24 سبتمبر 2011

"الزمن" هزمت الإعلام العُماني

    عادل الكلباني

     ما يحدث الآن في هذا البلد من مصادرة الفكر وإرساء جبروت المتنفذين الذين ما زالوا في السلطة منذ أكثر من ربع قرن، هو يوم له ما بعده، وليس هنالك في هذا السياق مقارنة بين واقع تاريخي خالد وبين واقع مغاير كحدث نعيشه الآن إلا فيما يمكن إبرازه كفكرة بأن ما ينفع الناس يبقى أما الزبد فيذهب جفاء، فإيقاف جريدة الزمن عن  الصدور وسجن رئيس تحريرها والصحفي والموظف المظلوم هو حدث جارح وخطير على المستوى النفسي  لشعب عمان العظيم، ولسوف يخلد الزمن هؤلاء الذين ضحوا بأنفسهم في سبيل الكلمة الحق والعدل، أما الآخرون  فلن يبقى من يذكرهم لاحقا إلا ربما إنهم كانوا أداة لتنفيذ أجندة المتنفذين في البلد لإيقاف أصحاب الرأي والقلم، ولم لا؟، فهم أصحاب النفوذ وأصحاب الكلمة لا صوت يعلو فوق صوتهم، هم فوق القانون دائما – أتحدى أي إنسان على هذه الارض إذا أثبت لي أن الحكومة قدمت أي موظف كبير على اختلاس  وما أكثر الاختلاسات التي نهبت نهارا جهارا من المال العام  في الأربعين سنة الأخيرة وتمت محاكمته بشفافية كي تهدأ النفوس ويشفى صدور المواطنين بأنه لا أحد فوق القانون مثلما يدعون، ولكن  وبعد أربعين عاماً وللأسف الشديد  من عمر هذه النهضة التي يقول الإعلام العماني إنها أرست دولة القانون والمؤسسات، يأتي من يمارس علينا جهارا وفي وضح النهار الكبت وتضييق الحريات ومحاولة جر البلاد لأن تعود إلى الوراء عشرات السنين،  لم يحدث في التاريخ العماني الحديث – ليس بمعناه الحداثي الذي تكون فيه البلد قد ارتقت على المستوى الفكري والاقتصادي والثقافي فهذه حداثة لم نصلها بعد وإن كان الإعلام العماني قد أوصلنا منذ سنين إلى مراتب عليا بين الدول في الظاهر طبعا أما الباطن فهو أجوف كطبول تقرع فيسمع صداها ولكن هذا الصدى لا يحمل في مضمونه ومعناه عدا التخلف المزري الذي إن رأته أو سمعت به "ضحكت من جهلنا الأمم".
    لم تقم جريدة بنشر تحقيق صحفي ضد أي وزير في الحكومة منذ السبعينيات إلى الآن عدا جريدة الزمن التي صدرت ربما منذ أكثر من خمس سنوات ولكن في هذه السنوات استطاعت الارتقاء بالعمل الصحفي والكتابات الجريئة إلى مستوى لم يعهده المواطن العماني في الصحافة قبلا، فجريدة الزمن استطاعت – في هذه السنوات المعدودة -  هزيمة الإعلام العماني المرئي والمسموع والمقروء والإطاحة به، ففي  السنوات الأخيرة إذا تم استطلاع رأي المواطن في عمان عن الصحيفة الأولى المقروءة على مستوى السلطنة فستكون الزمن في المقدمة لأنها لامست حس المواطن وخرجت ولو قليلا لتغرد خارج السرب وهذا ما لم يستطع فعله الإعلام العماني المدجن المقروء والمسموع والمرئي على مدى واحد وأربعين عاما، وهذا دليل فشل واضح يعلم به كل مواطن يحترم عقله ويتحمل تبعيته القائمون عليه – وإلا فيلفعلها التلفزيون العماني ويستطلع رأي المواطنين بشفافية طبعا وأتحداه إن كان عشرة في المائة من الشعب يتابع برامجه أو يهتم بها.
    بقي القول إن هنالك جرائد كالوطن - والوطن منها بريء - والشبيبة - التي تخلت عن موظفها الشيزاوي في أحلك الظروف، لقد سقطت هذه الجريدة من أعين الشباب وابتعد عنها أكثر المثقفين وما عادوا يكتبون فيها. لقد نأت بنفسها عن السمو والارتقاء بالكلمة والقلم بعد أن كان أكثر الكتاب يحسبونها الحضن لهم فإذا بها تهتم بالشكل والظاهر وتنبذ باستهلاكيتها الفجة المضمون والمعنى.  
***
    في الأشهر الأخيرة التي أعقبت الاعتصامات والاحتجاجات التي عمت ربوع البلاد وعدت الحكومة الشعب بحزمة من الإصلاحات لم ينفذ منها إلا القليل، كإخراج الصور التي كانت جاثمة على الشعب منذ أكثر من أربعين عاما وتفكيك اللوبي الاقتصادي والعسكري  الذي كان يمسك بزمام البلد وربما ما زال يمارس ذلك من وراء الكواليس، وعدت الحكومة العاطلين من الشعب بمنحة شهرية مقدارها 150 ريالاً عمانياً، صرفت للبعض  وحجبت عن الكثيرين وأغلق موقع وزارة القوى العاملة وإذا ذهبت للاستفسار من مكتب القوى العاملة بالولاية بعبري مثلا أفادك الموظف بحجته الدامغة بأن البيانات لم تُحدَّث والموقع مغلق، وأن هذا الأمر باختصاص الوزارة في مسقط  فأين معالي وزير القوى العاملة من هذا  الأمر؟....
***
   أصدر السلطان مرسوماً قضى بتغيير النظام الأساسي للدولة في غضون ثلاثين يوماً بوساطة لجنة خاصة بهذا الشأن، ومرت أربعة أشهر ولم نسمع شيئا فيه تغيير، لا عن اللجنة ولا عن النظام الأساسي... 
***
    صدر بيان عن طريق مجلس الوزراء بأنه صدرت تعليمات سامية، بإنشاء لجان في كل فروع الوزارات  على مستوى الولايات تختص بمتابعة المعاملة التي يقدمها المواطن في مختلف الدوائر الحكومية بالبلد، وإلى الآن لم نر ما يثبت للمواطن بأن التوجيهات التي صدرت من جلالته نفذت على أرض الواقع...
***
    صدرت تعليمات من السلطان بضرورة تغيير صلاحيات مجلس الشوري كي يواكب المرحلة المقبلة التي تشهدها البلد والارتقاء بالمجلس كي يمارس صلاحيات نوعية في صنع القرار الاقتصادي والاجتماعي ومحاسبة الوزراء عــــــلى الأخطاء التي ترتكب ماليا وإداريا، وظل الوضع على حاله... لا تغيير... ولا... تفسير.
 
***
   في  ولاية عبري كمواطن فيها  مثلا تم تفعيل ما يقارب (تسعة آلاف مواطن) لبطاقاتهم كي تكون  جاهزة – حسب مصدر موثوق -  في يوم الانتخاب، من أصل مائة وثلاثين ألف مواطن في ولاية عبري، أي ما نسبته ثمانية  في المائة تقريبا إذا حذفنا طبعا غير المكملين للسن القانونية والأطفال، وربما حين يأتي يوم الانتخاب قد لا يذهب أكثر هؤلاء الناخبين إلى صناديق الاقتراع.
***
     لمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــاذا؟
***
    لأنه لم يتغير شيء، فمجلس الشورى يراد له أن يكون صورة مثل سابقه، وإلا لو أن الحكومة كانت جادة في تفعيل دور مجلس الشورى لتكلمت عن تلك الصلاحيات بشفافية ونشرتها في وسائل الإعلام المختلفة، ولكان صداها له الأثر الإيجابي على المستوى العالمي كحكومة تسعى إلى أن تنفذ أجندة التغيير والإصلاح التي وعدت بها وعلى المستوى المحلي كمواطنين، ولرأينا أكثر الناس رجالا ونساء يقبلون إقبالا منقطع النظير على تفعيل البطاقات والانضمام إلى ركب الناخبين، لأجل عمان الجديدة.

ليست هناك تعليقات: