغي . ولا يذهب إلى الكثير من التوريات والكناية والمجاز . يغرف من الحياة، وبالأحرى، يغرف من ذاكرته ومن طفولته ومن مرجعيات ثقافية محلية، إضافة إلى مرجعيات مشهدية، وأقصد بالمشهدية هنا، تلك الصور، وتلك الحياة، وذلك الولع بالحياة والاحتفاء بها الليل كلّه والنهار كلّه .

لذلك، فمن الطبيعي أن نلاحظ، وهو بكل هذه المحمولات الحياتية والثقافية، كيف أنه كان غزير الإنتاج الشعري في السنوات الأخيرة، هذا النتاج الذي أشاد به شاعر كبير مثل أنسي الحاج .

بين الشعر والحياة، ذهب أحمد راشد ثاني إلى اهتمام آخر، وبالولع نفسه المعروف عنه تجاه الشعر، فهو عاشق كبير للمسرح، كتب للمسرح، وغالبية العناصر المسرحية الإماراتية والخليجية تعرفه عن كثب . تعرف ثقافته المسرحية وتعرف لغته المسرحية . . تلك اللغة المشدودة إلى شعريته الغنية بكل مفردات الحياة المرحة والمملوءة بالمسرّات .

لم يكتف بكل ذلك . .

ذهب أحمد راشد ثاني في السنوات الأخيرة إلى البحث بل السفر في الثقافة الشعبية الإماراتية والتراث الشعبي الإماراتي، لقد عمل مسحاً ميدانياً واسعاً في هذا الحقل، وأغنى المكتبة الإماراتية بعناوين محلية حيوية يعود إليها كل من يريد أن يفهم ويدرك جيداً ثقافة المكان .

أحمد راشد أكثر من ذلك . . إنه أولاً وأخيراً ابن الحياة . . حياته التي تذرف عليه دمعة اليوم .

المحرر الثقافي

19 فبراير 2012

أنور الرشيد يطلق صرخة 14 فبراير في وجه مثقفي الخليج‎

أنور الرشيد الأمين العام للمنتدى الخليجي لمؤسسات المجتمع المدني
مرآة البحرين:GDF

 
    هذه المقالة لا أعني أحداً بها بقدر ما أعبر عن ما يجول بخاطري وما بين أضلعي التي بدأ التعب والملل والقرف يتسلل منها ولها، نتيجة للمعالجة الغبية التي لا أعرف إلى أي مدى سوف تستمر.

    في كل الانتفاضات السابقة والملاحقات، ملاحقة النشطاء دون غطاء حقوقي كما يحصل اليوم، كان التفاعل الخليجي يظهر بوضوح رغم التعتيم الإعلامي، ويمكن متابعة ذلك من خلال الأرشيف البريطاني وأرشيف الصحافة المصرية والكويتية خصوصا مجلة الطليعة الكويتية ومنشورات النشطاء مثل مجلة الخامس من مارس.

   ورغم ذلك النشاط بذلك الوقت وقسوة الكبت والتشرد بمختلف العواصم العربية والدولية لم ينقطع  الدعم الشعبي الخليجي سواء من ساسة خليجيين أو من مثقفين، وإزاء ذلك يمكن أن نعذر المثقفين الخليجيين بتلك الفترة لظروف الكبت والاستبداد وعدم توفر المعلومة بشكلها الحالي السريع وعدم وجود أدوات التواصل الاجتماعي الموجودة، وعدم وجود فضائيات تنقل الحدث أولاً بأول وعدم وجود نت يحتوي على كل ما يمكن أن يتخيله العقل البشري، ولكن في انتفاضة البحرين الحالية لا يمكن أن نلتمس لمثقفي الخليج العذر على تخاذلهم، وليسمحوا لي بهذه الكلمة القاسية أقولها بكل صراحة لقد خذلتم انتفاضة الرابع عشر من فبراير ولن يغفر لكم التاريخ هذه السقطة التي ما كان يجب أن تقعوا بها، فأنتم لستم من البسطاء أو من ذوي التفكير المحدود والضيق لكي تنطلي عليكم النغمة الفئوية، هؤلاء شيعة يريدون ولاية الفقيه وجمهورية إسلامية، أتفهم موقف البسطاء ومحدودي التفكير ممن تنطلي عليهم هذه الأسطوانة التي نفاها السفير الأمريكي وتقرير بسيوني.

   لا أستطيع أن أتفهم موقفكم وصمتكم من انتفاضة الرابع عشر من فبراير وترديدكم الأسطوانة المشروخة بالبعبع الإيراني، فبكل المقاييس يجب أن يتم مواجهة حقيقة موقفكم وسكوتهم عن آلة القتل التي تعمل في الجسد البحريني الذي أنهكته تلك الآلة القمعية الجهنمية.

   لماذا التزمتم الصمت عن ما يحصل بالبحرين؟ هناك رأي يقول إن مثقفي الخليج، وأعني كل مثقفي دول الخليج دون استثناء قد عانوا ما عانوه على إثر نضالهم في فترة النصف الأخير من القرن الماضي ولا يزال البعض منهم يدفع ثمن مواقفه من تشرد وسجن ومحاربة بالرزق وكل ما يخطر على البال من ممارسات تدينها كل الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، فهؤلاء لا يلامون كجيل قدم ما لديه ولايزال يؤدي ما عليه أمام الجيل الذي يتتلمذ على يدهم اليوم وفي الأمس  ليتشرب الوطنية والنضال على يديهم، أما مثقفو الجيل الحالي فلا عذر لديهم بكل صراحة بأن يقفوا هذا الموقف المتخاذل أمام كل تلك الانتهاكات التي تحصل للشعب البحريني على يد مرتزقة تجلبهم السلطة لقمع شعب كامل بمن فيهم السنة المعارضين وليس الشيعة فقط.

انتفاضة الرابع عشر من فبراير وهي تنهي عيد ميلادها الأول تتساءل أين دوركم يا مثقفي الخليج؟ أو يا من تدعون الثقافة، لم نسمع منكم أي بيان يندد بتلك الممارسات القمعية التي تحصل بين بيوت المدنيين؟ لم نسمع منكم صيحة أو صرخة استغاثة لشعبكم في البحرين وهو ينحر على القبلة دون حتى أن تسموا عليه، أين النخوة الخليجية؟ هل أصبح الدم البحريني رخيصا لهذه الدرجة حتى تتجمد أحاسيسكم، أم أنه لا يعني لكم سوى لقاء في فندق خمس نجوم تتحدثون به لأنفسكم عن أنفسكم وتسمعون به أصواتكم وصداها داخل قاعة مغلقة عليكم وتعيدون نفس الأسطوانة كل سنة حتى بدون أن يعرف الشعب البحريني الذي تلتقون على أرضه كل عام منذ أكثر من ثلاثين سنة عما تتحدثون، ألا تخجلون من أنفسكم أمام تاريخكم الذي يسجل عليكم هذا التخاذل الممجوج والفج والذي يدعو إلى الاشمئزاز.

   واأسفي على مثقفي الخليج اليوم وهم يشاهدون كل هذا القتل الذي يحدث لأشقائهم وهم صامتون ينظرون إليهم وهم يسحلون ويلاحقون ويجرجرون وينفون وتقطع أرزاقهم وكأن على رؤوسكم الطير فاغرين أفواهكم دون أن تتحرك  شُعيرة من مشاعركم التي تمسخت على ما يبدو وأصبحت أصلب من صخر جلمود، تبا لكم يا مثقفي الخليج يا من انتزعت منكم مشاعر الإنسانية يا من تجردتم وتعريتم أمام شهداء انتفاضة الرابع عشرمن فبراير، سوف يسجل عليكم التاريخ موقفكم المتخاذل هذا وأسجل أنا هذا الهروب الكبير من مسئوليتكم لأحضان السلاطين ليلقوا عليكم فتات الذل والهوان متخلين عن مسئوليتكم التاريخية والإنسانية التي يتحتم عليكم تحملها في مشهد أقل ما يقال عنه إنه مشهد بائس على خشبة مسرح المثقفين الخليجيين مع الأسف الشديد أكرر وأعيد فنقطة من دم شهيد وشهيدة في قرية الدراز وسترة وجدحفص والدير وكل القرى المنتفضة للكرامة تساوي أكبر رأس بكم يا مدعي الثقافة، نعم أقولها بكل فخر وعزة وكرامة ولا أخبئ رأسي بالرمال كما تفعلون بتهربكم من هذا الواقع المرير الذي يمر به شعب من شعوبكم المسكينة الذين ينظرون إليكم باحترام لا تستحقونه في الحقيقة.

   نعم أقولها بكل فخر إن نقطة دم نقطة دم شهيد وشهيدة تساوي كل رؤوسكم الفارغة، اللعنة على تلك الثقافة التي لا تنجد مغيثا ولا تأخذ بخاطر أم فقدت ولدها ولا بكلمة زوجة ترملت بعز شبابها ولا نخوة لبنت هتك عرضها ولا عطف على أب فقد أسرته، أعرف وأدرك مدى قساوتي بهذه الكلمات ولكن هذا هو مشهدكم الحزين الذي يستحق أن ندينه ونستنكره.

   وختاما أقولها بكل صراحة يا شعب البحرين لا تعولوا على مدعي الثقافة الخليجين الذين أسقطتموهم وأغرقتموهم ببحر دماء شهدائكم. على الرغم من القنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي والرصاص المطاطي والانشطاري والسجن والاعتقال والتعذيب والتشرد وقطع الأرزاق، فمعركتكم اليوم تتجسد بنضالكم الإنساني، فحافظوا على سلمية نضالكم. نعم حافظوا على سلمية نضالكم فأنتم المنتصرون طال الزمن أو قصر، الديمقراطية والحرية لن تحصلوا عليهما إن لم تعمدوهما بدمائكم الزكية التي تدفعونها.

    تحية إكبار وإجلال لشهداء انتفاضة الرابع عشر من فبراير.
 * الأمين العام للمنتدى الخليجي لمؤسسات المجتمع المدني.

18 فبراير 2012

عُمـــــــــــــان.. أمـــــــي

عادل الكلباني          


(1)
ماذا في عيني غيرك
لو ظلت صور
تتخايل في ذاكرة الحاضر
صور الناس
وصور المال
وصور الحزن
وصور العشق
وصور الحسناوات
صور تتسرب في الوقت
ولا يبقى غير حضورك
يا وطني
جاثمًا في صدري حتى الموت
***
(2)
في عيني اسمك
أجمل من أزهار الروض
وأجمل من وجه  الحور
وأجمل من ورد الدنيا
***
في فمي اسمك
أحلى من طعم الشهد
ونبيذ الخمرة 
والُسكر
***
(3)
يا وطنًا إذا جاء الليل بجحافله
لم يؤويني  إلا حضنك
ونهارك
 نهر ضوء دافق
يغمرنا بفرح لا يوصف
***
سافرتُ بلدانًا أخرى
وما حنَّ القلبُ
ولا نظرتْ عينٌ
أبهى منك في
 المشرق والمغرب
***
(4)
ياوطنًا
علَّمنا ألا نركع إلا لله
علمنا أن الإنسان وحده
يصنع مجده
ويرسم أكبر حلم فيه
***
(5)
ترابك.. روحك
أول أنفاس
نستنشقه في الميلاد
أضمرنا حبك في الأرواح
ولكن جاء يا وطني
من ثقب فينا المعنى
حاشيـــــــــــــــــــــة ُ ُ
ماعرفت حق الشعب
وصوت الشعـــــــب
وحب الشعــــــــــب
***
(6)
(طلع البدر علينا)
إذ أزهر مجدك
وانهمر نور الأحلام
يا حلم الماضي
والحاضر
والمستقبل
***
الصورة لوطن أجمل
 تتشكل فينا
رغم الشوك
 وجبابرة
ستجرفهم سيول أخرى
***
(7)
من يملكني غيرك
أتيت ترابًا منك
وأعود ترابًا فيك
مهما بادرني بالفتنة
أصحاب السطوة والمركز
***
(8)
لن يبقى إلا حبك يا وطني
لن يبقى إلا اسمك
مرفوعا أبدًا فوق الأسماء
لن يبقى إلا نورك
وسنغدو ذكرى
***
(9)
ويبقى وجهك أعلى
ويبقى وجهك أجمل
لا دائمة إلا الأوطان
لا دائمة إلا روحك
يا وطنــــــــــــــــــي

15 فبراير 2012

البحرين: اعتقال المدافعة عن حقوق الإنسان زينب الخواجة


بيروت، 14 فبراير/شباط  2012 -  في 12 فبرايرشباط 2012 تم اعتقال المدونة والناشطة البحرينية، زينب الخواجة – 28 عاماً - ((@angryarabia بينما كانت تشارك في مسيرة سلمية باتجاه دوار اللؤلؤة في المنامة. وهذه هي المرة الثانية التي يتم فيها اعتقالها من قبل قوات الأمن في البحرين خلال الشهرين الماضيينوأكدت التقارير أنه تم استجواب السيدة زينب الخواجة من قبل النيابة العامة ووجهت إليها تهمة "التجمهر غير المشروع لأكثر من خمسة اشخاص".  وستبقى في الحجز لدى الشرطة لمدة 7 أيام على ذمة التحقيق.
تم تنظيم مسيرة الى منطقة الدوار الذي تعرض للهدم سابقاً - وهو رمز الحرية ومقر الإحتجاجات الشعبية في فبراير/شباط الماضي- بواسطة نبيل رجب، رئيس مركز الخليج لحقوق الإنسان  ومركز البحرين لحقوق الإنسان  الذي سار مع زوجته وطفليه، جنبا إلى جنب مع زينب الخواجة واثنين آخرين من النشطاء. وبينما كانوا يقتربون من دوار اللؤلؤة قامت شرطة مكافحة الشغب بإطلاق القنابل الصوتية و الغاز المسيل للدموع عليهم. واصلت الخواجة طريقها إلى الأسلاك الشائكة التي تحيط بمنطقة دوار اللؤلؤة حيث تم القاء القبض عليها.
ويأتي اعتقال واحتجاز الخواجة  لسبعة أيام بالتزامن مع التظاهرات المزمع إقامتها في الذكرى السنوية الاولى للاحتجاجات السلمية يوم 14 فبراير/شباطالخواجة مدونة بارزة على التويتر وتحت اسم (@AngryArabiya) ويتابعها أكثر من 33500  شخص. وقد كانت نشطة في التدوين مغطية الاحداث الجارية في البحرين، ومرسلة آخر الأخبار عن الاحتجاجات والاعتقالات، بالإضافة إلى تشجيع الناس على المطالبة بحقوقهم الإنسانية والمدنية.
وتواجه الخواجة بالفعل محاكمة في 27 فبراير/شباط 2012، بتهمة التجمع غير القانوني، والاعتداء على ضابط شرطة والتحريض على الكراهية ضد النظام، على خلفية اعتقالها السابق خلال تظاهرة في 15 ديسمبر/كانون الأول 2011، حيث احتجزت لمدة 5 أيام، و تعرضت للضرب وسوء المعاملة خلالها.
يعتقد مركز الخليج لحقوق الإنسان ومركز البحرين لحقوق الإنسان أن اعتقال الخواجة يرتبط ارتباطا مباشرا بعملها على حد سواء في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية في البحرين وكذلك النشاط عبر الإنترنت في تغطية الأخبار والأحداث، في الوقت الذي تنتهج فيه الحكومة سياسة التعتيم الأعلامي.  نحن نرى في ذلك جزءا من نزوع مستمر نحو مضايقة المدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين. إن مركز الخليج لحقوق الإنسان ومركز البحرين لحقوق الإنسان قلقان للغاية على سلامة المدافعة عن حقوق الإنسان زينب الخواجة بدنياً ونفسياً.
يطالب مركز الخليج لحقوق الإنسان ومركز البحرين لحقوق الإنسان السلطات البحرينية بما يلي:
1.      الإفراج الفوري عن زينب الخواجة، وإسقاط جميع التهم الموجهة لها، إذ يعتقد أنه تم اتخاذ هذه التدابير ضدها فقط بسبب عملها المشروع و السلمي في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان؛
2.      ضمان في كل الظروف أن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين قادرين على القيام بعملهم المشروع في مجال حقوق الإنسان دون خوف من العقاب، وفي حرية من كل تقييد بما في ذلك المضايقة القضائية.
لمزيد من المعلومات ، يرجى الاتصال:
في البحرين: نبيل رجب    (باللغتين العربية والانكليزية)
  +973-396-333-99        
في لبنان: خالد ابراهيم (باللغتين العربية والانكليزية)
  +961-701-595-52       
مركز الخليج لحقوق الإنسان هو مركز حقوقي مستقل تم تسجيله في ايرلندا يعمل على تعزيز الدعم للمدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين المستقلين في البحرين ، العراق ، الكويت ، عمان ، قطر ، السعودية ، الإمارات العربية المتحدة ، واليمن.