24 أغسطس 2011

خارج الإطار.. ملتزمون!

 حنان الهاجري
د. حنان الهاجري
   
الخبر الآن يتعلق بالثورة الليبية، وكل ما تعنيه للعالم ولنا بشكل خاص بما توفره من عبر مكثفة ومطلقة لا تقيدها حدود جغرافية أو حتى نفسية. فقد كُسرت حواجز وهدمت قلاع المحلية المحصنة في عام 2011، وأصبحنا في عين الحدث أينما وقع على الأرض العربية. ولكن ـــ والله أعلم ـــ فإن أجهزة الاستقبال الرسمية العربية القادرة على إدراك الدرس المجاني الذي يبث على الهواء مباشرة ما زالت معطلة، لا يصل إليها التيار الكهربائي وقد تحتاج الى هزها قليلا، وبالتالي تعجز عن التحقق من إشاعة مغرضة تؤكد أن الشعوب العربية تنتفض الآن وقد تولدت لديها قناعة تقول إن الشعب يملك حق تقرير مصيره!
    وبينما يتابع العالم اليوم تسارع الحدث الليبي العظيم، أجدني أتابع تطورات واقعة تحدث في موقع أكثر قربا، قد تكون بسيطة في عين المتابع، لكنها تلخص ما كتبت في الأعلى. ففي سلطنة عمان يتعرض الآن الزميل يوسف الحاج لانتقام سلطوي بسبب رأي كتبه في صحيفة الزمن نشر عبر مقالة له في شهر مايو الماضي تسبب بإيقافه عن الكتابة بقرار من وزارة الإعلام صدر في الثامن من يوليو الماضي، وذلك بسبب انتقاده وبشكل مهني وزير العدل ووكيل الوزارة بسبب رفضهما إنصاف موظف ومنحه درجة وظيفية وعلاوة مالية، حيث اعترض الكاتب على تدخل نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء وتعطيله لإجراءات التقاضي عندما حاول الموظف عرض قضيته على المحكمة.  
     بغض النظر عن تفاصيل القضية ومن هو صاحب الحق فيها، فكل ما فعله الزميل هو تبني رأي بشأنها، يحتمل الصواب أو الخطأ، ومع ذلك لم تمنع بساطة النقد وجوهريته تحويل الأمر الى قضية سيادية، فكيف يتجرأ أحد ويقدم على محاسبة وزير!
    لذا فقد وجهت خمس تهم إلى الحاج بسبب المقال المذكور هي: إهانة وزير العدل ووكيل الوزارة، وإحداث شقاق في المجتمع، والإساءة إلى القضاء، وانتهاك قانون المطبوعات والنشر، وأخيرا مزاولة مهنة من دون ترخيص من وزارة الإعلام. والتهمة الأخيرة جعلتني أبحث عن قانون المطبوعات والنشر في السلطنة لأكتشف أنك تحتاج إلى رخصة حكومية لتصبح صحافيا! وهو أمر مذهل حقا. ورغم ذلك هناك عدد كبير من الصحافيين المحترفين ممن يعملون من دون ترخيص، وبالتالي هم مهددون في أي لحظة بالإيقاف والعقاب إن لم تحظ كتاباتهم بالرضا الحكومي. هذا ما أشارت إليه منظمة «مراسلون بلا حدود» التي أصدرت بيانا بهذا الشأن. وليرش الادعاء العام المزيد من الملح على الجرح الذي حدث في الجسد الصحفي قام بالطلب من المحكمة الابتدائية أن تغلق صحيفة الزمن التي نشرت المقال ومنع نشر تفاصيل المحاكمة، مما جعل لجنة حماية الصحافيين في نيويورك تصدر بيانا تصف فيه هذه المساعي بالانتقام السياسي. رد الفعل الأول من الصحيفة كان صدورها في اليوم التالي للمحاكمة وعبارة «ملتزمون» تحتل كل مساحة الصفحة الأولى فيها. «الزمن» ملتزمة بمبادئها ورؤيتها الصحفية، والحاج ملتزم بحقه في التعبير عن رأيه، والشعوب ملتزمة بأن تكون حرة في إرادتها، أما السلطات العربية فهي بالتأكيد ملتزمة الصمت أو القمع، إلى أن تدرك أنه وكما أن للحرية سقفا فإن للكبت والقمع هوامش.

د. حنان الهاجري 
alhanewyork@gmail.com
عن "القبس" الكويتية

ليست هناك تعليقات: