عادل الكلباني
لم أسمع في عمري –الذي يقترب الآن من الأربعين إلا قليلا- برئيس وعالم وفيسلوف وطبيب –كما يسوق لنفسه- يُجرِّم أكثر شعبه ويتهمه بالتطرف والإجرام، كما فعل بشار الأسد في خطابه الأخير الذي يعج بالبرانويا والشيزوفرينيا حد أن العدد الذي ذكره جاوز أربعة وستين ألفًا وكسور حسب قوله الذي سوف يسطره التاريخ له بمداد من ذهب...
ولم يكتف بهذا الادعاء الفارغ من مصداقية أو حق، بل اتهم الثوار الأحرار الشرفاء بالجراثيم، وأنه يمثل هو وعائلته الأسدية سوريا كجسم من لحم ودم، وأن الثوار الأحرار الشرفاء الذين أقضوا مضجع هذه العائلة الكريمة سوف يخترقون هذا الجسم الذي يمثلونه إن لم تكن هناك ممانعة كفيلة بصد وقتل هذه الجراثيم وما تحمله من شرف وحرية وكرامة ضد هذا الجسم الذي بالقوة والفعل اخترقه الثوار الأحرار الشرفاء وأوغلوا فيه وأصابوه بالسهر والحمى. وقال إن هؤلاء المخربين –حسب وصفه- يعيشون في عالم آخر لا يمت بصلة إلى ما يعيشه الناس في حاضرهم. ولعمري ما قاله إلا وصف دقيق لما يعانيه هو وأسرته من تشويه وغبار وتعنكب في داخلهم، فهم حقا يعيشون خارج التاريخ باستبدادهم وإجرامهم وكراهيتهم للحق والعدالة والحرية والكرامة التي يريدها الشعب، وإن هذه العائلة المستبدة المحنطة سوف تنقرض قريباً كالديناصورات. هذا (الدونكيشوت) المعاصر الفارس المدجج بالإجرام بعقلية القروسطي في القرون الوسطى، يقاتل طواحين هواء في عقليته: المؤامرة، المندسون، المخربون، الإرهابيون، وهي أكاذيب زبانيته المختلقة فصدقها، لكن سوف تطحنه هو ونظامه في قابل الأيام.
***
ولم يخاطب شعبه بنداء (أيها الشعب السوري العظيم)، لأن العظمة –كما يظن هذا الصغير في التجربة والحياة- ليست إلا له، بل خاطبه كما يخاطب الأستاذ تلميذه يقرعه بالعصا في زجر وتأديب، إنه الوصي على هذا الشعب، وعليه أن يتقبل الوصاية، لأنه شعب لم ينضج بعد كي ينهض على قدميه فما زال طفلاً يحبو وإن بشار الأسد الأب والروح القدس –مع العفو للإخوة المسيحيين- هو راعيه وحاميه ومخلصه من الذنوب والخطايا. لماذا لا يقوم بعض أبواق النظام بنقش هذا الكلام الذي يقطر شهدا وحرية وإصلاحاً حسب قولهم في أروقة جامعة دمشق كمعلقة ثامنة لهذا الزعيم الذي يريد أن يتعلم الآخرون منه قلبا وقالبا معاني الإصلاح والحرية والديموقراطية؟ أما أن يأخذ هو عن الآخرين فهذا لا يليق بزعيم مثله أعقمت النساء عن أن تنجب مثله.
إن هذه الأنطمة المستبدة تواصت في تاريخها على العنجهية والعجرفة التي سوف تركلها الشعوب بالأقدام... كان غيرك أشطر أيها المعلم الأول –ونعتذر هنا للفيلسوف اليوناني أرسطو- لقد قالها ملعون ليبيا القذافي يوما، ملك ملوك أفريقيا وعميد الحكام العرب كما يدعي في أدبياته، وها هم الثوار الشرفاء قلبوا سطوته وعنجهيته فوق رأسه برغم كل المآسي والجراح والقتل. أليس حراماً أن يأتي زعيم كهذا القذافي ليحكم بلداً 42 سنة، ويتلاعب بثروة بلاد ملكته زمام أمرها وأعطته من خيراتها هو وأولاده الشيء العظيم، يبذر تلك الثروة على أهوائه، ومعظم شعبه يعيش تحت خط الفقر، مدعيا بالممانعة والمقاومة ضد الغرب؟ وبعد هذا العمر من الحكم يأتي بكل صلافة الضواري لينتقم من شعبه بالقتل وسفك دمائه مباشرة أمام عيون العالم لمجرد أن شباباً طالبوا بالحرية والكرامة وبأن يعيشوا أحرارا كبقية الشعوب، (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان)؟.
في أي عالم يعيش هؤلاء...؟.
إن هذه الأنطمة المستبدة تواصت في تاريخها على العنجهية والعجرفة التي سوف تركلها الشعوب بالأقدام... كان غيرك أشطر أيها المعلم الأول –ونعتذر هنا للفيلسوف اليوناني أرسطو- لقد قالها ملعون ليبيا القذافي يوما، ملك ملوك أفريقيا وعميد الحكام العرب كما يدعي في أدبياته، وها هم الثوار الشرفاء قلبوا سطوته وعنجهيته فوق رأسه برغم كل المآسي والجراح والقتل. أليس حراماً أن يأتي زعيم كهذا القذافي ليحكم بلداً 42 سنة، ويتلاعب بثروة بلاد ملكته زمام أمرها وأعطته من خيراتها هو وأولاده الشيء العظيم، يبذر تلك الثروة على أهوائه، ومعظم شعبه يعيش تحت خط الفقر، مدعيا بالممانعة والمقاومة ضد الغرب؟ وبعد هذا العمر من الحكم يأتي بكل صلافة الضواري لينتقم من شعبه بالقتل وسفك دمائه مباشرة أمام عيون العالم لمجرد أن شباباً طالبوا بالحرية والكرامة وبأن يعيشوا أحرارا كبقية الشعوب، (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان)؟.
في أي عالم يعيش هؤلاء...؟.
***
وما أكثر أبواق هذا النظام السوري الفاشي كعلي جمالو –يا جماله!- حين يشرح على قناة الدنيا مساء يوم الجمعة الساعة الحادية عشرة والأربعين دقيقة بتاريخ 17/6/2011م بأن الثورة ممسرحة في سوريا، وأن الجيش وقف في مكانه الصحيح –لقتل شعبه- ليكون جبهة ممانعة ومقاومة ضد المؤامرة والتمرد اللتين بدأتا في درعا وتل كلخ وجسر الشغور، والدكتور طالب إبراهيم الذي يحاول بشتى أفانين الكذب والزيف والأراجيف أن ينمق صورة النظام لدرجة أن كل إنسان يحترم نفسه وعقله يحتقر هذا الرجل وأمثاله، لكن الشعب السوري العظيم قادر على أن يكنس مثل هذه الوجوه لتغدو بين عشية وضحاها مركونة خلف الجدر كالمهملات... كرئيس تحرير جريدة الأهرام السابق أسامة سرايا الذي تابعته في قنوات الإعلام المصري يسب الثورة والثوار ويستهزئ بهم، واتهم شباب التحرير في مصر بالعمالة، ولم يكن يخطر على باله أن سيده سوف يسقط في يوم من الأيام. ورئيس تحرير مجلة روز اليوسف كمال عبدالله اتبع شيطانه الخاص أيضا في التحقير والنظر إلى الثوار بسخرية وتجريم، بل وصل بقناة النيل الأخبارية في تلك الفترة أن قامت بإجراء مقابلات مع نساء ورجال كثر، تحدثوا عن أن حزب الله قام بتجنيدهم ضد النظام المصري وتلقوا منه مساعدات مالية وتم تدريبهم في الولايات المتحدة الأمريكية لإشاعة الفوضى والطائفية في مصر، وظلوا على هذا الموال الذي يستخف بعقول الناس في العالم، فمن شاهد عروضاً مسرحية كهذه التي كان يدبجها الإعلام المصري السابق قبل الثورة، سيعلم يقينا بأن هنالك أخطاء كبيرة ترتكب ضد شعب مصر وخللاً فادحاً جدّاً في هذا الإعلام الرجراج والمرتبك في الصورة والحدث، وهذا بالفعل ما تم اكتشافه لاحقا حين سقط (البابا).. فما كان من الشعب المصري إلا أن كنسه مع نظامه ووزير إعلامه وألقى بهم في أقرب سلة للمهملات، والإعلام السوري الأخرق يكرر نفس تفاصيل المشهد التي استغرقها النظام المصري السابق في التضليل والتشوية والتحريض.... وهذا ما سيفعله الثوار الأحرار الشرفاء لاحقاً في سوريا مع الدكتور طالب إبراهيم وعلى جمالو وغيرهما كثيرين – ذكرهم لا يشرف أحدا- الذين يشوهون مع سبق إصرار وترصد، وهذا ما يقال في مرافعة القانون أثناء تجريم المتهم بثبوت الأدلة والبراهين، لتشوية صورة الثوار الأحرار الشرفاء ووصفهم دائما في كل خبر أو مقابلة أو تقرير بالعملاء والخونة والمندسين والإرهابيين، والذين هم –الثوار الأحرار الشرفاء طبعا- لكل من يدرك الحقيقة على النقيض من هذا كله، وأنا أؤكد لك يا طالب إبراهيم أنت وشلتك أنكم سوف تعضون أصابعكم ندما ولو بعد حين، لأن هذا التشويه لصورة هؤلاء الثوار الأحرار الشرفاء هو تحريض عليهم لسفك دماء طاهرة ونقية أرادت الحرية والكرامة لك أنت وأمثالك أولا وإن هذه الحرية والكرامة أهم من (الحاجات التي تكلم عنها زعميكم في خطابه الأخير)، لأن الخبز ولقمة العيش المغموسة بالذل والهوان والاحتقار رفضها هذا الشعب منذ الخروج الأول للثوار الأحرار الشرفاء في درعا، صارخين في وجه القهر والقمع والطغيان (الموت ولا المذلة).
ولسوف تعلمون ذلك ولكن بعد فوات الأوان، فماذا أنتم قائلون لهذا الشعب السوري العظيم حين يسقط الصنم؟.
ولسوف تعلمون ذلك ولكن بعد فوات الأوان، فماذا أنتم قائلون لهذا الشعب السوري العظيم حين يسقط الصنم؟.
***
سياسة الحكومة الإيرانية أزيحت عنها كل تلك الصورة المثالية التي كنا نراها سابقا، كنا نحسبها متحلية بالفضيلة والحرية والكرامة والمثالية تجاه الشعوب، ولكن صمت دول الخليج وأصنامها التي سوف تسقط بإذن الله مهما طال الزمن، إذ الله لا يرضى بالظلم والقتل والقهر والفساد وإنه يمهل ولا يهمل، والحكومة الإيرانية ممثلة في علي خامنئي –مزق الله ظله- وأمينه العام حسن نصر الله صمتوا صمتاً مريباً مجللاً بالعار تاريخا، تجاه ما يفعله النظام السوري الفاشي ضد شعبه من تنكيل وتعذيب وقتل وتهجير.
***
يرجى الإشارة إلى المصدر عند النقل منه، وخصوصًا جريدة "وطن" الإلكترونية (www.watan.com) التي نقلت عن مدونة "مراحين" فنقلت عنها مواقع أخرى وأشارت إليها باعتبارها المصدر الرئيس!.