سعود الزدجالي
لقد كان لسبإٍ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور. صدق الله العظيم
حينما خرج النبي صلى الله عليه وسلم مهاجرا وقف على هضبة من هضاب مكة ونظر إليها وقد سقطت منه الدموع .. ثم قال: والله إنك لأحب بلاد الله إليَّ ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت..
الوطن.. مفهوم آخر مفعم بالعاطفة والشعور، ريانُ المعنى، يعيش في ذاكرة الطفولة، نتشبّث به كأمهاتنا إذا زعزعتنا يدُ الوحشة والغربة في حياتنا، غريزة كامنة في داخلنا، وإذا اشتد الظلام بصمته الرهيب ضمنا الوطن بجناحاته الدافئة، وإذا أحسسنا بالظلم أو القهر غالبنا بشعور الرحمة والرأفة والعطف والحنان الأبدي، حروفه دافئة في الشتاء القارص، باردة حميمة في الصيف بحمّارته التي تذيب الوجنتين، وإذا ارتفعت أصواتنا احتجاجا ببراءة الطفولة إذا تاقت نفسه إلى لعبة أو متاع عانقنا الوطنُ بصداه الرحيب الرائع، وإذا هتفنا باسمه عزف لنا بأوتاره أجمل مقطوعاته الأسطورية من عالمه الملائكي الجميل، لا يخيفنا بطلعته في الغضب، ولا يعلو رؤوسنا بالشدة، وإذا تعثرنا بحجر من حجارته الأثيرة إلى نفوسنا هيأ لنا من رمال شواطئه أنعمَها لنسقط على وثيرٍ فلا نتألم، يزعجه أنيننا، ويبهجه حنيننا إليه، يعيش في أعماق قلوبنا، يسافر معنا إذا سافرنا، نحتسي كل رشفة من رشفات صباحنا ممزوجة بسكرات حروفه، وعبق أريجه، يحلم معنا إذا داعب أجفاننا النعاسُ، تراقبنا نجومه في الليل، وتودعنا نجماته الثاقبة عند كل فجر إذا شمّرنا عن سواعد العمل، ننتظر هلاله كل شهر، ونناغي أقماره إذا اكتملت ذات بدر، فإذا حُم فينا العزمُ والجدُ جرى في دمائنا كما تجري شوقا وطمأنينة أفلاجُه الرقراقة فتغادرنا الحمى لبرد مياهه العذبة...
نرفع في حماه هاماتنا عالية كأبراج قلاعه الشامخة، نحنُّ إلى شمسه وحره وبرده، وإلى نسائمه وغباره ورائحة تربته العطرة الزاكية، يذكرنا إذا أنستنا الأيامُ بحنانه اللامحدود....
هكذا نرسمه كأجمل لوحة، ونعزفه بأوتار قلوبنا كأجمل معزوفة أبدية، إنه قيثارة الراعي، وحلمةٌ توردت لكل طفل بريء، ننتظره بفيض أشواقنا ليستوعب آمالنا، ويحس بآلامنا، ويحسن بنا الظن كما نحسن به كل الظنون، لا يؤاخذنا على أخطأنا، نريد من جباله الشامخة أن تمسك بكل سحابة ريانة فلا تغادر أرضنا حتى تنثر غيث الإله في كل قطرة منه رزقاً عميماً ورحمةً لا تنتهي، تهتز أوتار قلوبنا إذا داعب الماء أوديتنا، ليفرش ملعبا لأطفالنا، ومرتعا لدوابنا، نريد من برقه أن يوقظ بلمعانه فينا الأمل، ومن رعده أن يغرس فينا الطمأنينة لا الخوف والرعب.
نريد من الوطن أن يستقبلنا بابتسامته المعهودة في كل جنباته ومؤسساته، وأن يحسسنا أن كل قطعة أرض، وكلَّ صرح من صروحه، وكلَّ شاطئ من شواطئه، وكلَّ سمكة تغوص في أعماقه، وكلَّ نخلة تعانق ضياء الشمس، وكلَّ جامعة تلملم حروف العلم... كلَّه لصاحب الوطن.. الإنسان الذي يعيش على ترابه، فيسكن الوطنُ قلبَه النابض بالحب والعطاء، نريده أن يضمنا بحنان في حياتنا الموحشة، ويسترنا في أعماقه إذا دعانا الموت المجهول والأجل المحتوم.
فإياك أيها الوطن أن تخيفنا بغضبك، وترهبنا بصوتك، وتعلونا بعصاك فنحن بعضك الذي أنت كله، ونحن أولك الذي أنت غايته ومنتهاه فهل تسمع نبضنا أيها الوطن الذي يعيش في أرحام ذاكرتنا، وينبض في قلوبنا؟.
لقد كان لسبإٍ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور. صدق الله العظيم
حينما خرج النبي صلى الله عليه وسلم مهاجرا وقف على هضبة من هضاب مكة ونظر إليها وقد سقطت منه الدموع .. ثم قال: والله إنك لأحب بلاد الله إليَّ ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت..
الوطن.. مفهوم آخر مفعم بالعاطفة والشعور، ريانُ المعنى، يعيش في ذاكرة الطفولة، نتشبّث به كأمهاتنا إذا زعزعتنا يدُ الوحشة والغربة في حياتنا، غريزة كامنة في داخلنا، وإذا اشتد الظلام بصمته الرهيب ضمنا الوطن بجناحاته الدافئة، وإذا أحسسنا بالظلم أو القهر غالبنا بشعور الرحمة والرأفة والعطف والحنان الأبدي، حروفه دافئة في الشتاء القارص، باردة حميمة في الصيف بحمّارته التي تذيب الوجنتين، وإذا ارتفعت أصواتنا احتجاجا ببراءة الطفولة إذا تاقت نفسه إلى لعبة أو متاع عانقنا الوطنُ بصداه الرحيب الرائع، وإذا هتفنا باسمه عزف لنا بأوتاره أجمل مقطوعاته الأسطورية من عالمه الملائكي الجميل، لا يخيفنا بطلعته في الغضب، ولا يعلو رؤوسنا بالشدة، وإذا تعثرنا بحجر من حجارته الأثيرة إلى نفوسنا هيأ لنا من رمال شواطئه أنعمَها لنسقط على وثيرٍ فلا نتألم، يزعجه أنيننا، ويبهجه حنيننا إليه، يعيش في أعماق قلوبنا، يسافر معنا إذا سافرنا، نحتسي كل رشفة من رشفات صباحنا ممزوجة بسكرات حروفه، وعبق أريجه، يحلم معنا إذا داعب أجفاننا النعاسُ، تراقبنا نجومه في الليل، وتودعنا نجماته الثاقبة عند كل فجر إذا شمّرنا عن سواعد العمل، ننتظر هلاله كل شهر، ونناغي أقماره إذا اكتملت ذات بدر، فإذا حُم فينا العزمُ والجدُ جرى في دمائنا كما تجري شوقا وطمأنينة أفلاجُه الرقراقة فتغادرنا الحمى لبرد مياهه العذبة...
نرفع في حماه هاماتنا عالية كأبراج قلاعه الشامخة، نحنُّ إلى شمسه وحره وبرده، وإلى نسائمه وغباره ورائحة تربته العطرة الزاكية، يذكرنا إذا أنستنا الأيامُ بحنانه اللامحدود....
هكذا نرسمه كأجمل لوحة، ونعزفه بأوتار قلوبنا كأجمل معزوفة أبدية، إنه قيثارة الراعي، وحلمةٌ توردت لكل طفل بريء، ننتظره بفيض أشواقنا ليستوعب آمالنا، ويحس بآلامنا، ويحسن بنا الظن كما نحسن به كل الظنون، لا يؤاخذنا على أخطأنا، نريد من جباله الشامخة أن تمسك بكل سحابة ريانة فلا تغادر أرضنا حتى تنثر غيث الإله في كل قطرة منه رزقاً عميماً ورحمةً لا تنتهي، تهتز أوتار قلوبنا إذا داعب الماء أوديتنا، ليفرش ملعبا لأطفالنا، ومرتعا لدوابنا، نريد من برقه أن يوقظ بلمعانه فينا الأمل، ومن رعده أن يغرس فينا الطمأنينة لا الخوف والرعب.
نريد من الوطن أن يستقبلنا بابتسامته المعهودة في كل جنباته ومؤسساته، وأن يحسسنا أن كل قطعة أرض، وكلَّ صرح من صروحه، وكلَّ شاطئ من شواطئه، وكلَّ سمكة تغوص في أعماقه، وكلَّ نخلة تعانق ضياء الشمس، وكلَّ جامعة تلملم حروف العلم... كلَّه لصاحب الوطن.. الإنسان الذي يعيش على ترابه، فيسكن الوطنُ قلبَه النابض بالحب والعطاء، نريده أن يضمنا بحنان في حياتنا الموحشة، ويسترنا في أعماقه إذا دعانا الموت المجهول والأجل المحتوم.
فإياك أيها الوطن أن تخيفنا بغضبك، وترهبنا بصوتك، وتعلونا بعصاك فنحن بعضك الذي أنت كله، ونحن أولك الذي أنت غايته ومنتهاه فهل تسمع نبضنا أيها الوطن الذي يعيش في أرحام ذاكرتنا، وينبض في قلوبنا؟.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق