21 سبتمبر 2011

الكيل بمكيالين.. زعيم عصابة التنين نموذجاً صارخاً

سلطان السعدي

     خلفان المقبالي " أبو شيخة" ظهر في شهر مارس عبر أثير التلفاز والصحف، ووسم بأنه زعيم ما سمي بعصابة التنين التي كان لها أنشطة إرهابية من مثل صنع مواد متفجرة وحارقة، من بعد ان اعترف بذلك وتم الترويج لذلك إعلاميا، واظهر اعترافه والإمساك به كالفتح العظيم الذي تحصلت عليه الجهات المتنفذة في هذا البلد في وأد المشاغبين في ولاية صحار، ليفاجأ الشارع العماني من بعد أيام بإطلاق سراح خلفان المقبالي، دون أن توجه له أية تهمة أو حتى يمدد حبسه لاستكمال التحقيق، وهو الذي أثقل بتهم كالجبال واعترف عليها بحسب البيان المعلن بتاريخه.

فكيف يفرج عمن اعترف بتهم تتعلق بالإرهاب!!!!
نترك الجواب لكم! لتعرفوا زيف ما يصفون.

    أبو شيخة من بعد أن خرج من السجن أخُبر بالتشهير الحاصل له، فرفع دعوى قضائية ضد ذلك، ولأن ميزان العدالة مختل في هذا البلد، كانت هذه الدعوى مدعاة للقبض على "أبو شيخة" من جديد بتهم قطع الطريق والتستر، والغاية من ذلك تأديبه لأنه لم يكن حملا وديعا ولم يرضَ بالقسمة التي أنفذت له من قبل أرباب عمان الديمقراطية. 

     نعود لنقول: أبو شيخة شُهر به ورفع دعوى ضد المشهرين، ولا تزال قضيته موضع البحث ولم يحرك لها ساكنا إلى الآن،
بينما، وزير العدل ونائبه يرفعان دعوى قضائية ضد جريدة الزمن والصحفي يوسف الحاج ويتبنى الادعاء العام القضية ويطالب بغلق الجريدة والقضية الآن تفاجئ الرأي العام.

    حينئذ فالسؤال المطروح على إدعائنا الموقر، اين هي قضية التشهير لـ"أبو شيخة" وماذا فعلتم من أجل تحريك دعواه؟

     فأركان الدعوى بين القضيتين متشابهة ومتجانسة لحد كبير، والأرشيف المرئي لتلفاز الراشدي ما زالت سجلاته تحتفظ بين ثناياها بالخبر الذي أفرد وتصدر حينئذ العناوين، والصفحات الأولى في الجرائد العمانية ما زالت شاهدة على واقعة التشهير.

    حين لم نرَ لقضية "أبو شيخة" صدى يعيد للرجل حقه، وهل يا ترى سنرى من الادعاء العام طلبا جريئا بإغلاق تلفزيون سلطنة عمان، أسوة بقضية صحيفة الزمن!!!

    أم هي سياسة الكيل بمكيالين!
    فالمدعي في قضية التشهير، هو مواطن بسيط لا وزن له، بينما في قضية جريدة الزمن المدعي هو مسؤول حكومي يصل لدرجة وزير!
    والقانون في دولة المؤسسات يسري على البعض لا الجميع!

    أم أن وجه الاختلاف يكمن في المدعى عليه لا المدعي بالحق المدني؟!.
فالمدعى عليه في قضية التشهير لـ"أبو شيخة"، هو تلفاز الراشدي وهو بوق الحكومة الصادح بما يرؤن ،المطبل لإنجازاتهم ليل نهار،المسبح بحمد النهضة في الغدي والعشي، فكيف يغلق أو يطالب بأن يغلق تلفازاً يمثل سياسة الرشادة في حكومة النهضة الرشيدة.

    بينما المدعى عليه، في قضية الزمن، هو صحيفة شعبية بدأت تحرك ساكنا في المياه الراكدة إعلاميا، لتنتقد المنجزات وتغير معادلة التسبيح والحمد إلى معادلة النقد والمصارحة، وتتيح المجال لصحفيين شباب تشرئب أعناقهم نحو عمان أفضل، لذا كأن الوأد هدفا وما كانت قضية الوزير إلا متنفسا و سبيلا يبحث عنه فتلقفت أيما تلقف وتبنيت أيما تبنّ.

    لنطرح السؤال المشروع: إلى متى ستستمر سياسة الكيل بمكيالين لدى الادعاء العام؟

   وماذا فعل الادعاء العام في القضايا التالية:
١-قضايا التعدي على البيوت والحرمات لمعتصمي صحار؟
٢ قضايا التعدي على معتصمي صحار من قبل الأمن والشرطة والجيش أثناء الاعتقال وخلال مدة الحبس؟
٣- قضية معتصمي صور ضد المفتش العام وقائد الشرطة؟

   الشكاوى من شهر مارس ما زالت قابعة بمكتب مساعد المدعي العام عبدالله الحارثي وتاريخها يسبق قضية جريدة الزمن بمراحل عدة،فلمَ هذا التلكؤ، فلا ساكن حرك ولا حق أدرك، لأنه وببساطة: مقدمو هذه الشكاوى هم مواطنون عاديون القانون لا يحميهم والمدعى عليهم مواطنون فوق القانون والحق لا يدرك منهم.

    هي كما أسلفت، سياسة كيل بمكيالين واضحة المعالم بارزة الأركان مستوفية وجوه المقارنة، ولكن أين من أُلقي عليه السمع والبصر ليدرك فداحة ما يحدث وإلزامية وقف تحكيم الأهواء فيما نملك من سلطة؟!.

    نعود لـ"أبو شيخة" وأقول إنه يكمن الآن بين ردهات السجون من بعد أن جرم قضائيا في قضية قطع الطريق والتستر، وقد اقتيد جبرا ونكل به ضربا وتعنيفا حتى أمسى وجهه شاهداً على العنجهية اللامتناهية لأيادي قبضات السلطة التنفيذية، وهو الآن بسجن سمائل، يروي ببدنه فصول قصة أخرى من قصص الظلم اللامتناهي وسياسية الكيل بمكيالين.

    فلا وفق الله مسؤولا ظالما، ولا ادعاء خانعا، ولا قضاءً مُسيَّراً.

ليست هناك تعليقات: