06 أبريل 2011

همس القلوب ونبض الأرض... نداء عمان لأبنائها

سعود الزدجالي
         
         (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا).
                                    صدق الله العلي العظيــــــــم
       لم أشارك في الاعتصامات لا في الغرب ولا في الشرق؛ لأسباب كثيرة راسخة في داخلي، تعد قناعات قوية، ومن بينها أن الإصلاح سبيل الشعوب في مجريات حياتها وشؤونها وتفاصيل مؤسساتها، وهو مؤسس على النظام المحاسبي اليقظ الذي يغفل ليلا أو نهارا، فالقانون يحتاج إلى حراسة، والدول تحافظ على نظم العدالة بطرق وأساليب قوية لا تفسح المجال لذي سلطة أن ينال من القانون أو يفلت من العقاب، وهذا هو العرف الدولي في مجتمع المدنية الحقة، والمواثيق التي يحترمها الشعوب.
       ولكن الاعتصامات والمظاهرات السلمية أمر طبيعي في حياة الشعوب، وكانت رائعة في عمان؛ لأنها متحدة الوجهة واضحة المعالم والمطالب، ولا سيما إذا وجدت الشباب المثقف العالم بالقانون حتى لا يستغل مساراتها الغوغائية، وهي ظواهر كونية وسنة ماضية أرادها الله تعالى؛ لتشكل حراكا محددا، فكما أن الله يغير معالم الأرض في حقب كثيرة كما شهدنا كوارث طبيعية ترينا أن الناموس الإلهي ناموس جبار مخيف، يأتي دونما سابق إنذار؛ كذلك أودع الله تعالى في البشرية نوازع الخير والشر وكلها تؤدي إلى التغيير الذي أراده الله وربما غير الله أمة كاملة بفسادها على الأرض وأتى بخلق جديد.
ولا يخفى على العاقل أن هذه الظواهر البشرية في طبيعتها لا تخلو من مضار؛ إذ الناس مختلفون، فكما أننا نجد في الأنظمة الحاكمة من يستغل الوضع للنهب والمحسوبيات والفساد وجمع الأموال؛ كذلك نجد في المظاهرات والنوبات البشرية من يستغل الوضع لمآربه أو لأيدلوجياته، وآخرين ينجرفون وراء كل تيار ويستجيبون لكل ناعق، وآخرين تحلوا لهم هذه النوبات والمشاركة فيها ليدخل في سياج الثقافة، وكل ذلك أمر طبيعي والهدف السامي سيبقى للأرض والوطن ورموزه الجامعة لشتات الفكر والأيدلوجيات إذ المصلحة واحدة والأرض واحدة والقائد واحد ولن نرضى إلا به حفظه الله تعالى وأدامه.
       ولكن المظاهرات والاعتصامات في عمان تنبع من نور الإله الذي لا ينتمي إلى تيار فهي خالية من الشخصنة والجهوية والتعصب المقيت، فهي من زيتونة لا شرقية ولا غربية تنتمي إلى تربة واحدة إلى عمـــــــــــــــــــــــــان، لقد تناغمت هذه الأحداث مع الأرض والطموح ورسمت في أذهاننا روائع اللوحات لمستقبل جميل كنا نلونها كل يوم بلون؛ يومها كنا مبدعين من نوع آخر، وقد تأملت الحدث منذ ولادته فكانت تثلج صدري ومشوبة بقلق أكاد أطرده أحيانا للبعيد فيعاودني من جديد لأمر ما بداخلي لن أظهره الآن.
وتأملته من جديد فوجدت في أعماق نفسي البعيدة أن الله تعالى يحب هذا الرجل العظيم الذي تولى زمام عمان وزمام قلوبنا منذ عنفوان شبابه، فانشغل عن نفسه بنا، ومازج بمشاعره الأرضَ والإنسانَ فتماهى كأنه يشكل في نفسه بنا وحدة الوجود التي أرادها ابن عربي في فتوحاته، وطالما ذكَّرني هذا التأمل بواحد من خلفاء بني أمية العظام في الأندلس أولئك الذين صنعوا تاريخا للأرض؛ إذ حكم الأندلس خمسين سنة ولكن تساءل في نفسه ذات مساء ونظر إذا كان ثَمَّ ليلةٌ سعيدةٌ في مدة حكمه فلم يجد إلا واحدة، فقال: لتعلموا أيها الناس ما يكابده الملوك.
       إن الله يحبه قائدا كريما حليما رحيما بشعبه، يحبه لأنه لا يعرف لنفسه ذريةً غير هذا الشعب الكريم، ينتمي إليهم بعواطفه وشعوره وآماله وهمومه، يحس بنبضهم في كل مرة، أحبه الله تعالى فسخّر له الشباب المخلص ليكشفوا له بعض الحقيقة، في رجال أعطاهم الثقة ونظر إليهم من منظار نفسه الكريمة المخلصة، فكان يعتقد أنهم مخلصون مثله ولكنهم كانوا ينشبون أظفارهم لينالوا من الشعب البسيط في مقدراته التي بناها لهم في أرضهم القابعة بأمان في أقاصي الجزيرة، تلكم الأرض التي تحتضن كل يوم ضياء الشمس لترسله دافئا إلى الوطن العربي بسلام لا يعرف حقدا ولا يشارك في مؤامرة أو مكيدة، ليعلن لهم أن يوما جديدا ولد الآن في عمان فبدأ يعانق قلوبكم.
        لقد هبَّ كمثله في كل مرة، فوضع يده الكريمة الدافئة على صدر عمان فأحسسنا ببردٍ يعانقنا ويختلط بدمائنا فأزال الغمة وأنار الدرب، لقد تربع من جديد في قلوبنا بحلمه وحكمته، وتلك من علامات حب الله تعالى له حينما يجعله الناس فوق كل اعتبار وفاء لحقه إذ ينادي جبريل العظيم قلوب العباد أن الله تعالى يحب فلانا فأحبوه.
        لقد كان حاضرا في كل ساحات الاعتصامات مخيفا للفاسدين، وكان حاضرا في شفاه أطفالنا، وأدعية أمهاتنا، ولافتات الشباب ونداءاتهم، وبياناتهم به يبدؤون ويختتمون، وله في المنتديات الإلكترونية حضور، وفي منابر الجمعة حضور آخر، ويتنقل في نوافذ سياراتنا، وشاشات هواتفنا الصغيرة، ولكنه كان في القلب نابضا كدمائنا النابضة، وكانت أقلامنا تأبى أن يمر يوم يكون لها ذكر لشيء من عطائه المتجدد.
      هذا الشعور الجياش الذي تحسون به الآن لا أجد غيره تعريفا لشرعية الحكم البشري على الأرض، شعور كان ينطلق في كل أطياف مجتمعنا العماني نسيجا متفردا لا يضاهيه نسيج لم يخل منه أحد من الناس.
     إن لله تعالى عبادا ما خلقهم إلا لحاجة عباده وتدبير شؤونهم على الأرض هم خلفاؤه على عباده يترجمون رحمته فيهم، وله مصلحون على رؤوس الزمان وحِقَبه يجددون الدماء ويسقطون الإصر والأغلال عن شعوبهم لتنطلق الحريات من جديد، إنه مصلح دون تصفيق، ودون نداءات فارغة كغيره من الفارغين الذين لا هم لهم إلا مقارعة الآخرين والحروب الكلامية وشعوبهم لاهثة وراء السراب فلا تسمع في خطابهم جملة مكتملة الأركان أو المعنى، نموذج رائع ينتمي إلى الطهر والنقاء.
      وكانت استجابته لشعبه حقيقة ماثلة يبرهن برهانا لا اعوجاج فيه على قدرته الفذة على العطاء، ولم تكن الاستجابة من فراغ وإنما من قلق كان يكابده ويعالجه في داخله لا تستطيع النفوس حمله أحيانا، ولكن للحلم والحكمة قبضة أبوية حانية منها انطلقت حرياتنا بأمان غريب.
      لقد قادني التأمل في الحدث إلى استحضار كثير من الصور التي كانت منمنمات ملونة متناغمة حملت في كامنة النفس همَّ الوطن، ولا سيما من أولئك الذي عايشوا البناء من مهده، كما الموقف الذي كان من سماحة المفتي في وعظه وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر إذ بدأ بالمسؤول الذي يحمل الأمانة على عاتقه؛ لأنه كان يعرف بعمق نظرته إلى حقيقة ما يدور، ذكرني موقفه بصوته الذي كان ينبعث من بيت جارنا الذي اعتاد أن يعلق المذياع على أطراف العريش وربما فهم شيئا من حديثه العميق وربما لم يفهم، ولكنه ما يزال مستمعا؛ أدركت عندها أن الرجل يلم الشعث بمشاعر الأبوة وكيف لا يكون وهو الذي عايش القائد المفدى في كل لبنة من لبنات الدولة، كيف رفعت؟ ومتى رفعت؟ والملاط الذي ينتظم النسيج المترابط، وتذكرت موقفه وإسهامه في التسامح الذي يعتبر أهم سمات القائد المفدى وشمائله، والذي يجب أن يكون من سمات شعبه كذلك.
      سيستمر الدفق الدافئ للبناء، سيجري الماء عذبا في أفلاجنا، ستعانق الأمواج شواطئنا، ستدعو الأمهات في كل صباح أو مساء، سيهتف أطفالنا ببراءتهم باسم عمان، سنستقبل تباشير قيظنا الرائع بحرارته المعهودة من جديد ولكنه هذه المرة أكثر حرية وروعة.
    وتأملت الحدث من جديد فاستحضرت صورة الشهيدين الذين ودعا عمان وأرضها ونسائمها ولكنهما في قلوبنا نتذكر بهما الأحداث بكل إيجابية، وهذا دأب الظواهر البشرية التي تريد التغيير وربما تأتي التضحيات دونما قصد، ولكنه يبقى فعلا آثما مقيتا لا نحبه ولا نرضاه أيا كان مصدره، واليد التي اقترفت هذا الإثم يد شلاء آثمة خالفت إرادة الله تعالى في بقاء الإنسان، يد أصابت البشر كلهم حينما أصابت واحدا منهم، كانا ماكثين على الأرض حينما سقطا شهيدين والناس غافلة عنهما، وكان الأولى أن تسارع إليهما يد الإسعاف والإنقاذ لتعلموا مهانة الإنسان إذا أهين، ولكن القرآن الكريم وهو يعد القتل أبشع جريمة مقصودة أو غير مقصودة لا ينسى استمرار الحياة، ولا يريد التوقف، أو ينسى التسامح ووشائج القربى والأخوة، لنشر الطمأنينة من جديد عندما تكون القلوب مفعمة بالعطاء فيقول الله تعالى : (فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان) وعلى الدولة ألا تنسى ذلك كله، وأن تعمد إلى لجان حرة تتحقق من الجريمة، وعليها أن تدرك تماما أن المراجعة في غاية الأهمية في مثل هذه المواقف، وعلى الناس ألا يتخذوا ما حدث قميص عثمان بيد معاوية عفا الله عنهم أجمعين.
    وتأملت الحدث فوجدت الناس أحيانا يخلطون الأمور، فينسبون كل فعل شنيع إلى طائفة الشباب المثقف الواعي الذي أسهم بفعالية في مدافعة الخراب ومتابعة الإصلاح، وشكلوا لجانا ضد المخربين السفهاء، الذين لا تمنعهم ضمائرهم الخربة من ممارسة هذه الفعلة الشنعاء أو تلك، ولا أدري كيف تمتد يد بالفساد إلى العدو فضلا عن الوطن والمواطنين، وكأنهم يسعون بالفتنة بين الناس، هؤلاء نموذج صوره الله تعالى بقوله: (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد).
    فليس لأحد أن يوزع الاتهام للآخر دونما تورع، ولا سيما أولئك القابعين بعيدا عن الحدث، وأولئك الذين أرهقتهم الراحة والدعة في بيوتهم وسياراتهم الفارهة فلا يعرفون قاموس الناس البسطاء، ولا سيما أن مصدر المعلومات في الحدث واحد وهو الأمن، أما الإعلام فهو غائب عن المشهد برمته، وعلى الناس أن تتساءل عن غيابه، ومن هنا كان علينا أن نراجع أنفسنا بدل التجريح للشباب الذين اعتقلوا بأسلوب لا يتوافق مع العرف والإنسانية والقانون، سائلين الله تعالى أن يكشف الغمة عنهم ليستمر العطاء.
    وهذه الأفعال هي التي قادت الأبرياء من المصلحين إلى الاعتقال بأسلوب لا يرضاه العرف ولا القانون، أو ربما في الأمر حقيقة أخرى والله تعالى سيكشفها، وعلى الشباب أن يصبروا فسوف يكشف الله تعالى الحقائق، وعليهم أن يضحوا ولو بأنفسهم ليميتوا الفتنة ويتابعوا الإصلاح ومشروعه الكبير، حيث إن التنازلات والتضحيات من أسس البناء، وهؤلاء الشباب علينا ألا نجرحهم في شيء في مشاعرهم لدورهم الكبير الذي لا تنكره العين والبصيرة حفاظا على الوحدة الوطنية واللحمة الرائعة حول القائد والحبل المتين، ولن يترك القائد أمثالهم من الأحرار حتى يحمي فكرهم قبل أجسادهم لأنهم نتاجه الرائع وبناؤه للإنسان قبل الأرض، فقد نادى من قبل أن الفكر والرأي لن يسمح بمصادرتهما، والدولة بحاجة ماسة إلى التأمل لمتابعة الإصلاحات، فلا فائدة في السرعة التي قد تنتج قرارات تحتاج إلى دراسة وتريث، فليست المراسيم السلطانية أمرا هينا حتى تتم صناعتها في كل لحظة سريعة أو عابرة، لن يقف القائد المفدى عن متابعة الإصلاح، ولن يترك المنجز الحضاري يضيع بين يديه وقد بناه بفكره وأنامله، ولن نترك للتيارات اليمينية واليسارية فرصة لتعبث بنا أبدا.
    يا شباب الإصلاح فلتعذرنا قلوبكم إذا أخطأنا في حقوقكم، أو تنازلتم لأجل الوطن بشيء منها، فقد تنازل الحسين بن علي بن أبي طالب بن بنت رسول الله عن الخلافة لأجل الحفاظ على وحدة الأمة، وقد تنازل النبي في مواطن كثيرة لأجل الوحدة كما فعل يوم الحديبية، وربما ساقه الضغط من أصحابه إلى اتخاذ قرار يعلم عواقبه بفكره قبل نبوته، كما فعل يوم أُحُد، وهؤلاء هم العظماء، ولقد رأيت تلكم النداءات الفارغة في المنتديات التي تشوه صورة الشباب وتخلط بينهم وبين المخربين المراهقين والغوغاء الذين ربما ساعد الفراغ في تكوينهم الأخلاقي فهم من نتاج الفساد؛ الفسادُ الذي كان يفترس بين أيدينا كل شيء، ولنا بعد ذلك أن نتقاسم الفتات ونغني ونهتف، وتلكم النداءات مهما كان مصدرها تقلق الموقف وتزيد الفجوة وتدعو إلى الفتنة ولا تعدو كونها معركة باردة تؤدي إلى عواقب وخيمة فتخلق تلك الساحة الحربية الكلامية المزعجة، وهذه النداءات التي تخلو من الأخلاق وتتعرى منه تزيد من الغثيان اليومي الذي نحس به، وعلى شباب الإصلاح أن يتحملوا تلكم الصيحات التي سيكف أصحابها عن إصدارها لأجل الأخوة العظيمة التي تربطنا جميعا، وهذا السباب والنيل من الناس وأعراضهم في المنتديات أمور منكرة مهما كان مصدرها، وفي كل الأحوال لقد نال الناس على مر التاريخ من الأنبياء والقادة والعظماء وتلك سنة ماضية تزيد الخيرين من البشر ثباتا ورسوخا وعلى الأمة العربية أن تخرج من العالم الثالث بفكرها قبل صناعاتها ومدنيتها، فالأمم الراقية لا تعرف شيئا من هذه الظواهر إنها تحترم الآخر قبل احترام النفس فكونوا جميعا كقول الشاعر:
كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعا         يُرمَى بصخر فيلقي أطيبَ الثمرِ
    فقد كنت أقرأ من بعيد أحيانا في المنتديات والحارات أن الناس يؤثرون ترك القضية إلى الطعن والتجريح في الأنساب والوطنية وهي أمور يرقى عنها الرجال والنساء وهي منكرة يمقتها الله تعالى ويحاسب عليها، لن يكون هناك فكر دون أخلاق، وترك المِرَاء أفضل من الجدال الخالي من الأخلاق، والأخوة والتعاون أعظم عند الله تعالى درجة من هذه المهاترات التي لا معنى لها؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم وكفى به معلما: " ثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في الأنساب والنياحة على الميت".
    وقال: "إن أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا، وإن أبعدكم عني مجلسا الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون". إن للصمت معنى إذا كان الكلام خليا منه.
    هل خلقت الاعتصامات حريةً وجرأة على الأعراض والحرمات كما خلقت حرية على الفساد؟ أم أن انتماءات بعض الناس ووطنيتهم الزائفة تجعلهم ينالون من غيرهم، فليكن الفساد في الأموال حتى لا يكون على الأعراض والأخلاق؟ إنكم جميعا بشر متساوون في الموت والحياة، وحينما كرمكم الله تعالى ناداكم بإنسانيتكم لا بانتماءاتكم فقال ولكن تدبروا وأنتم تقرؤون: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا).
    تفاضلوا فيما لكم فيه فضل في وجوده كالإيمان والأخلاق لا الأصول والأنساب، واعلموا أن الشقاق لن يؤدي إلى القناعات مهما كنت قوي الحجة والبرهان، ومهما بلغ الإنسان في جريمته فإن الذي يجادل أو يهاتر لا يصل في ذنبه إلى فرعون الذي علا في الأرض وجعل أهلها شيعا، يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم، ونصب نفسه إلها، ولكن الله تعالى حينما أراد خطابه حماه بأدب نبوي كريم فقال لموسى: (واصطنعتك لنفسي اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنيا في ذكري اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى)، وهذا الخلق الكريم هو اللقاء بين الإلهي المتعالي بالبشري في أرضه، وهي نقطة الارتكاز لينطلق الحق.
    سلام عليكم أيها الشهداء... تحية مفعمة بخالص الدعاء مثلجة لصدور أمهاتكم، سلام عليكم أيها الشباب الذين اعتقلوا بذنب أو بغير ذنب والذين انتهكت بيوتهم وأعراضهم...
    تحية ملؤها الإجلال لقائد المسيرة المظفرة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه.
    قفوا إخوتي الكرام لتنطلقوا من جديد، واهجروا الفتنة كلها فلا ينبغي لكم ذلك ابحثوا عن الحقائق، تكلموا في الحق، ساعدوا المواطنين، اسعوا في حقوقهم، عاركوا الفساد وأظفاره، تحرروا من شهوة التعالي والتفاخر الفارغ الذي يدعو إلى سخرية الشيطان منا، وهو الذي ما يزال يذكر طينة آدم عليه السلام، ويستهزئ بتعاليكم الذي يستحق الشفقة.
    وسيستمر الإصلاح والكفاح والعطاء، وسيموت الفساد في قلوب أصحابه، وستقف الفتنة بالتضحية والصبر والتسامح والحب والعطاء، ولأجل عمان سنلتزم كل خلق رفيع وسنضحي.
وإنني على يقين لا يخالطه الشك أن مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله تعالى ورعاه وأيده بملائكته وجنده بيده باقة رائعة لمزيد من الإصلاح، فعلى رسلكم جميعا أيها الأعزاء الذين تجري دماؤكم بحب عمان الأبية.
وأخيرا... يقول جبران: "ليست حقيقة الإنسان بما يظهره لك، بل بما لا يستطيع أن يظهره، لذلك إذا أردت أن تعرفه فلا تصغ إلى ما يقوله بل إلى ما لا يقوله".

ليست هناك تعليقات: