09 سبتمبر 2010

أسئلة عُمانية أزليَّة


عزيزي معاوية
   سلمت يدك. شكرًا جزيلاً لك على إثارة المسكوت عنه وتحليله وطرح السؤال تلو السؤال لنبش قبور الخوف والصمت وعدم الفهم. انظر حولك وسترى الصمت الرهيب للأكثرية الضئيلة جدًّا التي تجيد الحديث في كل قضايا الكون -خاصة حين يتعلق الأمر بفلسطين وفيروز- وتهرب من وجه قضيتها إلى مائدة النعمان بن ماء السماء وسيرك النهضة وكأس الحداثة المملوءة بزخارف اللغة ونقوشها والطاولات المستديرة والمستطيلة  والمربعة المؤطرة بالتنظير وأسماء الثوريين.
   هذا الكوكتيل كله أحد أسباب أسئلتك يا معاوية، أسئلتك التي ستجيب عنها الأشباح عندما يلتم شمل اللصوص ورؤساء مجالس الشركات والمناقصات. منذ متى اعتاد العُمانيون أن تقدم الحكومة أو الدولة أو السلطة أو المهزلة (ما اسمها بالضبط؟) إجابات عن أسئلة الشعب؟. هذا السؤال القديم المتجدد المعروف الإجابة في السر وغير المجاب عنه في العلن وفي الضراء والسراء وأروقة اللصوص والنَّهَّابين وذوي المسميات، هذا السؤال -يا عزيزي معاوية- مَنْ تنتظر أن يجيب عنه إذا كانت الدولة برمتها بعد أربعين عامًا تنشئ بواليع لمخلفات بطون البلاد والعباد؟. 
    بعد أربعين عامًا! تخيَّل!. 
    بعد أربعين عامًا (فقط!) انتبهوا إلى أهمية هذا الأمر وحساسيته!.
   قف بسيارتك أمام إشارة المرور القريبة من وزارة الإسكان (حيث طالما فرشت خريطة الوطن كما على طاولات المُستعمِرين وقطعت أوصال مساحات شاسعة ووزعت على اللصوص)، إشارة المرور نفسها القريبة من مجلس الدولة، وافتح نافذة سيارتك، ولعلك لن تحتاج إلى فتح نافذة سيارتك، فسرعان ما ستنتشر رائحة الخراء من كل حدب وصوب وتتبين الحقيقة أوضح من كل المشاريع والخطط الخمسية والعشرية، وأعلى من البناية التي هدمت والبنايات الأطول والأعرض التي لن تهدم. هذا ناهيك عن أن المشروع قد ينفجر قبل اكتماله!؛ يا إلهي، هذا أمر صعبٌ تخيُّله، فحينئذ لن يحتاج الأمر إلى إشارة مرور!. والعهدة على الرواة؛ والرواة مجهولون لكن يمكنك أن تصادف ألفًا منهم كل يوم في الوزارات والشوارع وقرب الأنابيب والحفر والطرق المقطوعة. هذا وفي النشرة أنباء أخرى وإشاعات، وإن غدًا لناظره قريب!.
    فليتبارك اللصوص في غيِّهم؛ سيسرقون حتى ينفجروا من تخمة ما سرقوا والإجابة لن تأتي من أي جهة لها علاقة بالحامي الحرامي، وبين فينة وأخرى، من أجل الاستهلاك الإعلامي الشعبي وحشو أفواه السائلين بكعك السياسة المُخدِّر، سيُقدَّم إلى مذبح التقاعد وزيرٌ أو وكيلٌ انتهت صلاحيته ضحيَّةً من أجل أن يعتبر من كان في حلف اللصوص الأضعف ليخضع نهائيًّا للصوص الأقوى.
   اللهم فرِّق شملهم كي لا يكملوا تعبيد طريق البلاد نحو الهاوية.

ليست هناك تعليقات: