01 يوليو 2008

باذرو الفِتن ومثيرو الشِّقاق يخترقهم سيفُ الشَّيطان

الكوميديا الإلهية

الكوميديا الإلهية

 

 

ط 1 2002
المؤسسة العربية للدراسات والنشر
1036 صفحة من القطع الكبير


جهد كبير وشديد التَّميُّز بذله كاظم جهاد في ترجمة هذا العمل، وبروحٍ متواضعةٍ تقرُّ بالفضل إلى من سبقوه، يُصدِّر ترجمته بـ131 صفحةً يَعُدُّها "تصديرًا عامًّا وموجزًا يقف فيه (القارئ) فورًا على العناصر الأساسية التي تنبغي معرفتها عن العمل وصاحبه"، إضافةً إلى مدخل نقديٍّ يعتمد فيه "على عدد من القراءات الكبرى الموضوعة في دانتي و"كوميدياه الإلهية" (بورخيس، أُنغاريتي، ريسيه، جيرار، جاكوتيه، إلخ)"، مستفيدًا من كونه شاعرًا، ومن اطِّلاعه الغزير على مراجع عديدة تتعلق بدانتي وأعماله كافَّةً، ناهيك عمَّا يتعلَّق بـ"الكوميديا الإلهية".
وفي "التذكرة" بهذا العمل المهم لا نجد صورة تعريفية أكثف وأوجز ممَّا كتبه كاظم جهاد نفسه في الغلاف الأخير: "ما برحت "الكوميديا الإلهية" لدانتي ألغييري تستنطق الحداثة الشعرية العالمية، وتثير، في مختلف اللغات، الترجمة تلو الأخرى. في هذا العمل الذي يُعَدُّ من الملاحم الكبرى، والذي يتجاوز الملحمة إلى المأساة الشعرية، تحتشد أنماط الخطاب ومستويات الكلام، فيتضافر السرد والحوار والفكر والمحاججة والاستعادة التاريخية والإشراق، ولكن هذا كله يظل عملاً تحت "سيادة" عنصر الغناء الذي تنعقد له الغَلَبَة من بدء العمل الكبير إلى منتهاه.
في وفرة مهولة من التفاصيل المعمقة دائمًا بالانفعال الشعري، يصف الشاعر أنا- القصيدة- نزوله في "الجحيم"، ثم اختراقه "المطهر" صعودًا إلى "الفردوس" حيث يُقابل الطوباويين والقِدِّيسين، وبينهم بياتريشي نفسها: حبيبته التي يُمثِّل البحث عنها "مهماز" الرحلة وحافزها الأساس، والتي تُعنِّف الشاعر على غفلته الأولى، ثم تحل له ألغاز السماء والكون، وتكشف له عن مُهمَّته التي سيعود من أجلها إلى الأرض: مُهمَّة شعرية بامتياز.
ويُقرُّ دانتي نفسه بأن عمله هذا قابلٌ لقراءات متعددة: حَرْفِيَّة ورمزية؛ شعريةٍ وأُمْثوليَّة (أليغورية). تعددية القراءات هذه تأخذ بها هذه الترجمة المصحوبة بمئات الحواشي، والمسبوقة بدراسة واسعة تعرض لأهم ما قاله كبار الشعراء والنقاد عن عمل دانتي. على أن النابض الأساس الذي يحكم هذه الترجمة هو إيقاع العمل المتوتر على وجازة، والمتلاحق على انسياب، والمنسكب في لغة تتراوح بين الفصاحة المطبوعة و"لعثمة" الإيطالية الوليدة يومذاك، والتي منحها دانتي جدارة الارتقاء إلى "الكلاسيكية" الشعرية لأول مرة".
كاظم جهاد




الجحيم
الأنشودة الثامنة والعشرون

(الحلقة الثامنة، الخندق التاسع: باذرو الفتن ومثيرو الشقاق يخترقهم سيف الشيطان.
مشاهدة الخندق التاسع. ﭘيير دلاّ مديتشينا. برتران دي بورن.)



مَنْ ذا الذي يقدر، حتَّى بلا تقفية ،
وبمكرور الكلام، أنْ يقول ما كانتْه
الدِّماء والجراح التي رأيتُ؟


إنَّ كلَّ لسانٍ في ذلك سيُخفِق،
لأن كلامنا وفكرنا لا يمتلكان القدرة
على استيعاب هذا كله.







فلئن اجتمعت تلك الحشود
التي راحت بالأمس تبكي دمها المهراق
في بلد أﭘوليا الزَّاخر بالأخطار،

بسبب الطرواديين والحرب الطويلة
التي جمعت من الخواتم أسلابًا كثيرة
(كما كتب ليفيوس الذي هيهات يُخطئ)،

وجميع مَنْ قاسوا آلام الجراح
فيما يقاومون روبير غيسكار ؛
وأولئك الذين ما زالت عظامُهم تتكدَّس

في تشيپيرانو حيث كشف كل أپوليّ
عن خائن فيه، وهناك في تالياكوتزو ،
حيث بلا سلاح انتصر الشَّيخ ألاردو ؛








وإذا ما أراك هذا عضوَه المطعون،
وذاك جسمَه المجدوعَ، فلن يكون هذا بذي بال
أمام رعب الخندق التَّاسع ذاك.

لا برميل مكسور الغطاء أو الأضلاع
كان فاغرًا كالكائن الذي رأيتُ
مبقورًا من عنقه حتَّى عجزه.

أحشاؤه تتدلَّى بين ساقيه،
وإنَّك لترى رئتيه والكيسَ الكريه
الذي يصير فيه فضلاتٍ ما يبتلِعُه الإنسا

ليست هناك تعليقات: