30 يونيو 2012

سوريا... نزيف الأحرار

عادل الكلباني






(1)


النوافذ تقطر دما


الأبواب


الشوارع


الحارات


الحدائق


المستشفيات


المدارس


المساجد


الكنائس


الجامعات


ماعاد يُرى في الشام


عدا هذا النجيع


الذي سفكته الذئاب


(2)


لأجل عينيك يا دمشق/ تنهمر دماء كالمطر/ وتسيل على أرضك/عذابات الذين أحبوك/ باخعين أنفسهم على آثارك حزنا وحياة/ رحيلهم إليك/ ميلاد آخر مضرج/ بالجرح والموت هذه المرة.


(3)


لماذا اختلف شتاؤك وصيفك هذه السنة؟/ كانت سماؤك غمامات قمح وفواكه/ وبساتينك يشربها الحب/ وإذ نهارك قاس كالصخر/ وليل طغاتك طويل الأجل/ نسائم هبت من بلاد بعيدة/ تحولت رياحاً لحرية/ واحتوتها الصدور


وتاقت إلى النداء والعتق.


(4)


طقوسك يا دمشق باذخة الآن/ بالأيتام والأرامل والثكالى/ وأنت لا يرتوي عطشك من تاريخ أو زمن/ فداء لك كل هذه الأنفس/ التي تمرغت في ترابك/ وامتزجت بك/ باقية أنت يا دمشق كالدهر/ الطغاة مروا بك/ نسوا أنفسهم/ وتركوا آثارهم/


مجللين بالخزي والعار.


(5)


المجازر وحدها شاهدة/ على الذئاب/ الذين تركوا الجثث/ تمزقها المخالب/ في ليل عميق السواد.


(6)


لا يبدو الفجر بعيدا/ بعد كل هذا العذاب والذبح والألم والبكاء/ لا يبدو الفجر بعيدا


إذ بزوغه على هذه الأرض/ سيكون ثقيلا/ محملا بالنور والدماء/ وأشلاء الضحايا.


(7)


فجر الشهداء المختوم/ على جباه الشجعان/ الذين قدموا الحياة/ أضحية للوطن كالقرابين/ يسطع بنور آخر/ لم نعهده من قبل/ نور فجرته/ النفوس بداخلها أولا/ فانقشع الغيهب/ وسافر فيه الخوف بعيدا/ صوب سماء بعيدة/ زرقتها خضراء كالسندس/ وارفة اللون والظل/ رغم الجحيم.


(8)


النفق الذي اهترأنا فيه/ سادة وعبيداً/ حديدهم حطم صدرونا/ هزائم وخيانات.


(9)


افتح أبوابك ونوافذك/ أيها الزمن الموصد علينا/ منذ الفراعنة وأصحاب الكهف والأخدود/ وجوه أصنام وأوثان/ الشروق يتصدع في المسافات/ الهواء العليل يملأ الصدور الباذخة بالخوف والظلمات/ يتجلى يقينا وحياة.


(10)


أيتها الطريق التي يأتي/ منك الرصاص والمقاصل والموت/ تدفق فيك أهل الشام/ في القرى والساحات/ فرادى وزرافات/ طوابير نحيب وأناشيد وألم/ وضحايا/ سيلاً جارفاً بالحزن.


والأغاني على أشدها


تصعد في السماء


تصعد


تصعد


تصعد


وترقص الملائكة


***


ونيرون دمشق وجلادوه


خلف الجدر


يقرأون موتهم القادم


في شام جديدة.

ليست هناك تعليقات: