عادل الكلباني
لمقنيات فيضان من التاريخ والأحداث والذكريات، سُميت بهذا الاسم كما يقول الرواة لكثرة قنواتها المائية، فيها فلج (المحيدث) في الحاجر، عينه تنبجس من أم الفلج ويسقى به نخيل الفالق بساتين وضواحي.... وفلج (المُـدق) عينه تتفجر من أم الفلج في صلب الوادي ويمتد تقريبا لمسافة كيلو متر واحد ويسقي نخيل البلد حتى تصل حدود سواقيه البصرة وشاط، وفلج (القرواني) في الجناة يتدفق مخترقا غابات النخيل في روعة تدعو للدهشة من فن نحت السواقي للعمانيين القدامى إذ إن هذه التقنية الهندسية في الحفر تجعل المياه تسيل بانسيابية على مستويات وحدود منضبطة لا ثغرة فيها للسهو والخطأ.
***
ومما يزيد علامات التعجب والفخر في (الجناة أو الجنة كما يقول أهلها) كيف استطاع العمانيون القدامي زراعة هذا الكم الضخم من النخيل! في امتداد عمودي وافقي يجتاحك فردوسها من كل جانب ويغريك بمنظرها البديع، وإذا هفت نفسك الى نضرتها داخل ظلالها المعتقة برائحة النخل والتراب والماء والمشي على قدميك خصوصا إذا بدأت رحلتك الخضراء من مدخلها في الوادي الذي تقبع بالقرب منه شجرة (زام) ضخمة تفرد أحضان ظلالها كأم رؤوم فإنك ستقطع ما يقارب نصف كيلو متر تقريبا أو أكثر تسيح بعينيك في مداها الأخضر عن يمينك وشمالك تنوس فيها أشجارها الباسقات تعانق الضياء والمطر بالثمر النضيد.
***
وتسمى مقنيات (النبهانية) ربما لأن أحد ملوك النباهنة، الملك النبهاني فلاح بن محسن قبل أربعمائة سنة تحديدا في 792هـ، جعلها في أيامه مركزه، وبناؤه للحصن الأسود الذي سماه تيمنا بابنه الأسود- الحية لغة- فوق قمة جبل عتيد يحيط بالبلد من كل اتجاه يسيل الوادي تحته مباشرة نادرا ما نضب رغم سنوات القحط والجفاف، يعد فكرا استراتيجيا عبقريا لفن العمارة العمانية في استيعاب الجغرافيا لفهم الطبيعة في بعديها الزمني والمكاني وتطويعها فيما يخدم أهداف وتطلعات عمرانهم الراقي المتمثل في بناء هذا الحصن العظيم الشامخ تاريخ وحضارة.
***
تنقسم مقنيات إلى قريتين، أنصفهما الوادي كضفتين: حاجر وجناة.
قرية الحاجر وأشهر أمكنتها: (شاط، البصرة، المجيديرة، المقصورة، حارة غور النجوم، الجفيرات، حارة الصرندحة، الغبب، الفالق، بيت الجبل، بيت السيح، طوي العروس، طوي السحناة، المقاطع، طوي النخل، طوي سلام) - والطوي هنا البئر أو المزرعة.
قرية الجناة أو الجنة عند اهلها. لا أعرف لماذا رفعوا قديما ألف الجنة؟ وأشهر أمكنتها: (حصن الأسود، البدعة، معقل المطيري، صعبة، القرين، الطيخة، الناحي، البداع، العويرض، الخبة، السليل، الحارة، طوي الظاهر).
-----------------------------------------------------------------------------------
قصيدة الحاجــــر
الفجر يبدأ في وجهك
ويسافر نوراً ومرايا
**
يتجلى عطفك في نخلك
ونقطفه ثمراً وهدايا
**
مازال العصفور يغني
وصغاراً كنا نرقبه
ونقذفه بالأحجار
أولاداً وصبايا
***
أشجار المانجو شاهدة
والموز والليمون
وسماء ترسل أمطارا
يتدفق سيلاً وسواقي
***
مأ اجمل أيام الجدة
قصص وحكايا
وقمرا يزهر في الليل
يذرذر ذهباً في السعف
وينير طريق الماشي
***
طفولة عمري قد مرت
في أرضك
على دربك
وتهادى شوق وتحايا
***
شجرك.. ما أروع شجرك
ينهض طفل من غفوته
ويسابق لعبته في ظلك
ويشربك من فيض الذكرى
أزمنة في حب الحاجر
***
محجور عشقك في صدري
محجور
محجور
محجور
***
لو عاش في قلبي آخر
آه.. من هذا الآخــــــر
أتعبني وعذب دنياي
ذكراه.. تسطع في الحاجر
روحاً وريحان وحنيناً
يراوح
أمكنة لا تنسى
******************************
قصيدة الجناة أو الجنة عند أهلها
لماذا رفعوا ألفك في الماضي
ربما دلعا منهم... فللبلدان أسماء دلع أيضا
جنة أهلك
وجنة دارك
ومن زارك تلتحف عينيه باللون الأخضر
فطيبتك صافية كالماء
ونفوسك خضراء كالعشب
وأرضك أسفار للعشق
وضواحيك كالغابات
باسقة بالنخل
***
مروج سواقيك القادمة
من فلج القرواني
يمام هارب إلى حضنك
من أصقاع الأرض
***
من اليوم سأكتبك الجنة في حرفي
وسأرسمك الجنة في لوحة أشعاري
***
حفيف أشجارك يغريني بالظل
ورفيف طيورك يحلق بي في العالي
علني أنهمر قطرة مطر في عينيك
***
أفيضي علي من لحنك
فكل ما فيك دافق بالأشعار
***
ارويني كأساً من شهدك
سنغـني مع نخل الذكرى
فقد فاض النبع الرقراق
عُشاقاً
عُشاقاً
عُشاق.
لمقنيات فيضان من التاريخ والأحداث والذكريات، سُميت بهذا الاسم كما يقول الرواة لكثرة قنواتها المائية، فيها فلج (المحيدث) في الحاجر، عينه تنبجس من أم الفلج ويسقى به نخيل الفالق بساتين وضواحي.... وفلج (المُـدق) عينه تتفجر من أم الفلج في صلب الوادي ويمتد تقريبا لمسافة كيلو متر واحد ويسقي نخيل البلد حتى تصل حدود سواقيه البصرة وشاط، وفلج (القرواني) في الجناة يتدفق مخترقا غابات النخيل في روعة تدعو للدهشة من فن نحت السواقي للعمانيين القدامى إذ إن هذه التقنية الهندسية في الحفر تجعل المياه تسيل بانسيابية على مستويات وحدود منضبطة لا ثغرة فيها للسهو والخطأ.
***
ومما يزيد علامات التعجب والفخر في (الجناة أو الجنة كما يقول أهلها) كيف استطاع العمانيون القدامي زراعة هذا الكم الضخم من النخيل! في امتداد عمودي وافقي يجتاحك فردوسها من كل جانب ويغريك بمنظرها البديع، وإذا هفت نفسك الى نضرتها داخل ظلالها المعتقة برائحة النخل والتراب والماء والمشي على قدميك خصوصا إذا بدأت رحلتك الخضراء من مدخلها في الوادي الذي تقبع بالقرب منه شجرة (زام) ضخمة تفرد أحضان ظلالها كأم رؤوم فإنك ستقطع ما يقارب نصف كيلو متر تقريبا أو أكثر تسيح بعينيك في مداها الأخضر عن يمينك وشمالك تنوس فيها أشجارها الباسقات تعانق الضياء والمطر بالثمر النضيد.
***
وتسمى مقنيات (النبهانية) ربما لأن أحد ملوك النباهنة، الملك النبهاني فلاح بن محسن قبل أربعمائة سنة تحديدا في 792هـ، جعلها في أيامه مركزه، وبناؤه للحصن الأسود الذي سماه تيمنا بابنه الأسود- الحية لغة- فوق قمة جبل عتيد يحيط بالبلد من كل اتجاه يسيل الوادي تحته مباشرة نادرا ما نضب رغم سنوات القحط والجفاف، يعد فكرا استراتيجيا عبقريا لفن العمارة العمانية في استيعاب الجغرافيا لفهم الطبيعة في بعديها الزمني والمكاني وتطويعها فيما يخدم أهداف وتطلعات عمرانهم الراقي المتمثل في بناء هذا الحصن العظيم الشامخ تاريخ وحضارة.
***
تنقسم مقنيات إلى قريتين، أنصفهما الوادي كضفتين: حاجر وجناة.
قرية الحاجر وأشهر أمكنتها: (شاط، البصرة، المجيديرة، المقصورة، حارة غور النجوم، الجفيرات، حارة الصرندحة، الغبب، الفالق، بيت الجبل، بيت السيح، طوي العروس، طوي السحناة، المقاطع، طوي النخل، طوي سلام) - والطوي هنا البئر أو المزرعة.
قرية الجناة أو الجنة عند اهلها. لا أعرف لماذا رفعوا قديما ألف الجنة؟ وأشهر أمكنتها: (حصن الأسود، البدعة، معقل المطيري، صعبة، القرين، الطيخة، الناحي، البداع، العويرض، الخبة، السليل، الحارة، طوي الظاهر).
-----------------------------------------------------------------------------------
قصيدة الحاجــــر
الفجر يبدأ في وجهك
ويسافر نوراً ومرايا
**
يتجلى عطفك في نخلك
ونقطفه ثمراً وهدايا
**
مازال العصفور يغني
وصغاراً كنا نرقبه
ونقذفه بالأحجار
أولاداً وصبايا
***
أشجار المانجو شاهدة
والموز والليمون
وسماء ترسل أمطارا
يتدفق سيلاً وسواقي
***
مأ اجمل أيام الجدة
قصص وحكايا
وقمرا يزهر في الليل
يذرذر ذهباً في السعف
وينير طريق الماشي
***
طفولة عمري قد مرت
في أرضك
على دربك
وتهادى شوق وتحايا
***
شجرك.. ما أروع شجرك
ينهض طفل من غفوته
ويسابق لعبته في ظلك
ويشربك من فيض الذكرى
أزمنة في حب الحاجر
***
محجور عشقك في صدري
محجور
محجور
محجور
***
لو عاش في قلبي آخر
آه.. من هذا الآخــــــر
أتعبني وعذب دنياي
ذكراه.. تسطع في الحاجر
روحاً وريحان وحنيناً
يراوح
أمكنة لا تنسى
******************************
قصيدة الجناة أو الجنة عند أهلها
لماذا رفعوا ألفك في الماضي
ربما دلعا منهم... فللبلدان أسماء دلع أيضا
جنة أهلك
وجنة دارك
ومن زارك تلتحف عينيه باللون الأخضر
فطيبتك صافية كالماء
ونفوسك خضراء كالعشب
وأرضك أسفار للعشق
وضواحيك كالغابات
باسقة بالنخل
***
مروج سواقيك القادمة
من فلج القرواني
يمام هارب إلى حضنك
من أصقاع الأرض
***
من اليوم سأكتبك الجنة في حرفي
وسأرسمك الجنة في لوحة أشعاري
***
حفيف أشجارك يغريني بالظل
ورفيف طيورك يحلق بي في العالي
علني أنهمر قطرة مطر في عينيك
***
أفيضي علي من لحنك
فكل ما فيك دافق بالأشعار
***
ارويني كأساً من شهدك
سنغـني مع نخل الذكرى
فقد فاض النبع الرقراق
عُشاقاً
عُشاقاً
عُشاق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق