بسم الله الرحمن الرحيم
{هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138) وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [آل عمران: 138 - 140]
إلى جميع أحرار عمان وأحرار العالم إلى كل من يحلم بالحرية سبيلا لسعادة البشرية، إلى كل مخلص لهذا الوطن الغالي وكل من وهب حياته وفكره من أجل استشراف مستقبل ديمقراطي حر، ليصل بعمان إلى مصاف الدول المتقدمة إليكم بياني هذا مؤكدا على اللُحمة الوطنية وداعيا إلى تاكتف الوجهود من أجل غد مشرق تزول عن عمان ظلمات القهر وأصناف الممارسات الهمجية الرعناء والتي لا تزيد النفوس إلا شحناء وغضبا، وترسم صورة رمادية لعمان وأهلها، بين ما نتغياه هو سمو في التعامل ومساحة من التعبير واحترام للرأي الآخر فليس ثمة دكتاتوريات باقية في عالم الحضارة والحرية.
إنه في ليلة الثلاثاء وحوالي الساعة الثالثة بعد منتصف الليل داهمت منزلي القوات الخاصة حسب شاهد عيان تعرف عليهم من لون سياراتهم السوداء وأنا نائم بسلام بين أولادي دون أن أمتلك أي أسلحة أو جريرة سوى ما يحمله فكرى من سمو في الطرح من أجل عمان وأهلها ومن دون استئذان وبطريقة وحشية كسر باب الصالة مما حدا بي إلى الخروج مسرعا نحوها خشية هجومهم على أولادي وزوجتي بغرفة النوم أو دخولهم غرفة أمي العجوز المريضة التي تجاوز عمرها الثمانين عاما خوفا عليها من الموت المفاجئ بسبب ما سمعته من صوت انفجار الباب الذي حُطِم. تلقفني بعد خروجي عشرات من العساكر الملثمين يحملون أسلحتهم وكأنهم في حرب مع عصابة، لا القبض على رجل مسالم.
دفع الضجيج بأمي إلى الخارج لتستوضح الأمر وأبنائي يتبعونها فلما رأى هؤلاء الرجال الذين لا يملكون قلوبا بشرية منظر أمي وهي تصرخ في وجوههم وتبكي وتتوسل كأم ترى فلذة كبدها بين هذا العدد من الجنود وكأنه مجرم حرب ما زادهم ذلك إلا عنفا فأتاني أحدهم من الخلف غدرا وضربني على ظهري ضربة قوية أوقعتني على ركبتي وأخذ بيديَّ خلف ظهري بقوة متناهية أحسست بأن إحداهما قد اقتلعت من مكانها وربطني بقيد شل شريان دمي. لم تؤثر فيهم صرخات أمي فبنادقهم كانت موجهة إليها لإخافتها. ألبسوني كيسا أسود أمامها لإهانتي وإهانة كبر سنها وهي تصرخ بأعلى صوتها. حتى نعالي كانت عدوة لهم لم يدعوا لي فرصة لألبسها اقتادوني والرجفة تملأ أطفالي فأنا أمامهم مكبل معصوب العينين ولم تجد كلماتي نفعا بأن يخرجوا بي خارجا ويفعلوا بي ما يشاءون رحمة بأمي المريضة وأطفالي الأبرياء.
سحبوني من البيت وكأنهم يقودون جيشا من الأسرى بكل عنف وقسوة وكأن الأوامر وجهت لهم بتعمد إهانتي والتحقير من منزلتي وترويع أهلي وأولادي. ألقوني في صندوق السيارة الخلفي فلا أستحق الجلوس على المقعد وكان صندوق السيارة مبطناً بشبك من الحديد الصلب ويداي مربوطتين خلف ظهري ورأسي معصوباً بالكيس الأسود وضيق في تنفسي كاد يقضي علي لولا أن أحدهم أخذته الرحمة قليلا فأزاح الكيس عن أنفي.
حملت إلى مطار لا أعرف أين هو. عوملت كأسير حرب، تفتيش قاس وركل بالأرجل حتى استقر بي المقام عند جندي كانت سمات الأخلاق تنبع من صوته، عاملني بكل احترام وساعدني على فك القيد القديم الضاغط الذي بسببه شعرت بأن يدي فيه قد شلت حركتهما وتوقف الدم فيهما واستبدل بآخر.
أُركِبت الطائرة. كنت ساكتا طوال الوقت لشدة هول الكارثة عليَّ. لم أتصور أن في عمان البلد المسلم العربي البدوي صاحب العادات والتقاليد والشعارات بحرية الفكر يفعل بي ما أراه، ولكني كنت أسمع أصوات زملائي يصرخون والعصي تلعب في ظهورهم. تصورت حينها أن الموساد الإسرائيلي هو الذي داهم بيوتنا وقبض علينا. كانت أصوات الألم تذبحني وسباب الجنود يدمي قلبي وأصواتهم العالية التي كانت تنادي هزيلة على الشباب (ما نتشرف إنكم عمانيين) تبعث بي في غيبوبة من الحسرة.
نزلنا وأظن في مطار مسقط واقتدنا في طابور إلى الباص. كانت المحطة الأخيرة إلى سجن سمائل. ألم الاختناق من غطاء الرأس وألم القيد الذي في اليد جعلا بعضهم يصرخون بهستيرية من الألم حيث تورمت الأيادي وشلت عن الحركة ولا من راحم. الدماء كانت تسيل من بعضهم من أيديهم ومن ظهورهم وبعضهم مزقت ثيابهم وبعضهم اقتيد عارياً مسافة طويلة أمام الجنود لولا نداء بعض الشرفاء من الجنود الذين ألبسوهم إزرتهم وستروا عليهم.
وفي سمائل كانت الصدمة عندما بدأ التحقيق ولا تهمة معلومة وعند السؤال عن كل ذلك العنف أُخبِرنا ببساطة أنها إجراءات علينا الرضا بها، إجراءات أمنية فحسب وهددنا بعض المحققين بقدرة الحكومة وقوتها.
حاولنا الدفاع عن الحكومة ولكن دون جدوى إذ كان الرد صدمة للعقلاء فالمحقق الذي حقق معي أصر أنها أوامر عليا وأنها من سلطان البلاد وأنني سوف أُعاقب على احتجاجي على تلك الإجراءات فأنا –على حد زعمه- أرفض الاعتراف بما تقرره الحكومة ولا أدري هل سترد الحكومة على هذا المحقق وأن هذه الهمجية وهذه التصرفات لا تعلم بها وأنها سوف تحاسب القائمين بها وأنها سوف ترد اعتبار مواطنيها وأنها سوف تمنع كل هذا في المستقبل أم أننا ما زلنا في القرون الوسطى؟!
أتمنى من كل الشرفاء السياسيين والحقوقيين والمحامين تبني قضيتنا أنا وزملائي المعتقلين ورفعها إلى جمعيات حقوق الإنسان المحلية والإقليمية والعالمية والترافع بالنيابة عنا أمام المحاكم لا نصرة للنفس بل لنزيل غمامة الظلم عن عمان وأهلها وحتى لا يتكرر هذا المشهد السقيم مرة أخرى.
أخوكم طالب بن أحمد بن محمد المعمري
0096897144884
إلى جميع أحرار عمان وأحرار العالم إلى كل من يحلم بالحرية سبيلا لسعادة البشرية، إلى كل مخلص لهذا الوطن الغالي وكل من وهب حياته وفكره من أجل استشراف مستقبل ديمقراطي حر، ليصل بعمان إلى مصاف الدول المتقدمة إليكم بياني هذا مؤكدا على اللُحمة الوطنية وداعيا إلى تاكتف الوجهود من أجل غد مشرق تزول عن عمان ظلمات القهر وأصناف الممارسات الهمجية الرعناء والتي لا تزيد النفوس إلا شحناء وغضبا، وترسم صورة رمادية لعمان وأهلها، بين ما نتغياه هو سمو في التعامل ومساحة من التعبير واحترام للرأي الآخر فليس ثمة دكتاتوريات باقية في عالم الحضارة والحرية.
إنه في ليلة الثلاثاء وحوالي الساعة الثالثة بعد منتصف الليل داهمت منزلي القوات الخاصة حسب شاهد عيان تعرف عليهم من لون سياراتهم السوداء وأنا نائم بسلام بين أولادي دون أن أمتلك أي أسلحة أو جريرة سوى ما يحمله فكرى من سمو في الطرح من أجل عمان وأهلها ومن دون استئذان وبطريقة وحشية كسر باب الصالة مما حدا بي إلى الخروج مسرعا نحوها خشية هجومهم على أولادي وزوجتي بغرفة النوم أو دخولهم غرفة أمي العجوز المريضة التي تجاوز عمرها الثمانين عاما خوفا عليها من الموت المفاجئ بسبب ما سمعته من صوت انفجار الباب الذي حُطِم. تلقفني بعد خروجي عشرات من العساكر الملثمين يحملون أسلحتهم وكأنهم في حرب مع عصابة، لا القبض على رجل مسالم.
دفع الضجيج بأمي إلى الخارج لتستوضح الأمر وأبنائي يتبعونها فلما رأى هؤلاء الرجال الذين لا يملكون قلوبا بشرية منظر أمي وهي تصرخ في وجوههم وتبكي وتتوسل كأم ترى فلذة كبدها بين هذا العدد من الجنود وكأنه مجرم حرب ما زادهم ذلك إلا عنفا فأتاني أحدهم من الخلف غدرا وضربني على ظهري ضربة قوية أوقعتني على ركبتي وأخذ بيديَّ خلف ظهري بقوة متناهية أحسست بأن إحداهما قد اقتلعت من مكانها وربطني بقيد شل شريان دمي. لم تؤثر فيهم صرخات أمي فبنادقهم كانت موجهة إليها لإخافتها. ألبسوني كيسا أسود أمامها لإهانتي وإهانة كبر سنها وهي تصرخ بأعلى صوتها. حتى نعالي كانت عدوة لهم لم يدعوا لي فرصة لألبسها اقتادوني والرجفة تملأ أطفالي فأنا أمامهم مكبل معصوب العينين ولم تجد كلماتي نفعا بأن يخرجوا بي خارجا ويفعلوا بي ما يشاءون رحمة بأمي المريضة وأطفالي الأبرياء.
سحبوني من البيت وكأنهم يقودون جيشا من الأسرى بكل عنف وقسوة وكأن الأوامر وجهت لهم بتعمد إهانتي والتحقير من منزلتي وترويع أهلي وأولادي. ألقوني في صندوق السيارة الخلفي فلا أستحق الجلوس على المقعد وكان صندوق السيارة مبطناً بشبك من الحديد الصلب ويداي مربوطتين خلف ظهري ورأسي معصوباً بالكيس الأسود وضيق في تنفسي كاد يقضي علي لولا أن أحدهم أخذته الرحمة قليلا فأزاح الكيس عن أنفي.
حملت إلى مطار لا أعرف أين هو. عوملت كأسير حرب، تفتيش قاس وركل بالأرجل حتى استقر بي المقام عند جندي كانت سمات الأخلاق تنبع من صوته، عاملني بكل احترام وساعدني على فك القيد القديم الضاغط الذي بسببه شعرت بأن يدي فيه قد شلت حركتهما وتوقف الدم فيهما واستبدل بآخر.
أُركِبت الطائرة. كنت ساكتا طوال الوقت لشدة هول الكارثة عليَّ. لم أتصور أن في عمان البلد المسلم العربي البدوي صاحب العادات والتقاليد والشعارات بحرية الفكر يفعل بي ما أراه، ولكني كنت أسمع أصوات زملائي يصرخون والعصي تلعب في ظهورهم. تصورت حينها أن الموساد الإسرائيلي هو الذي داهم بيوتنا وقبض علينا. كانت أصوات الألم تذبحني وسباب الجنود يدمي قلبي وأصواتهم العالية التي كانت تنادي هزيلة على الشباب (ما نتشرف إنكم عمانيين) تبعث بي في غيبوبة من الحسرة.
نزلنا وأظن في مطار مسقط واقتدنا في طابور إلى الباص. كانت المحطة الأخيرة إلى سجن سمائل. ألم الاختناق من غطاء الرأس وألم القيد الذي في اليد جعلا بعضهم يصرخون بهستيرية من الألم حيث تورمت الأيادي وشلت عن الحركة ولا من راحم. الدماء كانت تسيل من بعضهم من أيديهم ومن ظهورهم وبعضهم مزقت ثيابهم وبعضهم اقتيد عارياً مسافة طويلة أمام الجنود لولا نداء بعض الشرفاء من الجنود الذين ألبسوهم إزرتهم وستروا عليهم.
وفي سمائل كانت الصدمة عندما بدأ التحقيق ولا تهمة معلومة وعند السؤال عن كل ذلك العنف أُخبِرنا ببساطة أنها إجراءات علينا الرضا بها، إجراءات أمنية فحسب وهددنا بعض المحققين بقدرة الحكومة وقوتها.
حاولنا الدفاع عن الحكومة ولكن دون جدوى إذ كان الرد صدمة للعقلاء فالمحقق الذي حقق معي أصر أنها أوامر عليا وأنها من سلطان البلاد وأنني سوف أُعاقب على احتجاجي على تلك الإجراءات فأنا –على حد زعمه- أرفض الاعتراف بما تقرره الحكومة ولا أدري هل سترد الحكومة على هذا المحقق وأن هذه الهمجية وهذه التصرفات لا تعلم بها وأنها سوف تحاسب القائمين بها وأنها سوف ترد اعتبار مواطنيها وأنها سوف تمنع كل هذا في المستقبل أم أننا ما زلنا في القرون الوسطى؟!
أتمنى من كل الشرفاء السياسيين والحقوقيين والمحامين تبني قضيتنا أنا وزملائي المعتقلين ورفعها إلى جمعيات حقوق الإنسان المحلية والإقليمية والعالمية والترافع بالنيابة عنا أمام المحاكم لا نصرة للنفس بل لنزيل غمامة الظلم عن عمان وأهلها وحتى لا يتكرر هذا المشهد السقيم مرة أخرى.
أخوكم طالب بن أحمد بن محمد المعمري
0096897144884
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق