10 أبريل 2011

عُمان.. سماواتنا السبع (2)

عادل الكلباني

 (1)      

       ذلك النبع البعيد في ازمنة الجفاف / يأس ينخر النفوس، تتلظى بالتيه والعطش / حسبت سنرشف قطراته  باكرا، ذلك النبع البعيد / من كثرة ما حلقنا به بين الحلم والذاكرة، تركنا طفولتنا ترتع على وهج الذكريات التي اشتعلت لاحقا / من ينبش ذكرياته سابقا – ان كان للنبش تفسير وتأويل - لن  يجد فيها عدا اغوار ومتاهات / لقد بزغ الفجر ... ولكن من القادر الآن ان يوزع عدالة الضياء حتى لا يتبدد في الفضاء / وينهمر  السواد ثانية /  والصحراء التي عشقناها من اول نظرة تطفو على السطح دائما / كحنين جاثم لا ينتهي / حيث الاصفاد العكرة  والزمن الآسن / كستنا الصبر والترمل / واحتوتنا برغم كل ذلك الجفاف انفاس مشعثة بالكرامة / تبدت قاصمة كالبرق ثقيلة كالروح  / ...

سبحان  من سواك مقرونة بالقرابين ايتها الحرية.
(2)

       شهداؤنا يشبهون النخل يموت واقفا  ثمرا وظلالا / وما بينهما  الأبدية / تنشر سيلها الغادق / رحمة وحياة.
(3)

       أسفار الشعب التي بدأت بخطوة اولى الى  الانعتاق نحو عالم جديد ، اذا لم تجد من يثبت فعلها في التاريخ كممارسة  على ارض الواقع ، نرى ونسمع ونلمس ونشم عبقها ونتذوق ثمرتها  ، فسوف يكون كل ماحدث ممنوع من الصرف او لا محل له من الاعراب.
(4)

      ايها الوطن ... ترابك المقدس الذي صنعنا الله منه / أتينا منك واليك نعود / أترانا  أجزلنا لك  العطاء لو قدمنا الأرواح فداء لوجهك الكريم / ليس غير الشهداء يعلمون حقك ويرحلون اليك  أنوارا وفردايس / كرامتك التي  كست اللحم  والعظم تاريخ عزة وكبرياء مهما أثقلنا الزيف وترنحت الخطوات / أيها  المانح  دون منة أو أذى / أيها العزيز في زمنك  / الرفيع منا مهما خذلناك / الرحيم بنا حين نأوي إليك / ما نحن أيها الوطن إلا أوراقك / تنثرنا الأيام في فنائك العتيق الذي يشبه المسك / نحيا ونموت بروحك  / تقدس اسمك الخالد  /  لا احد اكبر منك أبدا / مهما هتفت حناجرهم  المشروخة بالذل والأكاذيب / عدا الله قيوم السماوات والأرض.
 (5)

        أيها الوجه الذي ران عليه الغبار والتراب زمنا / حتى ماعدت ترى تحت قدميك /من مشاهد صادمة وجارحة ... وعندما رأيتها رأي العين / ماج بك الحزن وطفرت عيناك دمعا / حتى أبكتنا مواجعك/ التي انهمرت عليك أسباب ومنايا.
(6)

     بدأ يتعلم فن الحلم ويلون الطموح/ لقد غمره الفلق  شروقا وخيالات / منذ تسربلت طفولته بالإقصاء والقهر / ذاكرة المساكين والفقراء / كل توبتهم احتواها الوطن / المرجأ حضنه الى إشعار آخر / ظل قريبا منهم وهم يعشقون أرضه وظلاله / مر بهم السغب وهم يرسمونه أمل للحياة / طقوسه الحب والكراهية / هذا المشهد المثقل بالجواكر حسبناها كاليقين / من يكفر بهم لا يناله الغفران / لم يسمع له صوت / لم يكن له صوت / وفي الصدور ثورة تكلم بها القرآن منذ قرون / ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) / هذه الآية حين طبقت دلالتها بزغت بها المعجزات / حين آمن بها الناس  قولا وفعلا / وخرجت الى العلن من صدور الفقراء / لتصدم الذين حاولوا بسطوتهم التي ترفض الجدل / احتواء مشيئة الرب والشعب / لكن الحرية أشرقت / وانقشع الضباب.
(7)

ويبقى الوطن

فردوسنا الذي فديناه

بذبح عظيم

الوجه الأبدي

مهد الطفولة والموت

سامقا في انتظار

الرعد

والمطر الجديد.

ليست هناك تعليقات: