27 مايو 2011

وفي المعتقل...

سعود الزدجالي

      (ومن الأمور المقررة طبيعة وتاريخيا أنه ما من حكومة عادلة تأمنُ المسؤولية والمؤاخذة بسبب غفلة الأمة أو التمكن من إغفالها إلا وتسارع إلى التلبُّس بصفة الاستبداد، وبعد أن تتمكن فيه لا تتركه، وفي خدمتها إحدى الوسيلتين العظيمتين: جهالة الأمة، والجنود المنظمة)  الكواكبي.
    هنالك حيث المساء يداوي جراحه؛
        يلملمُ أغنية من يديَّ تعانقني مثلما عانق الشوقُ أنثى
وأكتب للياسمينة عطرا جديدا؛
ولكنّها الهاوية...
سأنثر كلَّ الحروف وأجمعها ثم أنفخ في هيئة الطين حريةً من دمي؛
سأرسم خط الجذور إلى الترب تنبت حرفَ الحياة؛ حيث أبي كان ينثر قمحا وأغنية للجياع؛
ستورق عند النهايات مثمرةً
ستطلق في الأفق قاهرةً أو عدن
سأوقظ كلَّ اليمامات تنسج أغنية لرحيل القدر
سأمنح ليلى نهارَ الأبد؛
فهلا رحلت بعيدا.. زهقت إلى المنتهى أيها القدر العربي؟
أنا مئزري النار  تشهق أغنية للمساء
زفيرُ جهنم تذيب السلاسل
وأغتالُ كل الطواحين عند النهايات غنت لأيدي البغاة؛ سأغتالها حيث فجر على الشفتين جديد؛
تغنيتُ ليلة كانت يداك.. تستفُّ في القيد حرية من دم الشهداء؛
تعيد النشيد الذي ضلّ عني بعيدا وتزرعه القمحَ والعنفوان
وتنحت تمثال حرية من قدر
وفي المعتقل..
كنت أزرع همسي على القيد حين يناجي دمي ثائرَ الصمت كالبحر ينتظرُ الهاربين؛
يسائلني القيدُ عن حشد أغنية للقمر.. وعن أمل هارب لتخوم المساء البعيد؛
وعن صادقين.. وعن ظالمين؛
ومن سرق الحرف يكتبُ روح المديح لمن مرّ يسرق خبر الجياع
لقد ضجّ قيدي بدمع ليغسل لمس الأيادي وعار السنين تحاولُ طمس الطهارة
وكان جدارٌ يناغي يناجي هنالك حيث اعتقال المساء؛
ويكتب يمحو
ويشهدُ كلُّ مساء.. لقد غادر القيد أغنيةً
لقد ضجّ ذاك الجدار.

ليست هناك تعليقات: