26 فبراير 2011

اعتصام دوَّار الكرة الأرضية بصحار: مستقبل مشرع على شتى التوقعات

 سالم آل تويّه 
      
       فصل جديد غير مسبوق انفتحت صفحاته أمس في ربوع عُمان، فمنذ الصباح الباكر تزامنت المظاهرات والاعتصامات في كل من صحار وصور وصلالة وعبري. وبينما وقَّت المتظاهرون في صور تظاهرهم في أثناء افتتاح جسر تعتبره الحكومة كعادتها من إنجازاتها المباركة صعد المتظاهرون في صلالة سقف التوقعات ليصبح أبعد مدى من مسيرة تستغرق ساعات، واعتصموا أمام مكتب وزير الدولة ومحافظ ظفار. وحتى هذه اللحظة يقدر عدد المتظاهرين في صحار بين 3000 و4000 متظاهر قطعوا حركة السير في دوار صحار (دوار الكرة الأرضية) وحوله ولم يعد بإمكان سائقي السيارات إلا استخدام الشوارع الفرعية. وبدأ التظاهر في صحار قرابة الحادية عشرة صباحًا وبلغت ذروة عدد المتظاهرين في حوالى الثامنة ليلًا بما قدره مشاركون بـ5000 متظاهر جلهم من الشباب في أعمار العشرينيات.
    وقال شهود عيان إن المظاهرة افتقدت التنظيم الجيد لذلك شابها الارتباك وبعض تصرفات الدخلاء والمشاغبين، حيث انفلت الزمام من عقاله وقام المشاغبون بنهب مركز اللولو التجاري وتحطيمه وتحطيم بعض الممتلكات العامة. بل تعدت الأمور حدودها المعقولة بمجيء أحد ضباط الشرطة واستفزازه للشباب فحاولوا ضربه وفي الوقت ذاته حاول متظاهرون آخرون إثناء المشاغبين عن الاستمرار في محاولة الاعتداء على الضابط. وقال شهود عيان إن المشاغبين أخذوا يرمون الضابط بالحجارة، الأمر الذي أدى إلى تدخل قوة مكافحة الشغب لتستخدم الغاز المسيل للدموع. وقال أحد المتظاهرين إنه رأى دماء تسيل من ملابس بعض الشباب الذين حاولوا فض الاشتباك بين المشاغبين والشرطة.
    وعند حلول التاسعة ليلًا تولى بعض المتظاهرين الواعين تنظيم الاعتصام، إذ استمر احتشاد المواطنين عند دوار صحار الرئيسي الرابط بين طريق مسقط والبريمي، وهكذا تزايد عدد المعتصمين، وأنشأوا لجنة منظمة قامت بجمع التبرعات لتصليح ما خربه المشاغبون من مصابيح الشارع والممتلكات العامة وشراء أغطية للنوم، واستخدموا مكبرات الصوت لتثقيف المعتصمين وحثهم على عدم التخريب واللجوء إلى الشغب، ووعوهم بأهمية إعلاء أصواتهم بمطالبهم المشروعة لكن دون المساس بالأهداف السامية لاعتصامهم. وقام المنظمون بضرب بعض المشاغبين ولومهم على ما فعلوه من تخريب وطردوا بعضهم الآخر.
    وبمرور الوقت وانضمام حشود أخرى شوهد أكثر المعتصمين يجلبون فراش نومهم داخل الدوار أو بجواره بعد الاتفاق على الاعتصام هناك وعدم العودة إلى منازلهم حتى الاستجابة لمطالبهم. وأعلنوا الإضراب عن العمل اليوم الأحد في جميع القطاعات الحكومية والخاصة.
    وقال مشارك في المظاهرة إن عشرة من المتظاهرين في المستشفى وحالتهم ليست على ما يرام إثر تدخل قوات مكافحة الشغب. وأضاف آخر أن ولاة كل من صحار ولوى وشناص وأعضاء من مجلس الشورى وشيوخًا طلبوا 10 أو 20 متظاهرًا ليتحدثوا إليهم في مكاتبهم إلا أن المتظاهرين رفضوا الانصياع وردوا بأن على الولاة والشيوخ أن يأتوا إلى المعتصمين ويتحدثوا أمام الجميع.
    ويمثل المعتصمون مختلف شرائح المجتمع العماني فبعضهم من العاطلين عن العمل وبعضهم الآخر من المدرسين وآخرون من قطاعات عمل مختلفة يطالبون بالإصلاح الإداري وحرية التعبير ومحاربة الفساد وتحسين الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتغيير الوزراء الفاسدين. وحمل بعضهم لافتات تطالب بإسقاط "علي بن ماجد وأتباعه". وعلي بن ماجد هو وزير المكتب السلطاني الذي يعتبره كثير من العُمانيين السبب الرئيس في استفحال الأزمات في البلاد حيث إنه يتحكم في تعيين الوزراء وصدور المراسيم السلطانية حسبما يرى كثيرون، وأنه يشكل قبضة حديدية ضاغطة على حرية الشعب والتعبير في عُمان. كما نادى المتظاهرون بإسقاط مقبول ومكي وهما الوزيران اللذان بات اسماهما يتكرران في كل مظاهرة في جميع أرجاء عُمان.
    وهناك خشية الآن من أن يطال القمع المعتصمين بعد ربط مراقبين أوضاعهم واعتصامهم بتحركات أمنية مريبة، خاصة بعد أن شوهدت مروحيات مساء أمس، وتردد بعض الأنباء عن حافلات قوات مكافحة الشغب متوجهة من مسقط إلى صحار.
    وقد صدرت أمس مراسيم سلطانية بتغيير وزراء ومسؤولين في الحكومة ونقل بعضهم وترقية آخرين إلى منصب وزير، وصدر مرسوم آخر بتخفيض نسبة اقتطاع تقاعد موظفي الخدمة المدنية من 8% إلى 7%، أي بنسبة 1%!. وتراوحت ردود الأفعال بين الصمت والامتعاض، فقد توقعت الأكثرية استجابة تتناسب والظروف الصعبة التي تمر بها البلاد وسط مناخ عربي ثائر تمتد آثاره لتلهب حماس العُمانيين بدورهم ليطالبوا بحقوقهم بشكل سلمي لكن ليس كما كانت الأوضاع من قبل.
    وقال بعض المشاركين في ساعة متأخرة من ليل أمس إن "صحار تشتعل" وإن أخبار إحراق بعض المتظاهرين مركز شرطة صحار صحيح، وإن الولاة والشيوخ وأعضاء مجلس الشورى توجهوا إلى المعتصمين وحاولوا التحدث إليهم عبر مكبرات الصوت وإن المتظاهرين يرفضون ذلك ويصرون على اعتصامهم إلى أن يستجاب لمطالبهم.
    ويتوقع أن تتفاقم الأحوال وتزداد سوءًا في ظل تعنت تبديه الحكومة تجاه مطالب المعتصمين المشروعة التي لا تتعدى حقوقهم المنتهكة، ففي هذه الحالة ليس هناك أكثر من خيارين: إما الاستجابة للمطالب بشكل لا يستخف بأصحابها ولا يستثني جانبًا دون آخر وعلى نحو واضح وكاف، وإما فتح الأبواب على جميع التوقعات التي لا يمكن تخيلها.

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

الغضب الساطع آآآآآآآآت وأنا كلي إيمان..من كل طريق آآآآآآآت.
آت آت