يحيى الناعبي
كم تأثرت بمقال للصديق القاص محمود الرحبي عنوانه "تجارنا والوجه القبيح للمال"، وطريقة الاستجداء للتبرع في ميزانية جمعية الكتّاب والأدباء، والذي لا نفع منه في وجه من لا وجه له في الخير لهذا البلد، وحقيقة ذلك التقديم يا صديقي محمود ليس له داع فما يحدث في هذا المجتمع هو عمى للبصيرة وليس للبصر، فلكل مجتمع هويته التي يفخر بها ما عدا هذا المجتمع الذي نعيش فيه، حيث نال نصيبه من التشوه بما لا يدع مجالا للحسد، وأنت تذكر أمثلة مثل العويس والبابطين والماجد والغرير والفطيم والكثير منهم ناهيك عن الجوائز التي تصرف من قبل الآخرين في غالبية الدول الخليجية والذين يمثلون فئة التجار، تشجيعا للثقافة والمثقفين بمختلف الأجناس الأدبية، في حين وما يدعو للسخرية لدينا تجّار من الفئات الثرية جدا بمنأى عن هذه المشاريع الإنسانية التي تخدم البشرية جمعاء وليس فقط المجتمع العماني إن كانوا على عداء مع هذا المجتمع، والغريب في الأمر أن فئة منهم تنحدر من سلالة ثقافية يشهد لها التاريخ والمؤلفات بدورها في اثراء الثقافة العمانية في مراحل مختلفة من مراحل عمان التاريخية، في حين استغل أحفاد تلك السلالة أجدادهم لنيل الثروات تحت البروباجندا المرسومة "كان جدي"، فتولوا المناصب ونصبوا فخاخ الأموال في حساباتهم، كما اهتم البعض الآخر بتجميع المال بمظلة المنصب السياسي، واستطاع أن يتحايل على مقدّرات البلد المادية من أجل التحويشة المليارديرية، وطبعا تعج الأقاويل وتتداول بين أفراد المجتمع حول تلك النخبة المشرّفة في التسابق لتحويل أموال الدولة إلى جيوبهم الخاصة، مشاركين ما يفيض منها ذويهم والمقربين من الخواص.
الغريب في الأمر أن رأس الهرم السياسي في الدولة من المهتمين جدا بتراث وثقافة هذا المجتمع، ورسم مع معالم النهضة الأولى لعمان الركائز الأساسية للحفاظ على تراثه وثقافته، وأعلن عدم مصادرة الفكر ذلك الذي تعتبره هذه الفئة من ألدّ أعدائها، فكان من جلالته أن وازن في كثير من الأمور، وترك مؤسساتها ضمن الإطار المتوازن، لا يغلب طابع على آخر، وهذا الجانب يمثل دورا تنويريا بحيث يضع الخيار في متناول الفرد بحسب ثقافته ووعيه، بل إن الجميع يشمله الاطلاع قبل أن يختار. لكن هذه الفئة من التجّار التي من أولى مصالحها تأطير المجتمع ضمن قالب تجهيلي لا يهتم سوى بجملة بائدة "أنا وبعدني ود الشايب"، وهم يضحكون عليه من منابرهم التي تمثل الدرجة العاشرة من فئة السياسي المحنّك، ولكن الزمن أراد أن يكون معهم لأن المجتمع ضحك عليه بتقاليد لم تكن ذات يوم جزءاً أساسياً من نضاله على مر التاريخ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق