أعلنت مساء أمس السبت وفاة الشاعر الفلسطيني محمود درويش إثر عملية جراحية بأمريكا. وكان الشاعر الراحل قد خضع لعملية قلب مفتوح في مستشفى ميموريال هيرمان بمدينة هيوستن بولاية تكساس الأمريكية. وتعد هذه العملية الثالثة التي تُجرى له في القلب، أولاها أجريت عام 1984م والثانية في 1998م كتب بعدها مباشرة قصيدته الطويلة "الجدارية"، والثالثة في 8 أغسطس الجاري لإصلاح 26 سنتيمترًا من الشريان الأبهر الأورطي بعد أن توسَّع إلى درجة غير آمنة طبيًّا.
ورغم أن قسطرة للقلب وفحوصات دقيقة أجريت للشاعر للتأكد من وضعه الصحي واستعداد القلب والكليتين وتحملهما لعملية القلب المفتوح إلا أن القلق ساور من حوله بعد إجرائها، وأخذت حالته تزداد حرجًا إلى أن فارق الحياة أمس عن سبعة وستين عامًا.
وكانت قناة "الجزيرة" قد بثت خبر الوفاة، ثم بثت "العربية" نفيًا لحدوث الوفاة، إلا أن الأخبار اللاحقة أكدت الخبر، كما أكدها مسؤول طبي أمريكي.
ولد محمود درويش عام 1941م في قرية البروة الفلسطينية المدمرة التي تقوم مكانها اليوم قرية أحيهود، وتبعد 12,5 كم شرق ساحل سهل عكَّا، وهو الابن الثاني لعائلة تتكون من خمسة أبناء وثلاث بنات.
لم يسلم من مضايقات الاحتلال الإسرائيلي حيث اعتقل أكثر من مرَّة منذ عام 1961 بتهم تتعلق بأقواله ونشاطاته السياسية، حتى عام 1972 حيث نزح إلى مصر وانتقل بعدها إلى لبنان وعمل في مؤسسات النشر والدراسات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وقد استقال من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير احتجاجًا على اتفاق أوسلو.
وقد حفلت حياة درويش بأحداث وتجارب كبيرة، فقد كان في القلب من مأساة بلاده، وجمع بين كونه شاعرًا مبدعًا وجماهيريًّا في الوقت نفسه، إذ مثلت فلسطين محور تجربته الشعرية، وأثر كثيرًا في تجارب كثير من الشعراء الشباب العرب فقلما استطاعوا الإفلات من سطوة قصيدته الآسرة.
وحصل محمود درويش على عدد من الجوائز منها: جائزة لوتس عام 1969، جائزة البحر المتوسط عام 1980، درع الثورة الفلسطينية عام 1981، لوحة أوروبا للشعر عام 1981، جائزة ابن سينا في الاتحاد السوفييتي عام 1982، جائزة لينين في الاتحاد السوفييتي عام 1983.
من مجموعاته الشعرية: "عصافير بلا أجنحة"، ""أوراق الزيتون"، "عاشق من فلسطين"، "لا تعتذر عما فعلت"، "مطر ناعم في خريف بعيد"، "العصافير تموت في الجليل"، شيء عن الوطن". ومن كتبه الأخرى: "يوميات الحزن العادي"، "وداعًا أيها الحرب وداعًا أيها السلم" (مقالات).
"ورغم أنه يكتب بالعربية، يقرأ درويش الإنجليزية والفرنسية والعبرية، ومن بين الذين تأثر بهم رامبو وغتزبرغ. ترجمت أعماله إلى أكثر من عشرين لغة، وهو أفضل من يُباع من الشعراء في فرنسا. ورغم ذلك فإن مختارات قليلة من دواوينه الشعرية العشرين مترجمة إلى الإنجليزية أحدها Sand ( 1986 ) الذي ترجمته زوجته الأولى الكاتبة رنا قباني، وتراه الشاعرة الأمريكية ادرين رتش شاعرا بقامة عالمية لـ مجازفاته الفنية".
محمود درويش
رسالة من المنفى
-1-
تحيّة ... و قبلة
و ليس عندي ما أقول بعد
من أين أبتدي ؟ .. و أين أنتهي ؟
و دورة الزمان دون حد
و كل ما في غربتي
زوادة ، فيها رغيف يابس ، ووجد
ودفتر يحمل عني بعض ما حملت
بصقت في صفحاته ما ضاق بي من حقد
من أين أبتدي ؟
و كل ما قيل و ما يقال بعد غد
لا ينتهي بضمة.. أو لمسة من يد
لا يرجع الغريب للديار
لا ينزل الأمطار
لا ينبت الريش على
جناح طير ضائع .. منهد
من أين أبتدي
تحيّة .. و قبلة.. و بعد ..
أقول للمذياع ... قل لها أنا بخير
أقول للعصفور
إن صادفتها يا طير
لا تنسني ، و قل : بخير
أنا بخير
أنا بخير
ما زال في عيني بصر !
ما زال في السما قمر !
و ثوبي العتيق ، حتى الآن ، ما اندثر
تمزقت أطرافه
لكنني رتقته... و لم يزل بخير
و صرت شابا جاور العشرين
تصوّريني ... صرت في العشرين
و صرت كالشباب يا أماه
أواجه الحياه
و أحمل العبء كما الرجا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق