02 أبريل 2011

أسئلة حول الوضع الراهن في عُمان

حمود حمد الشكيلي

       إن المتابع للأحداث في عُمان يشعر أن المستقبل غامض ومجهول، هكذا أُريد له، أكثر من شهر ولم تتحقق المطالب، أغلب مطالب المعتصمين السلميين أُهْمِلت، وتم تجاهلها، لماذا؟.
       لا أحد يعلم الإجابة، وهذه الأخيرة تكمن في ما أريد لهذا البلد، يبدو أنهم أرادوا له الانزلاق إلى غياهب الجبِّ، وقد ظهر هذا منذ بداية الأحداث الأخيرة في صحار.
أحداث مُروِّعة تحدث في صحار، إطلاق أعيرة ناريّة، أنابيب وخراطيم مياه حارقة، رصاص مطاطيّ، وآخر ناري، هكذا تمت مقابلة المعتصمين الذين لم يطلبوا سوى التظاهر لأجل إيصال صوتهم إلى وليِّ أمرهم؛ علّه يستجيب إلى أبسط مطلب يكمن في إخراج المعتقلين من سجن سمائل المركزي، خاصة وأن أغلبهم، ولا أراني أجامل إن قلت كلّهم بريئون مما يحاك لهم؛ سعيا لتوريطهم في أشياء ما ارتكبها أغلبهم على أقل تقدير. 
هذا المطلب- مطلب إخراج المعتقلين من سجنهم- مطلب شعبي، بل إنه أضحى مطلبا دوليا. منظمات دولية تنصح الحكومة العمانية بضرورة الإفراج عنهم، خاصة وأن طريقة اعتقالهم تمت بطريقة يرفضها القانون العماني، بل والدوليِّ.
     ما قرأنا في القانون أنه يجوز لأي حكومة تكسير أبواب مواطن، وترويع ذويه وأهله، كون أن جهازا أمنيا أراده لتحقيق في موضوع شارك فيه بطريقة قانونية وسلمية.
خرج المعتصمون في أماكن عدة، وظلوا حتى اللحظة، ولا أعتقد أنهم سيعودون إلى بيوتهم، إلا بعد تحقيق مطالبهم، بل لن يستطيع أحد إدخالهم إلى بيوتهم، كانوا يأملون ومازالوا سماع كلمة من وليِّ أمرهم، وهم الشعب العربي الوحيد الذي لم يخاطب من قبل رئيسه حتى اللحظة، بالطبع لا أدري لماذا؟. هل لأنهم لا يستحقون الاستماع إلى كلمة من صاحب الجلالة؟.  أرى أنه الإنسان الوحيد القادر على فكِّ الاعتصامات، هذا سيحدث إذا ألقى صاحب الجلالة خطابا للجماهير التي احتشدت في ميادين الاعتصامات، لذا نأمل وننتظر أي خطاب منه، عسى خطابه أن يشفي غليل العمانيين؟. عليه أن يخرج ويتحدث عن الخطوات القادمة للإصلاح، حيث إني أرى أن العمانيين يستحقون خطابا من صاحب الجلالة، هم الذين أحبوه، وأطاعوه، وصبروا كثيرا على فساد طغى وزاد.
كما أن من الضرورة تلبية جميع مطالبهم، وإن كان ثمة مطلب صعب لا يمكن تحقيقه، فعلى صاحب الجلالة وحكومته أن يعلموا مواطنيهم أن مطالبكم صعبة، أو أن هذا المطلب بالذات لا يمكن تحقيقه، سواء أكانت صعوبة التلبية في هذه الفترة، أو في قادم الأيام، مع بيان أسباب عدم القدرة على تحقيق المطالب.
     إن كل هذا يحيل إلى الشفافية والصراحة والوضوح، هذا ما نأمله ونترجاه بصفتنا مواطنين عمانيين، لدينا حقوق، كلها مكفولة بالقانون، وعلينا واجبات أديناها على أكمل وأحسن وجه، خاصة وأن هذه الدولة تسعى أن تكون دولة حقوق وقوانين، وكثيرا ما روّج إعلامها أنها دولة حقوق وقوانين، وأنها حكومة رشيدة، في ظلِّ قيادة حكيمة.
      إن القيادة الحكيمة قيادة حوار عقلاني، وقيادة فكر مستنير، هذا ما نتمناه، وهذا ما نترجاه، بل هذا ما ننتظره في هذه المحنة الوطنية.  
      على الدولة الآن أن تعتذر إن كانت قد أخطأت، خاصة وأنها صارت مدانة من قبل مواطنين عُزَّل، ثبتت الإدانة بعد أن رأينا صور القتلى والجرحى، وبعد أن سمعنا أنين الناس. بان في وضح النهار تورّط الأجهزة الأمنية فجر التاسع والعشرين من مارس. إن أخلاقنا ومبادئنا لا تسمح لنا أن نكذِّب امرأة عمانية تحدِّث رئيس الادعاء العام عن ما حدث في بيتها،  كما أننا لن نكذِّب رجلا عمانيا حكى كيف أن قوات الأمن أخذت والده بملابس نوم" فانيلة وإزار". 
       الآن وقد حكى هؤلاء، ومن بعدهم سيحكي آخرون، بينما سيكتب آخرون سِيَرَهم الذاتية، سيرة الاعتقال وما حدث لهم، سيصفون شكل الزنزانة، ونغص الرحلة من صحار إلى مسقط، ثم إلى سمائل، وطبيعة المحقق وأخلاقه وما شابه ذلك، فلماذا لا تحكي الحكومة ما لديها، وتوضح موقفها؟، أم أنها ترى إعلامها قائما بالواجب، وهو الإعلام الذي لم يُصدَّق، وصار مشكوكا حتى في وجوده، حيث طالب الكثيرون بضرورة تنحي من هم على رأس الإعلام، معتقدين أن في تحقيق مطلبهم ستتغير طبيعة الإعلام العمانيِّ، مع أني أرى من الضرورة تعديل سياسة الإعلام، المشكلة لا تكمن في الأشخاص-  ليس بيننا وبينهم عداوة بصفتهم الشخصية-  بل إنها تقبع في سياسة الإعلام، العمانيون يرجون إعلاما صادقا، إعلاما لا يميل إلى جانب واحد، إعلاما منصفا في بيان حقيقة الآراء، إعلاما يخلق مستقبلا من خلال حوار مباشر بين الرأيين، رأي للحكومة، وآخر للشارع، إعلاما ناقدا للفساد، إعلاما يسعى للإصلاح، وإلى جعل عُمان الوطن أولى مهامه.
      ننتظر ما ذكرناه؛ حُبّا في هذا الوطن؛ وحُبّا في الشعب العماني؛ لوفائه وكرمه ولأخلاقه العالية؛ ونبل مسعاه. هذا الشعب المتمثِّل في أولئك الذين خرجوا لأجل مطالب عامة، ولأجل مستقبل جميل. 
      لبساطة العمانيين، ولطيبتهم، ولبساطة مطالبهم؛ على الحكومة أن تتدارك ما وقعت فيه؛ كي لا يستفحل الأمر؛ وكي لا تصير المطالب صعبة، ولكي لا تحتاج إلى وقت كبير كما هو حال مطالب الجيران القريبين.

ليست هناك تعليقات: