30 يونيو 2012

عمان: المدافعون عن حقوق الإنسان يحاكمون بتهمة ممارسة حقهم في حرية التجمع والتعبير


في 25 جون/حزيران 2012،  عقدت جلسة الاستماع الأولى لمحاكمة المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء المعتقلين  بما في ذلك، بسمة الكيومي، وبسمة الراجحي، وذلك في المحكمة الابتدائية بمسقط. وعقدت جلسة أخرى يوم 27 جون/حزيران 2012، حيث تم إطلاق سراح بعض المدافعين عن حقوق الإنسان بكفالة. لكن آخرون، ما زالوا رهن الاحتجاز.
 أصدر مركز الخليج لحقوق الإنسان نداءً بتاريخ 12 جون/حزيران  2012 عقب إلقاء القبض على مجموعة من المدافعين عن حقوق الإنسان في احتجاج سلمي في مسقط يوم 11 جون/حزيران  2012. . وصدر نداء آخر في يوم  15 جون/حزيران  2012 فيما يتعلق بالإضراب عن الطعام الذي قامت به كل من بسمة الكيومي وباسمة الراجحي:
(http://gc4hr.org/news/view/175)
 لقد اتهمت المرأتان بالتجمع العلني وقطع الطريق ووجهت تهمة اضافية الى باسمة الراجحي وهي إهانة موظف حكومي. ونفت المدافعتان عن حقوق الإنسان الاتهامات الموجهة ضدهم.  
 جريمة التجمهر
ان هؤلاء المتهمين بالجريمة العامة وهي قطعهم المزعوم للطريق،  أثناء مشاركتهم في الاحتجاج هم:
 - بسمة الكيومي (محامية وناشطة)
- باسمة الراجحي (مقدمة برامج ومذيعة )
 - بدر ناصر الجابري (مدون وناشط)
- خالد صالح النوفلي (ناشط)
- عبد الله محمد الغيلاني (ناشط)
- محمد خليفة الفزاري ( مدون وناشط)
- محمود حمد الرواحي (شاعر)
- محمود محمد الجامودي (ناشط)
- مختار محمد الهنائي (صحفي مع تهمة إضافية هي انتهاك اللوائح الإدارية لعمله في صحيفة "الزمن" من دون ترخيص)
- ناصر صالح الغيلاني (كاتب وناقد)
- سعيد سلطان الهاشمي (كاتب وناشط)
 في 25 جون/حزيران 2012، قام سعيد سلطان الهاشمي، بسمة الكيومي، وباسمة الراجحي باخبار المحكمة عن الانتهاكات القانونية والحقوقية التي تعرضوا لها منذ إلقاء القبض عليهم واحتجازهم، وضع التحقيق والسجن، وعدم وجود الرعاية الطبية في السجن. تحدثت بسمة الكيومي عن عدم حصولها على العناية الطبية اللازمة عندما كانت تعاني من نوبات ضيق التنفس الحاد.  
وقال سعيد الهاشمي، الذي كان في إضراب عن الطعام منذ اعتقاله في 11 جون/حزيران  2012،  للمحكمة ان الناشطين لم يوقفوا أو يقطعوا الطريق أثناء الاحتجاج، وفي واقع الأمر ان رجال الشرطة هم الذين قاموا بقطع الطريق عندما كانوا يلقون القبض على المتظاهرين المسالمين. وادعى أن الشرطة سمتهم "الحيوانات" عند القبض عليهم، وأن محامي الادعاء العام زاروه فقط بعد ثمانية ايام من اعتقاله. 
في انتهاك للإجراءات القانونية الواجبة، لم يسمح لنشطاء حقوق الإنسان بالوصول إلى محاميي الدفاع عندما كانوا رهن الاعتقال، ولم تمنح لهم الفرصة لتحليل الأدلة ضدهم أو لإعداد مرافعة الدفاع. في جلسة الاستماع، أفاد محامي الدفاع انه لم يسمح لهم بالتحدث إلى القاضي الذي رفض أيضا الإفراج عن المتهمين  من المدافعين عن حقوق الإنسان بكفالة. وقد حضر الجلسة عدد كبير من الناس، واضطر بعضهم للتجمع خارج المحكمة لأنها لم تتسع لجميع أولئك الذين جاءوا لاظهار تضامنهم مع نشطاء حقوق الإنسان.
 قال الادعاء العام  ان المتظاهرين كانوا في خرق للقانون ويجب ان يواجهوا  العقوبة. وطالب محامي الدفاع أن يتم الافراج عن مدافعي حقوق الإنسان بكفالة. امر القاضي باطلاق سراح بسمة الكيومي، بسمة الراجحي، ناصر بدر الجابري، عبد الله محمد الغيلاني، ناصر صالح الغيلاني، وسعيد الهاشمي في انتظار صدور الحكم والذي تقرر ان يصدر بتاريخ 10 يوليو/تموز 2012.
 إهانة سلطان عمان أو ما يسمى "كتابات مسيئة"
ان المجموعة الثانية، التي تمت مرافعتها في محكمة خاصة وبنفس التواريخ ، وسمح فقط بحضورها من قبل أسرهم، حيث اتهموا  باهانة السلطان بنشرهم "كتابات مسيئة" وتضم:"
- حمود سعود حمدان الراشدي (قصصي)
- حمد عبدالله مبارك الخروصي (شاعر)
- على هلال المقبالي (ناشط)
- محمود حمد ثانى الرواحى (شاعر، واتهم أيضا بالتجمع غير المشروع عند القاء القبض عليه في احتجاج يوم 11 جون/حزيران )
في 25 جون/حزيران 2012، مثل امام المحكمة الخاصة المدافعون عن حقوق الإنسان الأربعة، حيث رفضت الافراج عنهم بكفالة. بتاريخ 27 جون/حزيران و 2012 استأنفت المحكمة مرافعتها السرية للذين ألقي القبض عليهم وذلك بحضور عدد من المحامين و آسرهم. بعد استجواب نشطاء حقوق الإنسان الأربعة، رفض القاضي مرة أخرى الافراج عنهم بكفالة وأجلت القضية إلى 9 يوليو/تموز   2012، حيث من المقرر أن يصدر الحكم.
يعتقد مركز الخليج لحقوق الإنسان ومعهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان انه تم اعتقال المدافعين عن حقوق الإنسان المذكورين آنفا فقط كنتيجة لأنشطتهم في مجال حقوق الإنسان وممارستهم المشروعة لحقمه في حرية التجمع وحرية التعبير.
يحث مركز الخليج لحقوق الإنسان ومعهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان السلطات في عمان على:
1.الافراج الفوري وغير المشروط عن حمود سعود حمدان الراشدي، حمد عبدالله مبارك الخروصي،  على هلال  المقبالي ، و محمود حمد ثانى الرواحى حيث نعتقد أنه تم احتجازهم فقط نتيجة لممارسة حقهم في حرية التعبير؛  
2.الافراج الفوري وغير المشروط عن خالد صالح النوفلي، محمد خليفة الفزاري، محمود حمد ثانى الرواحى، محمود محمد الجامودي، و مختار محمد الهنائي حيث نعتقد أنه تم احتجازهم فقط نتيجة لممارسة حقهم في حرية التجمع؛
3.اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان السلامة الجسدية والنفسية وأمن حمود سعود حمدان الراشدي، حمد عبدالله مبارك الخروصي،  على هلال  المقبالي ، و محمود حمد ثانى الرواحى؛
4.إسقاط جميع التهم الموجهة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان المذكورة اسمائهم آنفاً فورا ودون قيد أو شرط؛
. 5.ضمان وفي جميع الظروف قدرة المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين في عمان على القيام بعملهم المشروع في مجال حقوق الإنسان دون خوف من الانتقام وبلا قيود تذكر وبما في ذلك المضايقة القضائية.

مركز الخليج لحقوق الإنسان ومعهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان يدعوان  إلى الاهتمام الخاص بالحقوق والحريات الأساسية المكفولة في إعلان الأمم المتحدة المتعلق بحق ومسؤولية الأفراد والجماعات وهيئات المجتمع في تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها دولياً ولا سيما المادة 5 ، الفقرة (أ)  والتي تنص على انه:
لغرض تعزيز وحماية حقوق الانسان والحريات الاساسية ، يكون لكل شخص الحق ، بمفرده وبالاشتراك مع غيره ، على الصعيدين الوطني والدولي ، في:
أ- الالتقاء او التجمع سلمياً؛  
والمادة 12 ، الفقرة (1) و (2) لتي تنص على:
   1. لكل شخص الحق بمفرده وبالاشتراك مع غيره ، في ان يشترك في الانشطة السلمية لمناهضة انتهاكات حقوق الانسان والحريات الاساسية.
 2. تتخذ الدولة جميع التدابير اللازمة التي تكفل لكل شخص حماية السلطات المختصة له بمفرده وبالاشتراك مع غيره ، من أي عنف او تهديد او انتقام او تمييز ضار فعلا او قانونا او ضغط او أي اجراء تعسفي آخر نتيجة لممارسته او ممارستها المشروعة للحقوق المشار اليها في هذا الاعلان.

سوريا... نزيف الأحرار

عادل الكلباني






(1)


النوافذ تقطر دما


الأبواب


الشوارع


الحارات


الحدائق


المستشفيات


المدارس


المساجد


الكنائس


الجامعات


ماعاد يُرى في الشام


عدا هذا النجيع


الذي سفكته الذئاب


(2)


لأجل عينيك يا دمشق/ تنهمر دماء كالمطر/ وتسيل على أرضك/عذابات الذين أحبوك/ باخعين أنفسهم على آثارك حزنا وحياة/ رحيلهم إليك/ ميلاد آخر مضرج/ بالجرح والموت هذه المرة.


(3)


لماذا اختلف شتاؤك وصيفك هذه السنة؟/ كانت سماؤك غمامات قمح وفواكه/ وبساتينك يشربها الحب/ وإذ نهارك قاس كالصخر/ وليل طغاتك طويل الأجل/ نسائم هبت من بلاد بعيدة/ تحولت رياحاً لحرية/ واحتوتها الصدور


وتاقت إلى النداء والعتق.


(4)


طقوسك يا دمشق باذخة الآن/ بالأيتام والأرامل والثكالى/ وأنت لا يرتوي عطشك من تاريخ أو زمن/ فداء لك كل هذه الأنفس/ التي تمرغت في ترابك/ وامتزجت بك/ باقية أنت يا دمشق كالدهر/ الطغاة مروا بك/ نسوا أنفسهم/ وتركوا آثارهم/


مجللين بالخزي والعار.


(5)


المجازر وحدها شاهدة/ على الذئاب/ الذين تركوا الجثث/ تمزقها المخالب/ في ليل عميق السواد.


(6)


لا يبدو الفجر بعيدا/ بعد كل هذا العذاب والذبح والألم والبكاء/ لا يبدو الفجر بعيدا


إذ بزوغه على هذه الأرض/ سيكون ثقيلا/ محملا بالنور والدماء/ وأشلاء الضحايا.


(7)


فجر الشهداء المختوم/ على جباه الشجعان/ الذين قدموا الحياة/ أضحية للوطن كالقرابين/ يسطع بنور آخر/ لم نعهده من قبل/ نور فجرته/ النفوس بداخلها أولا/ فانقشع الغيهب/ وسافر فيه الخوف بعيدا/ صوب سماء بعيدة/ زرقتها خضراء كالسندس/ وارفة اللون والظل/ رغم الجحيم.


(8)


النفق الذي اهترأنا فيه/ سادة وعبيداً/ حديدهم حطم صدرونا/ هزائم وخيانات.


(9)


افتح أبوابك ونوافذك/ أيها الزمن الموصد علينا/ منذ الفراعنة وأصحاب الكهف والأخدود/ وجوه أصنام وأوثان/ الشروق يتصدع في المسافات/ الهواء العليل يملأ الصدور الباذخة بالخوف والظلمات/ يتجلى يقينا وحياة.


(10)


أيتها الطريق التي يأتي/ منك الرصاص والمقاصل والموت/ تدفق فيك أهل الشام/ في القرى والساحات/ فرادى وزرافات/ طوابير نحيب وأناشيد وألم/ وضحايا/ سيلاً جارفاً بالحزن.


والأغاني على أشدها


تصعد في السماء


تصعد


تصعد


تصعد


وترقص الملائكة


***


ونيرون دمشق وجلادوه


خلف الجدر


يقرأون موتهم القادم


في شام جديدة.

23 يونيو 2012

سلاماً على سماء عيسى

عادل الكلباني
 (1)
    الوطن باق، وليس للوطن يد فيما يحدث، فليس لعمان العظيمة والحضارة التي كتبها التاريخ قبل ألف عام  يد فيما يمارسه البعض الذين يحسبون أن وطناً كهذا سيحكمونه زمنا طويلا بالحديد والنار. سيظل هؤلاء هم الهامش، مهما حسبوا أن الزمن جامد في الصورة لهم، هؤلاء وهم كثر لا يعتبرون من الأيام وأن الزمن لن يبقي على أحد،  الحاكم والمحكوم والظالم والمظلوم والذي يمشي في الأرض مرحا والذي يمشي هونا بالكاد يجد قوت يومه. سيبقي الزمن فقط على ذاكرة الوطن والعظماء.

(2)
    فلا قوة كالقلم... يا سماء عيسى.

(3)
   كل العصور التي مرت على البشرية حين يتحكم بها الفرد كإله كان القلم يقض مضجعه، إنه يقوض بنيانه المتهالك أصلا القائم على الظلم والفساد والقهر والجبروت والاستخفاف بعقول الناس الذين وللأسف تعودوا الاستعباد والنأي بالنفس بعيدا خشية الإرهاق وما يتبعه من صنوف أخرى لا تليق بجلال الحرية وعظمتها. قول الحق لطاغية أو مستبد يورد الهلاك أو السجن أو المنفى، إذ القول بأن هنالك ظلماً وفساداً يحيق بالناس يجب تغييره بالالتفات إليهم لأنهم –أي الناس- هم مصدر هذه القوة التي يتمتع بها كل جبار في الأرض بعد كل هذا التبجيل للذات التي تورمت مع الأيام وأصبحت مرضا، الشفاء منه بعد كل هذا إما بالانفجار الذي  سيرهق الناس وإما بالخفوت والانزواء بعد أن جف ضرع الزيف والأكاذيب، وتاريخ العرب الدموي شاهد على كل هذا العطاء الباذخ في صور الجبروت والمقاصل والتصفيات التي تكرر مشاهدها منذ الجاهلية إلى الآن. يقال إن التاريخ يعيد نفسه، خصوصاً في هذه الجزيرة العربية، المباحة  بكل أنواع القهر والظلم والتخلف والفساد، بل إن من المضحك المبكي أن يكون التفنن والابتكار في اختراع حيل أخرى للفساد والسلطة والنفوذ هو ربما السباق الوحيد الذي فازت في مضماره هذه الشعوب وجلادوها على مختلف الأمم قاطبة، وإذا ارتأت الأزمنة والبشر الذين يجيئون بعدنا نقلها إلى العصر التنويري الذي يحتاج إليه، سعيرا من التحول على مستوى الفرد والمجتمع كي يكون الناس فيه سواسية كأسنان المشط.

(4)
    وحيث إن المواطن لم يغذ في جذوره أصلا بالثقافة والأدب كحياة ليحترم فيه قيمة المثقف كشاعر وقاص وكاتب وفنان فليس له صوت وليس لصوته ثمن حسب الصادق النيهوم، بل تم ترويضه على السطحي والقشور عن سبق إصرار وترصد في كل مناحيه... انظروا إلى عملية التعليم وفشلها الذريع، إلى أين ستقود البلد في قادم الأيام؟. أتذكر في هذه العجالة أن أحد المعلمين حكى لي أنه كان في زيارة للعلاج بألمانيا، وعندما حضر البروفيسور جلس أمام المريض للتشخيص، وما أن أبلغه المرافق والمترجم بأن هذا الرجل يعمل في سلطنة عمان بمهنة معلم، حتى  نهض البروفيسور الذي بلغ السبعين من العمر إجلالا واحتراما له كمعلم، وحاول معه المترجم كي يجلس، وقال البروفيسور إن هذه الفئة من الناس في ألمانيا تقدس وتحترم وما وصلت إلى هذا المنصب الطبي الكبير الذي تراه إلا بفضل هؤلاء، لولا أن المعلم أقسم بأنه سيقف إذا لم يجلس البروفيسور على الكرسي لتشخيصه، بينما يضرب المعلم  بالعصي والهراوات في هذا البلد.
***
   وحيث إنه لم يكن بنيته قائمة على احترام الرأي والرأي الآخر لغسيل في المخ دام سنوات طويلة على قيم الاستهلاك والاستعباد التي نادرا ما تندثر على مر الدهر إلا بمعجزة  يصفى فيها التراب لشجر جديد.

   وحيث إن الوطن ابتعد بعيدا في صحرائه الكبرى ضمن منظومة العالم الثالث المتخلف شكلا ومعنى، عن النضوج الحضاري الذي يتمنى فيه كل فرد أن يقارع العالم كمحصلة لعلم وثقافة وحضارة، وأصبح المواطن لا يعرف شعراءه في وطن اختزل في وجوه  بعدد أصابع اليد...
 
(6)
    يأتي من يعتقل شاعر كسماء عيسى، لأنه يجهل رجلاً كهذا طالب بالإفراج عن المعتقلين الذين أدخلوا السجن دون تهمة... شاعر كبير في قلوبنا قبل أن يأخذ هذا الإكبار في شعره كسماء عيسى الذي يغربل كل كلمة ينطقها أو قول يكتبه، كما يزن شعره ويرجله ويجمله وينحته لتبزغ منه صورة مكللة بقوة اللفظ والمعنى، وما أغنية حب إلى ليلى فخرو عنك ببعيد. لم يصطدم بسلطة ولم يعادها –على ما فيها من مثالب وأخطاء- ربما لا يُنظِّر في كتاباته كالكثيرين ولكنه يخرج إلى الواقع ويندمج مع الشباب، يتلمس معاناتهم ويهتم بهم ويشاركهم كل فرح أو حزن جلل أصاب الوطن. في الاعتصامات والاحتجاجات التي اجتاحت البلاد العام الماضي كان سماء عيسى ينصح كل الشباب بالتعقل والتظاهر السلمي... كان سماء عيسى صوت العقل والحكمة ما علمنا أنه أساء إلى أحد، أو تفاخر بنفسه بماضيه الأدبي العتيد، ولم ينافق أو يجاري السلطة في كتاباته كما يفعل كثير من الشعراء المنافقين ولم يحرض أو يقذف أحدا بشيء.
***
    وبلد بمثل هذه الظلامية في المشهد، كيف يمكن أن يعرف المواطن الجليل من السخيف، خصوصاً أنه ابتعد –أي الشاعر- عن الأضواء والأعلام، كي ينحت أدبه بما يليق به من سمت سبك الدرر في الظل كفنان، لا تكفيه المظاهر والقشور بل يوغل بعيدا في الأعماق للبحث عن الجوهر. إنه بعيد هناك نادرا ما يراه الآخرون، إنسان بسيط جدا، لكن في  بساطته يكمن سر قوته وتفوقه.
***
   في كل عمل أدبي له لا نسمع  منه  تصريحاً أو ضجيجاً، إنما يكتمل عمله كلؤلؤة البحر تشرق بالسطوة والبريق، وكمثال لا الحصر، اشتغل على كتابة قصيدة واحدة لمدة سنتين ونصف، وجاءت  في مقاطع نشرت في كتاب العام الماضي 2011م ما يقارب من ثمانين صفحة "أغنية حب إلى ليلى فخرو".
 ***
   هذا ليس إشادة بالمجان أو مجاملة تأتي هكذا في هذا السياق لرجل طيب القلب كالشاعر سماء عيسى، ولكن ما رأيته من هذا الشاعر، من تجربتي الشخصية معه، منذ سنوات، وإسداء النصائح لي في مشواري الأدبي كوني بعيدا عن العاصمة بمئات الكيلو مترات...
***
    إذ من من هؤلاء الذين يتبجحون اليوم على الصعيد الثقافي كبيرهم وصغيرهم وبالمؤسسة التي تقف وراءهم بكل درعها المادية يستطيع أن يرعى بكلمة صدق وحق وتوجيه إلى مبتدأ في الأدب يجر خطواته الأولى في هذا العالم الغامض والمجهول، وأن  يكون له صدر كبير ورحب، وواسع كسماء؟.. أعتقد جازما أن لا أحد بوسعه أبدا في عمان كلها أن يرعى إلا نفسه... ولكن سماء عيسى فعلها معي أنا شخصيا، إنه يوجهك إلى الصحيح، في الابتكار اللغوي والشعري، لقد  أصبغ علي هذا الرجل جميلاً لن أنساه ما حييت، إذ ما نشرت شيئا كقصة أو قصيدة شعر إلا وكان سماء عيسى العظيم له التوجيه والنصح فيها... بل وصل به نصحه الكريم لي قبل ست سنوات وقبل نشر كتابي الشعري "بيت السيح" أن أعيد الكتابة والقراءة دائما وأبدا في القصيدة الحديثة إذا كنت فعلا أريد أن أحمل لقب شاعر، مع أني أرسلت هذه النصوص لشعراء معروفين في الساحة العمانية وأشادوا بها وبالنشر، إلا أن سماء عيسى كان أبا طيبا ومعلما صادقا يحمل كفاءته في عمره وتجربته التي أنضجتها السنين والخبرة، ووجهني بتمزيق هذه النصوص التي كانت ركيكة وإنشاءات كتابيه، ولولاه و وتوجيهاته لأصبحت من الخاسرين.

(7)
    يقول في إحدى ملاحظاته المخطوطة في عام 2005م كنصيحة لي على ما كنت أود نشره كعمل شعري في كتاب " فلنقل إذا.. إن العزلة في مقنيات أفادتك وأضرتك في نفس الوقت... أفادتك: إذ أعطت لك الشعر الجميل هذا، خاصة فيما هو قادم من الأيام، إذ تملك روحا شعرية متميزة، وأضرتك: لأنها حرمتك الاحتكاك الذي كان سيذهب بك منذ وقت باكر إلى كيفية التعامل لغويا مع الشعر.. ولكن لا شيء ضاع حتى الآن حتى هذه الكتابات ستفيد بالطبع قفزك إلى الأمام لأنك ستنطلق من أرض لا من فراغ، ومن تجربة لا من الصفر وهذا هو الأمل القادم يا عادل.. تواصل على الأقل مع أبناء جيلك من الشعراء العمانيين، فهم جميعا عانوا مثلك في بداية الأمر مثلما مررنا نحن بالتجربة إياها، الكتابة دون وعي بأخطائها ومنزلقاتها فنحن نتعامل مع اللغة كأداة، وهي أداة صعبة والتعامل الشعري معها مختلف ومتشكل ومتحول... هكذا يختبئ الشعر لديك وسط سيل الدفق اللغوي الجارف من الأعماق الذي يجرف معه الغث والسمين في آن، وعليك بعد ذاك تنقيته وإبقاء زبدة الكلام وحذف شوائبه...
    هذه الجمل الطويلة المسترخية الفاقدة للتوتر والانجراف وصفية لا تضيف شيئا لأن تفاعلها النفسي مع الإنسان محدود جدا، أي أنها بلاغة جوفاء تصنع زينة للغيمة: أهدابها، وزينة للمطر: الدموع، هذه القصيدة أشبه بتدريبات المدرسين للطلاب فيما يسمى بحصة الإنشاء أو التعبير، ولكن لا بأس يا عادل كل شيء في الحياة يبدأ تدريبا حتى يتجاوز ذلك إلى مجهول الكتابة الشعرية...، لا نمو في التجربة، التجربة لا تقترح آفاقاً للشاعر، كي يخلق عوالم في تكرارها، تنغلق التجربة على نفسها ثم تنضغط متجهة إلى الصفر... افتح أبواب القصيدة للصور مع اعتقادك بعدم ترابطها إلا أنها في النهاية ستكون كنجوم في مجرة واحدة تسبح في فضاء واحد. ابتعد عن الجمل الطويلة الممطوطة المحشوة بزائد الكلام، اعتمد على الجمل القصيرة الأكثر إيحاء، لا تخبر، لا تؤكد، لا تقل، دعك موحيا رامزا، خافتا هادئ الصوت قليل الكلام، شعر يمتلء بالصمت والإيحاء والهمس... التجارب تختزن طويلا وعميقا في ذاكرة الشاعر وتؤتي عطاءها بعد سنين من النضج الفني".

(8)
   الشاعر( سماء) هــــــــو: عيسى بن حمد بن عيسى الطائي، ولد في عُمان – مسقط عام 1954م، أكمل تعليمه في دولة البحرين ثم واصل دراسته الجامعية وتخرج من جامعة القاهرة – كلية التجارة عام 1974م، عمل مدرسا بوزارة التعليم لمدة عشرين عاما... يعتبرالأب الروحي ورائد قصيدة النثر في سلطنة عمان إذ كان يكتب منذ السبعينيات. أصدر الدواوين الشعرية والسردية  التالية: نذير بفجيعة ما عام 1987م، مناحة على أرواح عابدات الفرفارة، منفى سلالات الليل، دم العاشق، درب التبانة، غيوم، الجلاد، ولقد نظرتك هالة من نور، أبواب أغلقتها الريح، أغنية حب إلى ليلى فخرو.

22 يونيو 2012

بعد تونس ومصر وليبيا وسورية.. الدور على من؟

هدى حمد

2012-06-22


'متى يجي دوري'؟.. هذا هو سؤال الإنسان العماني اليوم، من مُدون وكاتب ومتحدث، وكل من يملكُ صوتا مختلفا يُجاهر به بجرأة في ظل قوانين تعارض أخرى، وتتفق في جوهرها على تكبيل الحرية.
'متى يجي دوري، لأزج في السجن'، الذي استقبل في الفترة الماضية عددا ممن أطلق عليهم الإدعاء العام، ومن ثم الإعلام 'المسيئين'، لا لشيء إلا لأنّ لهم رأيهم المختلف، وليسوا هم وحسب من دخل السجن، بل حتى أولئك الذين وقفوا بسلام مستندين على حقهم الطبيعي في الاعتصام، من أجل الإفراج عمن يعنيهم أمرهم، أُخذوا هم أيضا إلى 'سجن سمائل' بدعوى أخرى، أطلق عليها 'التجمهر' من دون أن يُوجه لهم اتهاما محددا أو مذكرة اعتقال أو قرار من محكمة، وكأننا نعيش زمن الدول البوليسية، وقد سلب منهم حتى حق تعيين محام للدفاع عنهم.
حسنا دعونا نُسلم ونقول إن هنالك من كتب بعض التجاوزات، وانتقد بعبارات لا تليق، وبأسلوب غير معتاد لدينا في عُمان.. دعونا نقول إن هنالك من كان استفزازيا بعض الشيء، وناسفا لمنجزات الاثنين والأربعين عاما التي بجّلها ولمعها الإعلام التنموي، وصنع منها أسطورة لا تنسى، ومن ثم أتى إعلام جديد لا تحده سماء ولا أرض ليقول إن الصورة ليست بذلك البياض الناصع، وأن زمن الأساطير انتهى .. بالتأكيد لم نكن نتوقع أن يُصفَّق لهؤلاء، وان يأخذوا بالأحضان.. وبغض النظر إنّ كنا مع ما كتبوا أو ضده، بغض النظر إنّ كان رأيا نزيها، أو تتخلله مطامع شخصية، بغض النظر إن كان قاسيا ومحبطا، أو عادلا وجوهريا.. بغض النظر عن كل شيء .. لا يمكننا أن نغض النظر عن ردة الفعل التي تعودنا أن تكون مدروسة وحكيمة ومقنعة كما هو حال سياسة عُمان المعروفة عالميا، إذ أننا تفاجأنا بأن يُسحب أحدُهم من مقهى، وآخر من على الحدود؟ وثالث ورابع وخامس.. وكأنهم مجرمون.
فهل هي محاولة لبث التخويف بين الناس لردعهم في توقيت حرج كهذا، يخرج فيه العالم العربي بصدور مفتوحة إلى الموت من أجل الحياة الكريمة .. هذا الشكل من أشكال المعالجة للمشكلة للأسف الشديد لا يؤدي إلا إلى تصاعد التوتر بين الناس، كما يخلق شكلا من أشكال انعدام الثقة بين الإنسان العماني والحكومة التي تدير الأمر برمته، وهذا ما لا ينبغي أن نصل إليه.. أعني لا يجب أن نصل إلى مرحلة أنّ كل من هو مختلف معنا بالرأي مستهدف ومراقب.
فهل ما تسعى إليه السلطات الآن هو إعادة البلد إلى عصور التخويف بقوانين بعضها مخالف للاتفاقيات الدولية؟ وهل هذا التوقيت صالح لذلك كما كان صالحاً من قبل بمعنى آخر: هل على أحدنا الآن أن يضع شُرطيا في ذهنه، وآخر على قلمه، وثالثا على لسانه، لكي لا يزل بكلمة يدفع ضريبتها الفادحة لاحقا على اعتبار أنّ هنالك من يترصد لنا، ولعقولنا، ولحقوقنا الطبيعية في الاختلاف وعدم التشابه مع الصورة التي كان عليها آباؤنا، وأجدادنا الذين ذاقوا حلاوة التغيير، وذاقوا طعم الحياة الجديدة، فشعروا بالامتنان، بينما نحن جيل جديد فقد القدرة على الانبهار، في ظل مشاهدتنا الأوسع للعالم، وفي ظل فهمنا الجديد الذي لا ينبغي أن يُحاصر ويكتف.
جاءت الاعتقالات بعد أيام قليلة فقط من تهديد ووعيد الإدعاء العام العماني بأنه سوف يتخذ كافة الإجراءات القانونية المناسبة ضد كل من يقوم بالكتابات 'المسيئة' والدعوات 'التحريضية' التي تصدر من بعض الأشخاص بحجة حرية التعبير عن الرأي.. جاءت في الوقت الذي تكشف لنا فيه أنّ الكثير من الوعود لا تزال على رف الانتظار، وأهمها تلك المتعلقة بتحسين مستويات المعيشة.
والسؤال الآن: هل المطالبة بالتعليم الجيد وخدمة الصحة، والوظيفة، واستكمال تنفيذ الامتيازات التي أمر بها السلطان في مراسيم صريحة يعود نفعها على الشعب.. هل يعد هذا تحريضا؟، وهل المطالبة بالقضاء على أشكال الفساد في البلاد يعد 'إساءة' مثلا؟.
أليس من حق الجيل الجديد أن يستيقظ مما خُدِّر به سنوات طوالاً بواسطة الإعلام التنموي..عندما لا يجد أحدنا المدرسة الحكومية التي تُحقق له طموحه، ولا يجد المستشفيات التي تستوعب آلامه وجراحه فضلا عن تخبطه بالأخطاء الطبية، أليس من حقه أن يستيقظ من سباته وهو ينجح في الشهادة العامة، ولا يجد جامعة ..كلية.. معهدا يحتويه إلا من رحم ربي من أبناء 'الهوامير' الذين سيدفعون جيدا لتعليم أبنائهم، ليزداد الفقير فقرا والغني غنى، لتتولد طبقية لم يألفها المجتمع العماني من قبل، عندما تغيب الطبقة المتوسطة القائمة بينهما.. فلا حيلة للفقير إلا أن يقبل بوظيفة متدنية، لأنه لم يتمكن من الدراسة، وقد تكون وظيفته في شركة.. والأغلب أنه لن يترقى، وبالتالي لن يتمكن من أن يكون له بيت وزوجة وأطفالا.. وقد يحقق أحلامه، ويدفع ثمن ذلك طويلا عندما تقصم الديون ظهره إلى آخر العمر.
فقد دربت العين العمانية على أن تقع مباشرة على الوظيفة الحكومية لأنها تعني الحوافز الأفضل، والضمان الأهم للحياة المقبلة. وما عداها فهو تحصيل حاصل، وكثيرا ما يقع تحت سلطة 'اللوبيات' الأجنبية، فيما يغيب المستثمر العماني أو يُغيَّب عن المشاريع المحلية.. إما بسبب العراقيل التي توضع في وجهه، أو ربما بسبب كسله.. وإن جئنا إلى سيرة الديون والفوائد المرتفعة، فهي قصة أخرى من قصص احتقان الشباب، فمن منا لم يكتوِ بنارها راغبا، أو مرغما، وعندما استبشرنا خيرا بتخفيض الفائدة..صدمنا عندما اكتشفنا أنّ التخفيض لم يتعدَ واحداً بالمئة.
والسؤال أيضا: إذا كان هذا هو حالنا الآن في زمن النفط..أعني أننا بلد بلا تعليم جيد، بلا خدمة صحية جيدة، بلا استثمار جيد للطاقة البشرية، وبتكدس كبير في عدد الباحثين عن عمل، بالرغم من أنّ الإحصاءات تشير إلى أنّ عددنا لليوم لم يـــــبلغ ثلاثة ملايين بعد، ونحن أيضا بلا استثمار جيد لمواردنا السياحية الخصبة، فيا ترى ما هو حالنا عندما ينفد النفـــــط؟ بماذا سنواجه العالم والحياة؟ وهل سنعود إلى ما كنا عليه قبل السبعين حقا، كما تكهن البعض السؤال الآن هو: لماذا يخــــرج الجيل الشاب إلى الشارع؟، وما هي طموحات الشاب العماني اليوم؟.. هذا ما يجب أن تطرحه الحكومة العمانية على نفسها.. إنّ طموح الشاب العماني، دعونا نقول الأغلبية لم يكن يتعدى الحصول على الحياة الكريمة، من تعليم وصحة ووظائف كما ذكرنا سابقا.. ولكن يمكن لهذه الأمنيات الصغيرة أن تتصاعد وأن تكبر كأن يطالب الشعب بضرورة وجود رئيس للوزراء من خارج الأسرة المالكة ينتخبه الشعب، وهذا حق طبيعي، كثـــيرا ما يرتبط بتطور الوعي، وتطور فهم الإنسان، فالمسألة أيضا أبعد مما يقـــال أنه تأثر سلبي أو عدوى بما يدور في الشارع العربي الذي يضخ الكثير من الحماسة في أرواح الشباب المندفعين نحو الحياة التي يفترضون أنها أجمل.
فالضغط النفسي والاعتقالات والمضايقات لن تُعيد الأذهان إلى أقفاصها مجددا، بل ستولد إنسانا عمانيا جديدا، يتعاطى مع فهم مختلف للحياة، وللعبة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية..
أتذكر الآن الكثير من المواهب العمانية التي فرت إلى الخارج، لتجد فرصتها الذهبية للتنفس.. من كُتاب، وإعلاميين، ولاعبين، وممثلين، وباحثين عن الرزق، وكأن هذا البلد طارد للمواهب بالرغم من اغتنائه بها، طارد لأشكال الاختلاف.. فالمسألة أبعد من مقياس 'من يدفع أكثر' كما يروج دائما بأنهم أشخاص يتبعون من يدفع لهم أكثر، وهذه المسألة تذكرنا دائما بأجدادنا الذين هاجروا إلى عوالم شتى من أجل العلم والرزق الذي لم يجدوه في بلادهم قبل السبعين، وكأن الدائرة تدور وتعود إلى نقطة بدايتها مجددا..
الغريب أننا وحتى في ظل الحيز الالكتروني الواسع نشعر بأنا مراقبون، بل إنّ الأمر يصبح قانونيا للغاية، وهو يستند على قانون تنظيم الاتصالات.
لكن أيعقل أنّ التغيير الذي صفقنا له عندما تولى زمامه من نثق به وبثقافته ورأيه، أن يصدمنا بالأفكار الكبيرة التي خرجنا أفواجا من أجلها في فبراير2011، وأن نكتشف أن التغيير لم يكن يتعدى تبديل وجه مله الناس بوجه آخر لن يلبث أن يمله الناس .. فلا سلطة لمن مسكوا المناصب، ولا حول لهم ولا قوة.
أيعقل أنّ المسألة برمتها لا تكمن في البشر الذين يعينون في المناصب، وإنما في التوجيهات التي تأتي من الأعلى.. وكأن الوزراء مجرد منفذين للأوامر، بلا صلاحيات إضافية فمن كان يقبل أن يشاهد في توقيت حرج كهذا على سبيل المثال- حلقة خاصة في تلفزيون سلطنة عُمان في برنامج 'شؤون الساعة' عن الاعتقالات، ولا نسمع فيها سوى صوت واحد، وهو الصوت الذي يأتي مع تقنين الحرية، ووضعها بمقاسات تلائم تكميم الأفواه في زمن الفيس بوك والتويتر والفضاءات المفتوحة، فلماذا لم تتم استضافة الكتاب ليعبروا عن وجهة نظرهم أيضا؟ على الأقل لذر الرماد في العيون كما يقال، ولماذا لم تُقدم الصحف هي الأخرى عبر المواضيع والمقالات رأيها، وتحليلها فيما يحصل الآن في البلاد؟ ترى هل كان علينا أن نقبل خدعة الخبر المحلي الذي يتصدر الصفحة الأولى من الصحف، والقضايا المحلية التي تبث في أخبار العاشرة لنخدع أنفسنا بحرية الإعلام التي بدأنا نقطف ثمارها.
أظن أنّه لولا التحرك الذي قامت به جمعية الكتاب والأدباء عبر البيان الذي تقدمت به، وتمريق بعض المقالات بصعوبة من هنا وهناك في الفضاء الالكتروني، لما كنا نعرف ما يحصل في بلدنا الآن.
والمضحك المبكي أن نقرأ في البيان الذي قدمه الإدعاء العام أنّ الكتاب لم يستخدموا الوسائل القانونية للتعبير، الأمر الذي يثير فضولنا بالتساؤل: 'ترى ما هي الوسائل القانونية للتعبير يا ترى التي كان يجب أن يعبر بها الكتاب ليصبحوا محميين من الاختطاف؟ والسجن؟ وهل الخطأ في الطريقة التي استخدموها، أم في المواضيع التي طرحوها؟.
وإلى جوار الرجال، فنحن بصدق نفخر بالنساء اللواتي وقفن بجرأة ليعبرن عن رأيهن من دون خوف أو نكوص في مجتمع يُجيد النهش والقيل والقال، ومن دون الخوف من الموت جوعا أو عطشا في السجن، وهن يعلن الإضراب عن الطعام والماء في جو حار كهذا.. إنه الإخلاص من أجل القضية التي يؤمنَّ بها، رغم كل ما يُشن ضد البعض منهن من حملات الكترونية تندس مباشرة في اللحم.. نعم.. إنّها الحرب النفسية التي شنت ضد البعض، لمحاولة وضعهن في إطار مضلل، وقد تكشف الأمر الآن، ولم تعد مثل هذه الحيل تنطبق على المتفحص في الأحداث المتتابعة..
حسنا لنكن أكثر صراحة مع أنفسنا.. كانت هنالك الكثير من القرارات الآنية التي طرحت كحل لاحتواء الاعتصامات العمانية، تلك القرارات التي لم تكن أكثر من ردة فعل آنية لاحتواء الغضب، ولإعادة الناس إلى بيوتها، لشراء صمتهم من جديد، وربما قدمت تلك الحلول الآنية بحسن نية، فليس لنا الحق في تقييم النوايا، إلا أنّ المخدر سرعان ما فقد مفعوله.. عندما رأى الطالب نفسه مجددا بلا موقع تعليمي، والباحث عن وظيفة بلا وظيفة، وأولئك الذين فرحوا بالمئة وخمسين ريالا لحين الحصول على وظيفة، وجدوا أنّ حسناتها تأتيهم مرة وتغيب مرات أخرى.. بالتأكيد لا يمكن أن نطلب من حكومتنا أن تكون فاضلة، وأن تكون بدون باحثين عن عمل، وبدون أخطاء، فمدينة أفلاطون غير ممكنة التحقق، وبالتأكيد لا يمكن أن نقول بأن بلدنا فارغ وبدون منجزات، ولم يقدم شيئا لنا.. ولكننا تعبنا من المباهاة بالمنجز، وبتلميع الصورة في الداخل والخارج، وقد آن الأوان لحكومتنا الموقرة اليوم أن تحلل، وأن تناقش وأن تراجع الاثنين والأربعين عاما بشكل جاد، كما نتمنى أن تفتح أذنيها قليلا للشباب وأن تأخذ بالسمين من آرائهم، وتترك الغث. لا أن تسارع في كبتهم، وتكييف القوانيين ضدهم.. لنسلم بأن الكتاب والمدونيين أخطأوا.. فلماذا لا يحلل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء ما يحدث على الساحة العمانية، بدلا من تقديم مصطلحات جاهزة من قبيل 'المسيئين؟.
المسألة الآن أصبحت أضيق من السابق.. أعني من فبراير 2011 حيت كان رجال الأمن يكتفون بالمراقبة عن بعد، ولم يتخذوا أي إجراء إذا ما بقي الاعتصام في حدوده السلمية، ولكن المسألة ضاقت الآن، وأصبح تدخلهم فجا، ومقلقا لا يحل المشكلة بقدر ما يجعلها تتفاقم.. وكيف نقول بأننا في بلد ننعم فيه بحق الاعتصام السلمي إذا كانت السلطات تقطع جميع الطرق المؤدية إلى مواقع الاعتصام، وتعمل على 'فركشة' التجمعات بحجة التجمهر.
لا يمكن اليوم أن يتم تجهيل الشاب العماني، وإغماض عينيه، إذ لا يمكنه أن ينحني بالشكر والعرفان كما فعل آباؤه من قبله، وعلى الحكومة أن تعي الزمن الجديد ومتطلباته، ولو استمرت هذه السياسة فذلك ينبئ عن أنّ سجن 'سمائل' سيمتلئ عن بكرة أبيه، إذ أنّ سياسة السوط لم تعد تجدي نفعا.

' كاتبة عمانية

17 يونيو 2012

عمان - المدافعون عن حقوق الإنسان يضربون عن الطعام احتجاجا على اعتقالهم

 
بيروت، 14 يونيو/حزيران 2012 – تلقى مركز الخليج لحقوق الإنسان معلومات تفيد ان المدافعتين عن حقوق الإنسان باسمة الراجحي وبسمة الكيومي قد أضربتا عن الطعام احتجاجاً على اعتقالهم وعدم منحهم حق الأتصال باسرهم ومحاميهم.
ان باسمة الراجحي هي مذيعة راديو ومقدمة برامج سبق لها ان اعتقلت وتعرضت للتعذيب على يد السلطات في عام 2011. بسمة الكيومي هي مدافعة عن حقوق الإنسان ومحامية.

وكانت كلتا الامرأتين قد اعتقلتا في يوم 11 يونيو/حزيران 2012  مع مايقارب 20 محتجاً عندما قامت قوات الأمن وشرطة مكافحة الشغب بتفريق الأحتجاج الذي استمر  لمدة ثلاثة أيام  امام المقر العام لقيادة الشرطة في العاصمة مسقط. لقد تضمنت مطالب المحتجين احترام حقوق الإنسان وإطلاق سراح جميع المدافعين عن حقوق الإنسان في عمان من المعتقلين.
 
اصدر مركز الخليج لحقوق الإنسان نداءً بعد اعتقال المحتجين، والذي جاء ضمن سياق الحملة الجارية ضد الناشطين بمجال حقوق الإنسان في البلاد. لمعلومات أكثر يرجى ملاحظة بيان مركزنا الصادر بتاريخ 12 يونيو/حزيران 2012:
http://www.gc4hr.org/news/view/172 

وبدأت باسمة الراجحي وبسمة الكيومي الاضراب عن الطعام بعد اعتقالهما وذلك ضد احتجازهم وظروف السجن. وحسب التقارير الواردة فانهم محتجزون مع مجموعة تضم ثلاثين شخصاً بينهم ستة نساء. ومازالوا محرومين من الأتصال بأسرهم ومحاميهم.
 بتاريخ  13 يونيو/حزيران 2012، أصدر المدعي العام العماني بيانا أشار فيه إلى الزيادة الحاصلة في التصريحات المهينة والمشينة و
 التحريض على الاعتصامات والاحتجاجات والاضرابات. وقال ان هذا "يتنافى مع القيم والأخلاق في المجتمع العماني ومبادئ حرية التعبير" وهذا يمكن له أن يمس الأمن الوطني والإضرار بالمصلحة الوطنية. وفي اشارته الى المحتجين المعتقلين ادعى  "تم إلقاء القبض على المتسببين الذين سيتم التحقيق معهم وتقديمهم الى السلطات القضائية وفقا للإجراءات القانونية المعمول بها."

وفي اتصال هاتفي صباح يوم 14 يونيو/حزيران 2012  ذكرت بسمة الكيومي، ان المدعي العام العماني كان قد زارهم في سجن سمائل المركزي في 13 يونيو/حزيران 2012.  ولقد اخبرها المدعي العام انها وباسمة الراجحي سيتم محاكمتهما بتهمة تعطيل حركة المرور، وأنه قرر تمديد فترة سجنهم لمدة اسبوع آخر.  وأضافت ان جميع المعتقلين لايزالون مضربين عن الطعام وأنهم قرروا بعد زيارة المدعي العام وقراره بتمديد فترة اعتقالهم الى التوقف حتى عن تناول الماء.

  ان مركز الخليج لحقوق الإنسان يرى  ان احتجاز باسمة الراجحي وبسمة الكيومي  يتعلق مباشرةً  بممارستهم المشروعة والسلمية لحقهم في حرية التعبير ويعتقد أن اعتقالهم المستمر هذا يشكل انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان الأساسية. يعرب مركز الخليج لحقوق الإنسان عن قلقه للأمن الجسدي والنفسي لكل من باسمة الراجحي وباسمة الكيومي حيث انهم لايزالون مستمرين في اضرابهم عن الطعام ويدعو السلطات لتأمين اطلاق سراحهم فوراً.

يحث مركز الخليج لحقوق الإنسان السلطات في عمان على:
1. الإفراج عن باسمة الراجحي وبسمة الكيومي  فورا  ودون قيد أو شرط  وكذلك عن كافة مدافعي حقوق الإنسان المعتقلين كنتيجة     لنشاطاتهم المشروعة في مجال حقوق الإنسان؛
                    2. ضمان حصول باسمة الراجحي وبسمة الكيومي على الأتصال الفوري وغير المقيد بمحاميهم وآسرهم؛ 
3. اتخاذ جميع التدابير الضرورية لضمان السلامة الجسدية والنفسية وأمن باسمة الراجحي وبسمة الكيومي بينما هم في رهن الاعتقال؛
  4. ضمان وفي جميع الظروف قدرة المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين في عمان على القيام بعملهم المشروع في مجال حقوق الإنسان دون خوف من الانتقام وبلا قيود تذكر وبما في ذلك المضايقة القضائية.

مركز الخليج لحقوق الإنسان يدعو إلى الاهتمام الخاص بالحقوق والحريات الأساسية المكفولة في إعلان الأمم المتحدة المتعلق بحق ومسؤولية الأفراد والجماعات وهيئات المجتمع في تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها دولياً ولا سيما المادة  5 ، الفقرة (أ)  والتي تنص على انه:
لغرض تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، يكون لكل شخص الحق، بمفرده وبالاشتراك مع غيره، على الصعيدين الوطني والدولي، في:
( أ) الالتقاء أو التجمع سلميا؛
والمادة 12 ، الفقرة  (2) لتي تنص على:
     2. تتخذ الدولة جميع التدابير اللازمة التي تكفل لكل شخص حماية السلطات المختصة له بمفرده وبالاشتراك مع غيره،  من أي عنف او تهديد او انتقام او تمييز ضار فعلا او قانونا او ضغط او أي اجراء تعسفي آخر نتيجة لممارسته او ممارستها المشروعة للحقوق المشار اليها في هذا الاعلان.
مركز الخليج لحقوق الإنسان هو مركز حقوقي مستقل تم  تسجيله في ايرلندا يعمل على تعزيز الدعم للمدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين المستقلين في البحرين ، العراق ، الكويت ، عمان ، قطر ، السعودية ، الإمارات العربية المتحدة ، واليمن.

16 يونيو 2012

الدم السوري للتجارة

عادل الكلباني
 (1)
    هل حدث في تاريخ الثورات قديما وحديثا، كالثورة السورية، التي راح ضحيتها آلاف القتلى والمعتقلين في سجون ظلام حزب البعث حتى طال النساء والأطفال والرضع؟ هذا الحزب الذي أتى كأيديولوجيا لبعث أمة كما يقولون متردية في الخيبات والهزائم والانكسارات شعاره القومية والعروبة بعد استقلال سوريا من الاستعمار الفرنسي عام 1947م، ورفعها من الحضيض والتردي في الجهل والتخلف إلى آفاق أكثر رحابة علما وثقافة وحضارة، ولكن الوجوه التي أتت إلى السلطة بالانقلابات العسكرية الفينة  تلو الأخرى، منذ انقلاب حسني الزعيم عام 1949م وتلاه الانقلاب العسكري الذي حدث عام 1954م ضد أديب الشيشكلي، ثم انقلاب حافظ الأسد عام 1970 على صديقه صلاح جديد الذي خلصه من السجن وعينه وزيرا للدفاع آنذاك في حركة تصحيحية كما يدعون، منذ ذلك الوقت سخر حافظ الأسد كل الإمكانيات المتاحة له لبقائه في السلطة ولتكون البلد رهينة  أسرة واحدة هي آل الأسد.
 
(2)
    ليس من الغرابة بمكان أن يسير رجل كهذا على التفكير القروسطي السلطوي فقد سبقه قبل ألف عام معاوية بن أبي سفيان والي الشام، إذ استولى على الخلافة عنوة  بل وصل به الأمر أن طلب من الناس والصحابة وروضهم بالقوة والذهب، آنذاك بمبايعة ابنه يزيد المعروف بعربدته ليكون أميرا للمؤمنين خلفا له، كسُنة للتوريث لم يسبقه إليها أحد من قبل عدا القيصر وكسرى. طبعا لا مقارنة بين معاوية وحافظ الأسد، فمعاوية له دور كبير لا ينكر في الفتوحات الإسلامية التي حدثت في عصره، أما حافظ الأسد فلم تكن فتوحاته إلا فتنا وفسادا وخرابا  لمصلحته الشخصية وحاشيته التي قهرت وأذلت الشعب السوري والمناضلين وسحقت الشرفاء وأقصت كل من تسول له نفسه بنقد هذا الإله الجديد لسوريا، سواء بالاغتيالات التي حدثت على مستوى الرفاق، أو بافتعال كثير من الأزمات على المستوى العربي الفلسطيني اللبناني، وقد تحقق له ما أراد من إيجاد بيئة مناسبة حاضنة لكثير من المرتزقة واللصوص الذين تكاثروا كالطفيليات وتمكنوا فعلا من تحويل بلد عظيم كسوريا والعودة به إلى الوراء عشرات السنوات، واستشرى هذا العبث في التعليم والاقتصاد والثقافة والصناعة والزراعة وإهدار ونهب المال العام لثروة سوريا وتمكينها في أسرته والذين يأتمرون بأمره. 
 
(3)
    من  ينظر إلى خريطة الوطن العربي سيجدها مليئة بهذه الأشكال والصنوف، فنحن في دول الخليج مثلا تحكمنا أسر منذ مئات السنين ونورث كالقطيع من كابر عن كابر إذا مات حاكم أو أسقمه المرض فلن يزحزحها عن كواهلنا الرابضة فوق صدورنا أبدا كالجبال إلا بزلزال يرض شجرتها من الجذور ويمزقها ذاكرة وتاريخاً... وليت هذه الأسر التي تحكم شعوب البدو والأعراب -حسب وصف إعلام حزب البعث في الآونة الأخيرة، قدمت نهضة علمية على الأقل كالنظام الإيراني – على مساوئه- فقد علم شعبه وهو يناطح الآن أمريكا ودول الغرب بقوة علمه... لا بالهروب من حر الخليج إلى ضباب أوروبا والسياحة في الجزر بالملايين، مع أن إيران خاضت حروباً طاحنة كانت هذه الأسر الذكية هي التي مولت هذه الحرب من ثروات شعوب الأعراب في حربها ضد العراق، لكنها نهضت في ظرف سنوات معدودة، بينما دول الخليج غارقة في التأليه والتمجيد لزعماء جهلة وفاسدين بالفطرة (إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون). نسوا الله فأنساهم أنفسهم بإعلام عاهر كاذب ومضلل، غيب وعي الجماهير وحيدها عن الحياة المدنية في سبيل فقط أن يحيا الحاكم ويعيش الحاكم ويستقبل الحاكم، وفي عيد ميلاده تفتح خزائن البلد دون حسيب ورقيب ويعبث بها في أكبر مهزلة للتاريخ، شعب يرقص من الحاجة والعوز والبطالة يرى بأم عينه في وضح النهار تبدد ثروته وإهدارها لأجل عيد ميلاد الحاكم ولا يحرك  ساكناً أو ينطق ببنت شفة. (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم). ونفوسنا ينخرها الفساد والجهل والانهيارات، فماذا يُـنتظر من شعب كهذا عاش سنوات عجافاً على مثل هذا التطبيل والتمجيد الفارغ ليل نهار، هل تتوقع من أحدهم أن يفوز بجائزة نوبل في الفيزياء أو الرياضيات أو الكيمياء أو يفوز في علم الطيران أو الصناعة أو الزراعة؟ الأمر الذي وللأسف الشديد وصلنا فيه بامتياز إلى التخلف و الإفلاس على كل صعيد واتجاه. إن بلدا يبدأ فيه القانون باسم الحاكم والقضاء باسم الحاكم والتنفيذ باسم الحاكم لن  يعرج إلى السماء أبدا.
(4)
    دول الخليج دون استثناء ليست دولاً ديموقراطية بالطبع كي تطالب من يقتل شعبه بشار الأسد بإجراء إصلاح ديموقراطي في بلده، بل إن ملف حقوق الإنسان في معظمها أسود قياسا بما تعيشه دول الحريات والعدالة والقانون في هذا العصر. ربما لا فرق بينها وبين ما يعانيه الشعب السوري من تضييق على الحريات وتكميم أفواه الناس والزج بهم في السجون دون محاكمة نزيهة باسم الأمراء والحكام والسلاطين، بل إن  منهم من وصل به الأمر إلى الجهل بما يدور في وطنه، من فساد وإذلال ومهانة للشعب، حتى إذا انتفض رجاله استيقظ وعاد إلى رشده قليلا. يذكرك هذا بالمثل القائل: "شر البلية ما يضحك".
(5)
    أطاحت الثورة السورية المباركة بالأقنعة عن الكثير من الوجوه التي حسبها الناس في غاية الطهر عقيدة قول وفعل، وما كانت تعانيه من مرض في قلوبها، فانظر دون تعليق إلى علي خامنئي وأحمدي نجاد ووكيلهما في لبنان حسن نصر الله. هذه الثورة كشفت النفاق واللؤم والخبث المخزي فيهم وأظهرت تصرفاتهم المذهبية على أساس طائفي محض ينذر بالشر والكارثة.
 
(6)
    تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية أن تكسر أنف بشار الأسد وتلطمه على وجهه وتقوده مكبلا بالأصفاد ذليلا مثلما فعلت مع الطاغية السابق صدام حسين، وربما تقدمه للمحكمة الجنائية كمجرم حرب وأفراد أسرته الشبحية، والنظام الإيراني، الذي يفح كثيرا هذه الأيام إذا رأى العين الحمراء من دول العالم الحر كما يدعون فإنه أجبن من أن يقف في وجه القوى الكبرى، لأجل نظام همجي من القرون الوسطى سقوطه مسألة وقت، أما بوتين ووزير خارجيته لافروف، في كل المؤتمرات العربية والذي لم يصدمه أحد بكلمة تحمله نتيجة وقوفه مع نظام مجرم بكل المقاييس يقتل شعبه، فإنه ورئيسه بوتين قد أخذا الضوء الأخضر من أمريكا والغرب لكل هذا التلاعب والمماطلة، وإلا لو كانت الولايات المتحدة الأمريكية ورئيسها الضعيف والجبان، الذي تقريبا لن ينجح في الانتخابات القادمة، هدد بضربة عسكرية إن لم يلتزم هذا البشار وجلاوذته بخطة عنان، ماذا بوسع الروس ورئيسهم بوتين أن يفعلوا إذا حدث خيار كهذا، ألم يدك حلف شمال الأطلسي يوغوسلافيا زمن بيل كلينتون حين تمادى رئيسها السابق رادوفان كارازديتش معتبرا أن روسيا ستقف بجانبه إذا نشبت حرب ضده كحديقة خلفية لها، ولكنها لم تفعل له شيئا ولم تحرك ساكنا، بل كان الروس وأكابرهم يشاهدون عبر الفضائيات ما يفعله شمال الأطلسي من قصف وتدمير القوات التي عاثت في الأرض فسادا قتلا وترويعا وانتهاكات لحقوق الإنسان وذبح آلاف الناس وتشريدهم عبر البلقان وخاصة المذابح التي حدثت في سربرينتشا، ولكن حسابات الربح والخسارة تجاه السلطة التي ستخلف حزب العبث هذا هي التي تجعل تأخر هذا العالم الحر كما يدعي في التحرك العسكري ضد هذا النظام الوحشي مرتبطا بأمن إسرائيل.
 
(7)
    يقول الكاتب حازم صاغية في كتابه "البعث السوري – تاريخ موجز" (ص  160): "لقد حصد هذا النظام العاصفة بعد زرعه الريح، معيدا بلاده ملعبا وباعثا -الصراع على سوريا- مجددا، وفي أسوأ الأشكال وأخطرها، ولأنه زرع الكثير من الريح فإنه يقدر أن تأتي العاصفة قوية جدا، معها يتعلم السوريون السياسة بشروط قاسية جدا، وفي طريقها تجرف فيما تجرف تلك اللعنة التي شكلت عنوانا لكوارث وطنية متتالية وستارا لكذب كثير: حزب البعث العربي الاشتراكي".

15 يونيو 2012

Oman – Wave of arbitrary arrests and detention of human rights defenders


At least thirteen human rights defenders were arbitrarily arrested on 8 and 11 June 2012 as they were calling for the release of all detained human rights defenders in Oman. It is feared that they may be charged with "agitation", which is regarded as a state security offence and is punishable by up to fifteen years in prison. The wave of arrests began on 31 May when three human rights defenders were arrested as they were paying a solidarity visit to oil workers staging a strike at Al Fuhoud Oil Field.
On 11 June 2012, during a peaceful protest calling for the release of all detained human rights defenders in Oman, the following defenders were arrested and are currently detained at Samail Central Prison, approximately 70km east of Muscat: lawyer Ms Basma Al Khayoumi, who had been detained and interrogated a number of times in the past; writer Mr Sa'id Al Hashimi and radio presenter and broadcaster Ms Basma Al Rajhi, both of whom were kidnapped and tortured in 2011; writer Mr Samaa Issa (released on 13 June); Mr Mukhtar Al Hana'i, who was arrested along with his father and 14-year-old brother; journalist Mr Nassir Saleh; blogger Mr Abdalla Al Badi; blogger Mr Fahd Al Kharousi; and blogger Ms Fatma Al Bousaidi. Basma Al Khayoumi, Sa'id Al Hashimi, and Basima Al Rajhi are reported to have started a hunger strike in protest against their arbitrary arrest and that of their fellow human rights defenders.
Among those arrested on 8 June 2012 were writers Mr Hamoud Al Rashidi and Mr Nabhan Al Hinshi, blogger Mr Hasan Al Ruqayshi and writer and poet Mr Hamad Al Kharousi. On the day of their arrest, they signed a petition addressed to the authorities calling for the release of the detained human rights defenders. They are reportedly being detained at the Special Branch of the Omani Police in Muscat.
The three human rights defenders arrested on 31 May as they were visiting oil workers on strike at Al Fuhoud Oil Field are journalist and social rights activist Ms Habiba Al Hana'i, lawyer Mr Yaqoub Al Kharousi, and prominent blogger Mr Ismail Al Muqbali. They are all founding members of the Omani Group for Human Rights. Following their arrest, they were transferred to the Special Branch of the Omani Police in Muscat and charged with "agitation". The first two defenders were released on bail on 4 June but Ismail Al Muqbali remains in detention.
Following the arrests of 31 May, the Prosecutor General issued a statement threatening to take legal action against those involved in “harmful writings and agitating calls under the pretext of freedom of expression”, which he stated were detrimental to the national interest and contrary to public order. He added that such acts were punishable by law. In his statement, he was reportedly referring to the work of human rights defenders and bloggers, in particular their calls for freedom of expression and assembly, and their criticism of government policies through peaceful protests.
Omani human rights defenders have also been facing acts of intimidation and harassment in the recent past: smear campaigns; hacking of personal computers, email and blog accounts, and social networking websites; accusations of crimes including "strife and disorder" and “attacking the sovereign symbol of the country”. The Omani public has reportedly been asked to inform the authorities on the activities of human rights groups, and to provide evidence for their prosecution.
Front Line Defenders expresses grave concern on the detention of the above mentioned human rights defenders and on the continued attack by the authorities on the rights to freedom of expression and assembly. It believes that the current wave of arbitrary arrests and detention of human rights defenders in Oman is solely motivated by their peaceful and legitimate human rights work, in particular their call for the respect of the rights to freedom expression and assembly in accordance with international standards to which Oman is a state party.
Front Line Defenders urges the authorities in Oman to:
  1. Immediately and unconditionally release all detained human rights defenders mentioned above, as it is believed that their arrests and detention are solely related to their peaceful and legitimate human rights work;
  2. Immediately and unconditionally drop all charges against human rights defenders Habiba Al Hana'i, Yaqoub Al Kharousi and Ismail Al Muqbali;
  3. Immediately allow detained human rights defenders unfettered access to their family and lawyers, and take all necessary measures to guarantee their physical and psychological integrity while in detention;
  4. Guarantee in all circumstances that all human rights defenders in Oman are able to carry out their legitimate human rights activities without fear of reprisals and free of all restrictions including judicial harassme