عادل الكلباني
(1)
النوافذ تقطر دما
الأبواب
الشوارع
الحارات
الحدائق
المستشفيات
المدارس
المساجد
الكنائس
الجامعات
ماعاد يُرى في الشام
عدا هذا النجيع
الذي سفكته الذئاب
(2)
لأجل عينيك يا دمشق/ تنهمر دماء كالمطر/ وتسيل على أرضك/عذابات الذين أحبوك/ باخعين أنفسهم على آثارك حزنا وحياة/ رحيلهم إليك/ ميلاد آخر مضرج/ بالجرح والموت هذه المرة.
(3)
لماذا اختلف شتاؤك وصيفك هذه السنة؟/ كانت سماؤك غمامات قمح وفواكه/ وبساتينك يشربها الحب/ وإذ نهارك قاس كالصخر/ وليل طغاتك طويل الأجل/ نسائم هبت من بلاد بعيدة/ تحولت رياحاً لحرية/ واحتوتها الصدور
وتاقت إلى النداء والعتق.
(4)
طقوسك يا دمشق باذخة الآن/ بالأيتام والأرامل والثكالى/ وأنت لا يرتوي عطشك من تاريخ أو زمن/ فداء لك كل هذه الأنفس/ التي تمرغت في ترابك/ وامتزجت بك/ باقية أنت يا دمشق كالدهر/ الطغاة مروا بك/ نسوا أنفسهم/ وتركوا آثارهم/
مجللين بالخزي والعار.
(5)
المجازر وحدها شاهدة/ على الذئاب/ الذين تركوا الجثث/ تمزقها المخالب/ في ليل عميق السواد.
(6)
لا يبدو الفجر بعيدا/ بعد كل هذا العذاب والذبح والألم والبكاء/ لا يبدو الفجر بعيدا
إذ بزوغه على هذه الأرض/ سيكون ثقيلا/ محملا بالنور والدماء/ وأشلاء الضحايا.
(7)
فجر الشهداء المختوم/ على جباه الشجعان/ الذين قدموا الحياة/ أضحية للوطن كالقرابين/ يسطع بنور آخر/ لم نعهده من قبل/ نور فجرته/ النفوس بداخلها أولا/ فانقشع الغيهب/ وسافر فيه الخوف بعيدا/ صوب سماء بعيدة/ زرقتها خضراء كالسندس/ وارفة اللون والظل/ رغم الجحيم.
(8)
النفق الذي اهترأنا فيه/ سادة وعبيداً/ حديدهم حطم صدرونا/ هزائم وخيانات.
(9)
افتح أبوابك ونوافذك/ أيها الزمن الموصد علينا/ منذ الفراعنة وأصحاب الكهف والأخدود/ وجوه أصنام وأوثان/ الشروق يتصدع في المسافات/ الهواء العليل يملأ الصدور الباذخة بالخوف والظلمات/ يتجلى يقينا وحياة.
(10)
أيتها الطريق التي يأتي/ منك الرصاص والمقاصل والموت/ تدفق فيك أهل الشام/ في القرى والساحات/ فرادى وزرافات/ طوابير نحيب وأناشيد وألم/ وضحايا/ سيلاً جارفاً بالحزن.
والأغاني على أشدها
تصعد في السماء
تصعد
تصعد
تصعد
وترقص الملائكة
***
ونيرون دمشق وجلادوه
خلف الجدر
يقرأون موتهم القادم
في شام جديدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق